عن الوسط البحرينية
تبرز أهمية كثير من آداب العالم، حين يتم اكتشافها، أو التصدِّي لتقديمها إلى العالم من قبل جهد فردي، وخصوصاً إذا كان العمل شاقاً من حيث موسوعيته، ومن حيث امتداده.
سؤال يبرز في دوائر الأدب والنقد الأوروبي والأميركي يتعلَّق بالسبب الكامن وراء عدم معرفة كثير من المعنيِّين والمهتمِّين بالرواية خصوصاً، بأعظم ما أنتجه الأدب الصيني؟ ينسحب ذلك التساؤل أيضاً على أمم أخرى، من بينها الهند على سبيل المثال، وأعمال عربية كذلك، لم تحظَ بأدنى اهتمام من قبل تلك الدوائر، حتى بعد فوز العربي الوحيد: نجيب محفوظ بجائزة نوبل في الآداب في العام 1988.
«حلم الغرفة الحمراء»، التي كتبها الصيني تساو شيويه تشين، تصدَّى لترجمتها العالم والباحث في الثقافة الصينية والمترجم البريطاني الشهير ديفيد هوكس (ولد في 31 يوليو/ تموز 1923، وتوفي في 31 يوليو 2009)؛ حيث يضيء تقرير مايكل وود الذي نشر في صحيفة «الغارديان»، يوم الجمعة (12 فبراير/ شباط 2016)، جانباً من العمل الكلاسيكي الخالد، متخذاً له عنوان: لماذا تظل أعظم رواية صينية غير معروفة في الغرب؟ هنا جانب منه.
عندما كنت طالبَ دراسات عليا في جامعة أكسفورد قبل سنوات عديدة، كنت شريك سكن مع ألماني رائع متخصِّص في الثقافة الصينية، وكان من عادته أن يدفعني إلى أن أُزيح الترجمة عن اهتمامي، بلحيته المُمسَّدة وابتسامته المثيرة قال لي: «جرِّب هذه... ستستمتع بها حقاً». عديد من الأشخاص الذين يزوروننا هم ممن يقطنون شارع أبينغدون، وفي إحدى الليالي وحول طاولة الطعام في المطبخ التقيت شخصاً رائعاً، رشيق الهيئة ذا شعر أبيض ومُلْتحٍ، له عين مليئة بالوميض اسمه ديفيد هوكس.
اللغوي الموهوب
لغوي موهوب، كان قد وجَّه وساعد عدداً ممن يعملون على فكِّ الشفرات اليابانية في وقت مبكِّر من القرن العشرين، خلال الحرب العالمية الثانية. كطالب في جامعة بكِّين، قُدِّر له أن يكون حاضراً في تيان آن مِن؛ أو ميدان السماء (ساحة تقع في وسط العاصمة الصينية «بكين»، تصل مساحتها إلى 440 ألف متر مربع، وتُعدُّ أكبر ميدان من حيث المساحة في العالم) في العام 1949 عندما أعلن الزعيم الشيوعي الصيني ماو تسي تونغ جمهورية الصين الشعبية. في وقت لاحق، كمعلِّم، قام بإنجاز ترجمة رائعة لـ «أغاني الجنوب»، والتي تُعد جزءاً من الإرث والتقاليد الشعرية، وتتجاوز في قيمتها أي عمل قد تمَّت المحافظة عليه في الغرب، ليصبح هوكس بعد ذلك أستاذاً للصينية في جامعة أكسفورد، ولكن، على حدِّ تعبيره: «لقد استقلت من عملي من أجل تكريس وقتي لترجمة رواية صينية ... حسناً، الرواية الصينية». كان الكتاب الذي عمل على ترجمته هو «حلم الغرفة الحمراء»، المعروفة أيضاً باسم «قصة الحجر» التي كتبها الصيني تساو شيويه تشين.
بالعودة إلى الرواية يمكننا الوقوف على الرؤية النقدية لأنتوني ويست التي أطلقها حول الرواية قائلاً، إنها «واحدة من الروايات العظيمة في الأدب العالمي... وهي بالنسبة إلى الصينيين تماماً مثل بروست بالنسبة إلى الفرنسيين أو كارامازوف بالنسبة إلى الروس».
أنهى هوكس في نهاية المطاف مسعاه الكبير بمساعدة ابنه في القانون جون مينفورد، الذي أنجز مجلَّدين من أصل خمسة، وتم نشرهما من قبل دار «بنغوين» بين عامي 1973 و 1986.
