افتتح الملتقى الأدبي أولى جلساته لهذا العام بمناقشة
عدد من الأعمال الأدبية للروائية فاطمة المرنيسي، إضافة إلى مناقشة مواضيع مختارة من
ملحق «الاتحاد الثقافي»،
ومنها: «الفن الإسلامي سر ثراء العالم» لأوليغ غرابار، و«أمبيرتو
إيكو والسخرية ما بعد الحديثة» لفتحي المسكيني، و«الحب سلاح المواجهة» لحنا عبود، وذلك
مساء الثلاثاء في منزل السيدة أسماء المطوع صاحبة الملتقى بأبوظبي. وقد اقترحت أسماء
أن يتم في كل جلسة اختيار موضوع أو أكثر من «الاتحاد الثقافي» لمناقشته، إضافة إلى
الرواية المختارة، مشيرة إلى أهمية المواضيع التي تميز الملحق، فهو يضيف ثراء ثقافياً
وتنوعاً عالمياً للقارئ، ويضفي مزيداً من التفاعل معه.
وانتقل النقاش إلى مسيرة الروائية وعالمة الاجتماع
المرنيسي والإضافات التي أثرت بها الأدب العربي والعالمي، من خلال تركيز كتاباتها على
الإسلام والمرأة والمساواة، إضافة إلى اهتمامها بالكتابة عن حقوق الإنسان، وحقوق النساء
والديمقراطية في العالم العربي والدول الإسلامية.
جرى النقاش حول رواية «ما وراء الحجاب»، ثم انتقل
إلى «نساء على أجنحة الحلم» التي تعتبر بمثابة السيرة الذاتية للكاتبة، وقد حازت أغلبية
الآراء لما عبرت فيه الكاتبة عن أوضاع ومعاناة المرأة في فترة الأربعينيات، وقت كان
المغرب موضع نزاع بين فرنسا وإسبانيا، وما اختزلته ذاكرة الطفلة من سرد الحكايات التي
كانت تجيد سردها العمة حبيبة، واستعراض المشاهد المسرحية التي تقدمها زوجة العم شامة
على سطح البيت، وهو المسرح الصغير الذي تدور عليه أمام النساء والأطفال حكايات تناسب
أعمارهم وتحمل أشياء من الواقع الذي يأتي عبر قصص من التاريخ، إضافة إلى العروض السينمائية
التي كان النساء يذهبن خفية إلى دار السينما في فاس لحضور بعض الأفلام أو الاستماع
إلى ما تقدمه الإذاعة المصرية من أخبار.
اتفق الجميع على أن سرد العمة كان بمثابة غذاء فكري
وروحي أسهم في ترسيخ حب الأدب عند المرنيسي، هذا ما جاء في حديث السيدة المطوع: «وجدت
في آراء فاطمة المرنيسي ذاكرة تحمل الصيرورة»، حيث تطرقت بكتاباتها إلى مواضيع كبيرة
ومهمة مثل معاناة المرأة ونصرتها، ولأن السيدة أسماء درست الأدب الإسلامي المعاصر ومن
خلال قراءتها لرواية المرنيسي «ما وراء الحجاب»، أشارت إلى أن الكتاب يوضح بعداً مهماً
من أبعاد الدين، بعداً ربما كان متجاهلاً، لأن البعض عادة يخلطون بين الدين والروحانية،
بينما تعيدنا المرنيسي بالدين إلى البداية أيام الرسول والصحابة.
ثم عاد النقاش إلى رواية «ما وراء الحجاب» التي
أكدت أن عمق التعصب هو الاستعمار، وأيضاً الزواج المتعدد، وما عانته المرأة من ظلم
في عالم يهيمن عليه المجتمع الذكوري بعاداته الصارمة المتوارثة عبر الأجيال، في ذلك
الوقت الذي كانت تعتبر فيه المرأة قاصرة وعورة، وكانت مقيدة وتعامل معاملة قاسية من
الرجل. وجاء في مداخلة أخرى: أتت المرنيسي بفكرة جديدة وغريبة لكن حلوة أعجبتني كثيراً،
وهي أن ترى الحياة من نظرة طفلة صغيرة، فاطمة البنت الصغيرة صنعت لنفسها عالماً تخيلياً،
تسير به بعيداً عن السجن الكبير والجميل، هو البيت العائلي، في داخله أحلام كثيرة وتساؤلات
عديدة، إلا أنها أحياناً لا تجد لها أجوبة، مثل حريم فاس، حريم العائلة خلف الأسوار
التي تحكمها الحدود والتقاليد الصارمة، والكل يحلم بالسعادة خلف هذه الأسوار واكتشاف
العالم الثاني والعيش بلا حدود، حيث تعاني من الكتم والحرمان.