مظفر النواب
كما بدأها ينهيها… حياته التي غابت خلف السجون تشكو جبارين أذلوا الحياة وشردوا قاموس القيم فيها.. من سجن إلى آخر.. وسط البراري في أهواز الفلاحين بعراق
البسطاء مضى شطرا من حياته هاربا من سجن حبسوا فيه حروفه مع روحه..! عريق كآبائه.. ينحدر من أسرة علوية شريفه كالشرف.. حكم أجداده ولاية في الهند.. وتحت مطارق الاحتلال البريطاني نُفيت عائلته إلى خارج الوطن فسكن العراق – الوطن الذي لا يخون التاريخ صاحب المجد وحامي الرفاة -..! في عروقه عروبة تنتهي إلى أصلاب بني هاشم.. وفي منطقه عذوبة دجلة والفرات.. وفي مشاعرة حرارة المصلوب على باب المدينة في جريمة طلب الحرية لأمة منكوبة ذابلة الهوية..!كما بدأها ينهيها… حياته التي غابت خلف السجون تشكو جبارين أذلوا الحياة وشردوا قاموس القيم فيها.. من سجن إلى آخر.. وسط البراري في أهواز الفلاحين بعراق
علي عويس
ولد 1934 م وبدا مختلفا في بنيته ورؤيته... فكان رحال خلف الحرية يطلبها لأمته.… وفي عام 1963م تسلق من حفرة أسفل جدران السجن الصحراوي – نقرة السلمان – جنوب العراق وفر… لأنه حر.. وسط الخوف بني خيمته… نسج أبجديته… هاتف الفلسفة.… كتب عن محنه العروبة وقت الغروب… عندما تقضي الخيانة وطرها من الأنظمة الصفيقة… !!هرب من مدينه إلى أخرى… طار من دمشق إلى بيروت.. ومنها إلى أوروبا ليعود مهملا في دار شيخوخة ترعى شلل أصابه وهرم لامس عقله وغيب قدرته… وسط عالم عربي بهيئاته الثقافية يموج مشغولا بفتنته..!! فيما ثمن قنبلة ينقذ أقلاما ويمنح الحياة لأسر مشرده..!! هكذا ينتهي المبدع العظيم والشاعر العراقي الكبير مظفر النواب فوق كرسي متحرك في بيروت بعيدا عن وطنه الذي باعد بينه وبين أسفاره طاغوت مسه وفتن توالت على أفقه جعلت كل أيامه ليلا أسند النواب إليه ظهره..!!
ولد 1934 م وبدا مختلفا في بنيته ورؤيته... فكان رحال خلف الحرية يطلبها لأمته.… وفي عام 1963م تسلق من حفرة أسفل جدران السجن الصحراوي – نقرة السلمان – جنوب العراق وفر… لأنه حر.. وسط الخوف بني خيمته… نسج أبجديته… هاتف الفلسفة.… كتب عن محنه العروبة وقت الغروب… عندما تقضي الخيانة وطرها من الأنظمة الصفيقة… !!هرب من مدينه إلى أخرى… طار من دمشق إلى بيروت.. ومنها إلى أوروبا ليعود مهملا في دار شيخوخة ترعى شلل أصابه وهرم لامس عقله وغيب قدرته… وسط عالم عربي بهيئاته الثقافية يموج مشغولا بفتنته..!! فيما ثمن قنبلة ينقذ أقلاما ويمنح الحياة لأسر مشرده..!! هكذا ينتهي المبدع العظيم والشاعر العراقي الكبير مظفر النواب فوق كرسي متحرك في بيروت بعيدا عن وطنه الذي باعد بينه وبين أسفاره طاغوت مسه وفتن توالت على أفقه جعلت كل أيامه ليلا أسند النواب إليه ظهره..!!