الرواية/ الملحمة
استُقبلت ترجمة هوكس بحفاوة بالغة باعتبارها تقديماً لواحدة من التحف الإبداعية، وباعتبارها عملاً عبقرياً و «مرشَّح لأن يكون كتاب الألفية». عندما أعطيت نسخة لأعمال شكسبير لرئيس مجلس الدولة الصيني، ون جيا باو أثناء زيارته الرسمية إلى المملكة المتحدة، قدَّم السفير الصيني الجديد فو يينغ إلى الملكة إليزابيت ترجمة هوكس لـ «حلم الغرفة الحمراء».
الرواية هي ملحمة من القرن الثامن عشر الميلادي و «تعد من أفضل الروايات الكلاسيكية الصينية. من خلال تجارب تشين المعيشية التي تقلَّبت بين الغنى والفقر. كان جدُّ تساو شيويه تشين يحظى بثقة ودعم من الإمبراطور، كانغ شي، وقضى تشين أيام طفولته في أسرة غنية للغاية ولكن طرأت تغيُّرات كبيرة على أسرته وانتقلت من الجنوب إلى بكين، واختبر الشاب السعادة والشقاء في حياته الاجتماعية. وفي أيام شيخوخته سكن في ضاحية بكين الغربية وعاش معيشة فقيرة جداً وكتب 80 باباً من الرواية».
تناولت الرواية جميع الفئات الاجتماعية في الصين حينذاك بما فيها الإمبراطور وأقرباؤه والمسئولون والأمراء والخدم ورجال الدِّين والتجَّار والفلاحون وغيرهم ووصفت المراسم والتبادلات والاحتفالات في المجتمع وممارسات العمل وغرس الأزهار والأشجار للمواطنين العاديين والطب والتنجيم والغناء والفنون وجسَّدت مجالات عديدة في عهد أسرة تشينغ الملكية.
«حلم الغرفة الحمراء» كتبت في العام 1750 «من قبل فنان كبير منحها شريان حياة يمكن به أن تستمر في الحضور لعقود»، وتمَّت طباعتها في العام 1791، ولكن لا يزال الجدل يحيط بالنص. هنالك قصة كانت تخضع للرقابة عملت على هجاء الشخصيات المتنفذة والبارزة في المجتمع الصيني، وقد كان هجاء صريحاً جداً.
إشكال النص الحاضر
هنالك نقاش أيضاً حول ما إذا كان النص الذي بين أيدينا هو في الصورة التي قدَّمها المؤلف نفسه. هنالك نهايات مختلفة ظلت حيَّة ومفتوحة. علينا أن نستحضر كاتباً يُدعى «قاو إي» يزعم أنه نشر نسخة كاملة وفقاً لما كان يرغب الكاتب نفسه أن تكون عليها. اليوم، هنالك ما يُعرف بـ»redology»، وهو مبحث يدرس رواية «حلم الغرفة الحمراء»، ذلك الذي يحظى باهتمام واسع، واستحوذ على كثير من الفعاليات في الصين؛ حيث يتسع نطاق وجوده في هيئة مؤتمرات ومجلات سنوية وغيرها من المطبوعات، فيما المخطوطات مازالت تجد طريقها إلى النشر، ولا تزال أسرار العمل من دون حل للغموض الذي يكتنفها.
تمنحنا نسخة هوكس الثمانين فصلاً الأولى مما كتبه تساو وتم تنقيح وصياغة آخر 40 فصلاً من قبل قاو إي، ومن الإنصاف أن نفترض بأنه كان يعتمد على مشروع غير مُكتمل، ومن الواضح أيضاً أنه عرف ما كان المؤلف قد خطط له. إنه نوع مختلف عن الروايات التي أنتجها الأدب الصيني في وقت سابق مثل: «رومانسية الممالك الثلاث»، الرواية التاريخية التي يتحدَّد زمن أحداثها في القرن الثالث، وهي الفترة التي شهدت سنوات الاضطراب التي عانت منها البلاد قرب نهاية عهد أسرة يان، وعصر الممالك الثلاث في التاريخ الصيني. وضمن إطار أسطوري خيالي تاريخي، تتناول القصة جوانب من حياة الإقطاعيين وخدمهم، ممن دخلوا في منافسة في محاولة لإعادة أسرة هان إلى الحكم، أو التخلص منها، وكانت في طور الانهيار في تلك المرحلة التاريخية.
800 ألف كلمة و 1000 شخصية
الرواية هي واحدة من أهم الكلاسيكيات في الأدب الصيني، ومن بين ما تتميز به أنها تتألَّف من 800,000 كلمة و 1,000 شخصية ضمن 120 فصلاً؛ علاوة على الأغاني والقصائد التي تمتلئ بها الرواية.
وكما قال تساو نفسه: «لقد قدَّمت الرواية الفشل الذريع الذي انتاب حياتي، لقد وجدت نفسي يوماً في خضمِّ الفقر والبؤس».
الكتاب كما هو في نسخة «بنغوين» يمتدُّ إلى 2500 صفحة، ويمثل حجمه ضعف حجم رواية «الحرب والسلام». هي رواية من الصعب أن تنسجم معها في بداياتها نظراً إلى الشخصيات التي لا تُعدُّ ولا تُحصى؛ حيث تتضمَّن 40 شخصية رئيسية؛ عدا الأخرى الهامشية؛ علاوة على الأسماء الصعبة. لكن بمجرد أن يتم التوغَّل في العمل، سيكتشف القارئ أنه أمام كتاب يمكن أن يلتحم معه ويزجَّ بنفسه فيه. فهو ليس مثل أي عمل في كل ما عرفه الأدب.
يُذكر أن ديفيد هوكس عالم وباحث في الثقافة الصينية ومترجم بريطاني شهير، ولد في 6 يوليو/ تموز 1923، وتوفي في 31 يوليو 2009. درس لغة الماندرين الصينية واليابانية في جامعة أكسفورد بين عامي 1945 و 1947، قبل أن يلتحق بجامعة بكين للدراسة فيها ما بين 1948 و 1951. عاد إلى أكسفورد، حيث أكمل درجة الدكتوراه، ليصبح فيما بعد أستاذاً في الجامعة نفسها. استقال من عمله في العام 1971، ليركِّز بشكل كامل على ترجمته لـ «أحلام القصور الحمراء»، وفي ترجمة أخرى «حلم الغرفة الحمراء»، والتي نُشرت في ثلاثة مجلدات بين عامي 1973 و 1980. تقاعد في العام 1984، وعاش بقية حياته في ويلز.
تبرز أهمية كثير من آداب العالم، حين يتم اكتشافها، أو التصدِّي لتقديمها إلى العالم من قبل جهد فردي، وخصوصاً إذا كان العمل شاقاً من حيث موسوعيته، ومن حيث امتداده.
سؤال يبرز في دوائر الأدب والنقد الأوروبي والأميركي يتعلَّق بالسبب الكامن وراء عدم معرفة كثير من المعنيِّين والمهتمِّين بالرواية خصوصاً، بأعظم ما أنتجه الأدب الصيني؟ ينسحب ذلك التساؤل أيضاً على أمم أخرى، من بينها الهند على سبيل المثال، وأعمال عربية كذلك، لم تحظَ بأدنى اهتمام من قبل تلك الدوائر، حتى بعد فوز العربي الوحيد: نجيب محفوظ بجائزة نوبل في الآداب في العام 1988.
«حلم الغرفة الحمراء»، التي كتبها الصيني تساو شيويه تشين، تصدَّى لترجمتها العالم والباحث في الثقافة الصينية والمترجم البريطاني الشهير ديفيد هوكس (ولد في 31 يوليو/ تموز 1923، وتوفي في 31 يوليو 2009)؛ حيث يضيء تقرير مايكل وود الذي نشر في صحيفة «الغارديان»، يوم الجمعة (12 فبراير/ شباط 2016)، جانباً من العمل الكلاسيكي الخالد، متخذاً له عنوان: لماذا تظل أعظم رواية صينية غير معروفة في الغرب؟ هنا جانب منه.
عندما كنت طالبَ دراسات عليا في جامعة أكسفورد قبل سنوات عديدة، كنت شريك سكن مع ألماني رائع متخصِّص في الثقافة الصينية، وكان من عادته أن يدفعني إلى أن أُزيح الترجمة عن اهتمامي، بلحيته المُمسَّدة وابتسامته المثيرة قال لي: «جرِّب هذه... ستستمتع بها حقاً». عديد من الأشخاص الذين يزوروننا هم ممن يقطنون شارع أبينغدون، وفي إحدى الليالي وحول طاولة الطعام في المطبخ التقيت شخصاً رائعاً، رشيق الهيئة ذا شعر أبيض ومُلْتحٍ، له عين مليئة بالوميض اسمه ديفيد هوكس.