عميق الفلسفة كثيف المعاني متبحر الوجع تتناثر الكلمات في قصائده كما يتناثر جثمانه وروحه من عاصمه إلى أخرى.. تشعر في كلماته بوجع مستقبل كان يرقبه ووصف واقع كان يوجعه وألم غيب لم يعرف ملامحا لشواطئه..!! وكأنه يرى يومنا ابن الغد.. ومستقبلنا المولود من رحم الغدر… فكل أيامنا يشبه بعضها بعضا كون اليد التي تسلم الأيام بعضها نفس الملمس ونفس الهوية حينها طفق النواب يقول في قصيدته فعل مبني للمجهول
…
في الوطنِ العربيِّ ترى أنهارَ النّفطِ تسيلْ
لا تسألْ عن سعرِ البرميلْ
والدّمُ أيضاً
مثلَ الأنهارِ تراهُ يسيلْ
لا تسألْ عن سعرِ البرميلْ
والدّمعُ وأشياءٌ أخرى
من كلِّ مكانٍ في الوطنِ العربيِّ تسيلْ
وهكذا عاش مظفر النواب مع قلمه.. حرا داخل الجسد.. مشردا خلف القصائد لم يهتم بالنسل والولد.. مستقرا هناك فوق القمة مخلدا في أفق الفكر الذي تم طرده من الأوطان التعيسة لتبقى هذه الأوطان خلف صرة الدنانير في زمن الوجع تقدم للجماهير اللهو بأفخم لحن لأسوأ قصيده..!! قصيدة الرقص فوق جسد العروبه... جسد بغداد ودمشق والقدس السليبة.. طارت قصائده متناثرة السطور في أجواء سماوات عالمنا الذي لم ينصف المبدعين.. فوزعهم بين السجون ورهبه الخوف فانكسرت أقلامهم وما بقي منها فائرا طاردته شجونه.. وكما أدان قلمه واقعنا الذي ينحدر... أدان مشهده العاجز فوق كرسيه بعيدا عن عنايه الدولة وأجهزة الثقافة في وسط ينز بمال الفتن ليختمها كأعظم قصيده..!! قصيده تقول ما يكفي بالصور.. تنحر رقاب أوطاننا بشفرات حادة ترصدها العيون وهي تقدم للأجيال صورة يتضاءل معها الأمل…!
أيا مظفر النواب عليك لهف روحي في زمن عجر عربي أصابك بالزهايمر والشلل...! حتى لا تعي ما يصنع خلفك الليل المهيمن في صحارينا عندما تركبه جمال الفتن والدسائس وسماسرة العواصم بلا ملل..!! تصوروا.. إنها ست وعشرون حرفا رصفناها بصدق وحرية لتكتب شهادتنا إذا لم تكن الحرية شرسة أكلها الخوف... كلمات كتبها واليوم وهنت حولها ذاكرة مظفر النواب… بعدما أكل الخوف بشراسته سكون الحرية بقفازها الحريري لتبقى وحدها منتصبة في الساحات دواوين النواب مع رفاقه المهملين في زاوية الدول..!!
لتُدين أمة تفتح المراقص وتُبخر العهر.. وترتع بسخائها خلف كل مداح يتعلم سطور من نفاق وسحر… بينما ترتعد فرائسها بالبخل وهو ترى المبدعين يأكلهم الإهمال وينالهم كبر السن والوهن...!! أمة لم تستحي أن تقدم للإعلام صورة إهمالها لمظفر النواب وجيل المبدعين عندما تمعن في سجن الإبداع خلف كل باب... هي نفسها من كتب القدر وثيقته على جبينها أنها أمه لن تبدع أبدا ولن تفارق رواق التخلف الذي بناه وشيده مكرها…. فلا تلهثوا خلف الغيب…. يوم صاح مظفر النواب صادحا وفاضحا...!!
القدس عروس عروبتكم
فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها؟؟
وسحبتم كل خناجركم
وتنافختم شرفا
وصرختم فيها أن تسكت صونا للعرض
فما أشرفكم
أولاد ال… هل تسكت مغتصبة ؟
أولاد ال….
لست خجولا حين أصارحكم بحقيقتكم
إن حظيرة خنزير أطهر من أطهركم
تتحرك دكة غسل الموتى أما أنتم
لا تهتز لكم قصبة
الآن أعريكم.…
وها وهو من فوق كرسيه في بيروت وسط الإهمال لا زال يكمل قصيدته ويرفع ما بقى من الأستار فيعرى من كان يلوذ يوما ببعض دفاتره ويرفع في الساحات كل أصابعه…!