اللغوي الموهوب
لغوي موهوب، كان قد وجَّه وساعد عدداً ممن يعملون على فكِّ الشفرات اليابانية في وقت مبكِّر من القرن العشرين، خلال الحرب العالمية الثانية. كطالب في جامعة بكِّين، قُدِّر له أن يكون حاضراً في تيان آن مِن؛ أو ميدان السماء (ساحة تقع في وسط العاصمة الصينية «بكين»، تصل مساحتها إلى 440 ألف متر مربع، وتُعدُّ أكبر ميدان من حيث المساحة في العالم) في العام 1949 عندما أعلن الزعيم الشيوعي الصيني ماو تسي تونغ جمهورية الصين الشعبية. في وقت لاحق، كمعلِّم، قام بإنجاز ترجمة رائعة لـ «أغاني الجنوب»، والتي تُعد جزءاً من الإرث والتقاليد الشعرية، وتتجاوز في قيمتها أي عمل قد تمَّت المحافظة عليه في الغرب، ليصبح هوكس بعد ذلك أستاذاً للصينية في جامعة أكسفورد، ولكن، على حدِّ تعبيره: «لقد استقلت من عملي من أجل تكريس وقتي لترجمة رواية صينية ... حسناً، الرواية الصينية». كان الكتاب الذي عمل على ترجمته هو «حلم الغرفة الحمراء»، المعروفة أيضاً باسم «قصة الحجر» التي كتبها الصيني تساو شيويه تشين.
بالعودة إلى الرواية يمكننا الوقوف على الرؤية النقدية لأنتوني ويست التي أطلقها حول الرواية قائلاً، إنها «واحدة من الروايات العظيمة في الأدب العالمي... وهي بالنسبة إلى الصينيين تماماً مثل بروست بالنسبة إلى الفرنسيين أو كارامازوف بالنسبة إلى الروس».
أنهى هوكس في نهاية المطاف مسعاه الكبير بمساعدة ابنه في القانون جون مينفورد، الذي أنجز مجلَّدين من أصل خمسة، وتم نشرهما من قبل دار «بنغوين» بين عامي 1973 و 1986.
الرواية/ الملحمة
استُقبلت ترجمة هوكس بحفاوة بالغة باعتبارها تقديماً لواحدة من التحف الإبداعية، وباعتبارها عملاً عبقرياً و «مرشَّح لأن يكون كتاب الألفية». عندما أعطيت نسخة لأعمال شكسبير لرئيس مجلس الدولة الصيني، ون جيا باو أثناء زيارته الرسمية إلى المملكة المتحدة، قدَّم السفير الصيني الجديد فو يينغ إلى الملكة إليزابيت ترجمة هوكس لـ «حلم الغرفة الحمراء».
الرواية هي ملحمة من القرن الثامن عشر الميلادي و «تعد من أفضل الروايات الكلاسيكية الصينية. من خلال تجارب تشين المعيشية التي تقلَّبت بين الغنى والفقر. كان جدُّ تساو شيويه تشين يحظى بثقة ودعم من الإمبراطور، كانغ شي، وقضى تشين أيام طفولته في أسرة غنية للغاية ولكن طرأت تغيُّرات كبيرة على أسرته وانتقلت من الجنوب إلى بكين، واختبر الشاب السعادة والشقاء في حياته الاجتماعية. وفي أيام شيخوخته سكن في ضاحية بكين الغربية وعاش معيشة فقيرة جداً وكتب 80 باباً من الرواية».
تناولت الرواية جميع الفئات الاجتماعية في الصين حينذاك بما فيها الإمبراطور وأقرباؤه والمسئولون والأمراء والخدم ورجال الدِّين والتجَّار والفلاحون وغيرهم ووصفت المراسم والتبادلات والاحتفالات في المجتمع وممارسات العمل وغرس الأزهار والأشجار للمواطنين العاديين والطب والتنجيم والغناء والفنون وجسَّدت مجالات عديدة في عهد أسرة تشينغ الملكية.
«حلم الغرفة الحمراء» كتبت في العام 1750 «من قبل فنان كبير منحها شريان حياة يمكن به أن تستمر في الحضور لعقود»، وتمَّت طباعتها في العام 1791، ولكن لا يزال الجدل يحيط بالنص. هنالك قصة كانت تخضع للرقابة عملت على هجاء الشخصيات المتنفذة والبارزة في المجتمع الصيني، وقد كان هجاء صريحاً جداً.
إشكال النص الحاضر
هنالك نقاش أيضاً حول ما إذا كان النص الذي بين أيدينا هو في الصورة التي قدَّمها المؤلف نفسه. هنالك نهايات مختلفة ظلت حيَّة ومفتوحة. علينا أن نستحضر كاتباً يُدعى «قاو إي» يزعم أنه نشر نسخة كاملة وفقاً لما كان يرغب الكاتب نفسه أن تكون عليها. اليوم، هنالك ما يُعرف بـ»redology»، وهو مبحث يدرس رواية «حلم الغرفة الحمراء»، ذلك الذي يحظى باهتمام واسع، واستحوذ على كثير من الفعاليات في الصين؛ حيث يتسع نطاق وجوده في هيئة مؤتمرات ومجلات سنوية وغيرها من المطبوعات، فيما المخطوطات مازالت تجد طريقها إلى النشر، ولا تزال أسرار العمل من دون حل للغموض الذي يكتنفها.
تمنحنا نسخة هوكس الثمانين فصلاً الأولى مما كتبه تساو وتم تنقيح وصياغة آخر 40 فصلاً من قبل قاو إي، ومن الإنصاف أن نفترض بأنه كان يعتمد على مشروع غير مُكتمل، ومن الواضح أيضاً أنه عرف ما كان المؤلف قد خطط له. إنه نوع مختلف عن الروايات التي أنتجها الأدب الصيني في وقت سابق مثل: «رومانسية الممالك الثلاث»، الرواية التاريخية التي يتحدَّد زمن أحداثها في القرن الثالث، وهي الفترة التي شهدت سنوات الاضطراب التي عانت منها البلاد قرب نهاية عهد أسرة يان، وعصر الممالك الثلاث في التاريخ الصيني. وضمن إطار أسطوري خيالي تاريخي، تتناول القصة جوانب من حياة الإقطاعيين وخدمهم، ممن دخلوا في منافسة في محاولة لإعادة أسرة هان إلى الحكم، أو التخلص منها، وكانت في طور الانهيار في تلك المرحلة التاريخية.
800 ألف كلمة و 1000 شخصية
الرواية هي واحدة من أهم الكلاسيكيات في الأدب الصيني، ومن بين ما تتميز به أنها تتألَّف من 800,000 كلمة و 1,000 شخصية ضمن 120 فصلاً؛ علاوة على الأغاني والقصائد التي تمتلئ بها الرواية.
وكما قال تساو نفسه: «لقد قدَّمت الرواية الفشل الذريع الذي انتاب حياتي، لقد وجدت نفسي يوماً في خضمِّ الفقر والبؤس».
الكتاب كما هو في نسخة «بنغوين» يمتدُّ إلى 2500 صفحة، ويمثل حجمه ضعف حجم رواية «الحرب والسلام». هي رواية من الصعب أن تنسجم معها في بداياتها نظراً إلى الشخصيات التي لا تُعدُّ ولا تُحصى؛ حيث تتضمَّن 40 شخصية رئيسية؛ عدا الأخرى الهامشية؛ علاوة على الأسماء الصعبة. لكن بمجرد أن يتم التوغَّل في العمل، سيكتشف القارئ أنه أمام كتاب يمكن أن يلتحم معه ويزجَّ بنفسه فيه. فهو ليس مثل أي عمل في كل ما عرفه الأدب.
يُذكر أن ديفيد هوكس عالم وباحث في الثقافة الصينية ومترجم بريطاني شهير، ولد في 6 يوليو/ تموز 1923، وتوفي في 31 يوليو 2009. درس لغة الماندرين الصينية واليابانية في جامعة أكسفورد بين عامي 1945 و 1947، قبل أن يلتحق بجامعة بكين للدراسة فيها ما بين 1948 و 1951. عاد إلى أكسفورد، حيث أكمل درجة الدكتوراه، ليصبح فيما بعد أستاذاً في الجامعة نفسها. استقال من عمله في العام 1971، ليركِّز بشكل كامل على ترجمته لـ «أحلام القصور الحمراء»، وفي ترجمة أخرى «حلم الغرفة الحمراء»، والتي نُشرت في ثلاثة مجلدات بين عامي 1973 و 1980. تقاعد في العام 1984، وعاش بقية حياته في ويلز.