-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

من هو الديكتاتور؟ مؤمن سلاّم

في الديمقراطية من حق أي مواطن يرى في نفسه الكفاءة والقدرة ويشعر أنه يمتلك الرؤية والمشروع الذي يخدم وطنه وأمته أن يمارس العمل السياسي في محاولة
للوصول للسلطة لتنفيذ هذه الرؤية أو المشروع باستخدام مهاراته وإمكانياته. إلا أن بعض الأفراد ممن لا يمتلكون أي مهارات أو رؤيا أو مشروع باستثناء مهارات النفاق والتدليس والفساد، قد يسعون للوصول للسلطة لتحقيق أغراضهم الشخصية ومصالح الفئة التي ينتمون إليها بغض النظر عن مصالح الأمة. وحيث أن الوصول للسلطة بطرق ديمقراطية يحتاج إلى مهارات معينة مثل القدرة على الإقناع والتواصل مع الجماهير لتسويق مشروعة السياسي الذي يرى أنه سيخدم المواطنين ويضيف للوطن، فقد يسعى هذا الشخص الفاشل الخالي من أي من هذه القدرات للوصول للسلطة بغير الطريق الديمقراطي.
ولأن لكل قاعدة استثنائها، فقد يصل بعضهم للسلطة عن طريق الديمقراطية لكن لأنه لا يملك مشروع واضح لتطبيقه أو رؤية مستقبلية يدير على أساسها الدولة فإنه يلجأ للاستبداد لكي يضمن استمراره في السلطة لتحقيق مصالحة الشخصية ومصالح الفئة التي ينتمي لها. ولعل ابرز هذه الاستثناءات الشهيرة حالة هتلر في ألمانيا وحماس في غزة.
فالديكتاتور هو شخص فاشل يعتقد في نفسه العبقرية والقدرة على قيادة الدولة، إلا أن إمكانياته الحقيقية لا تمكنه للوصول للسلطة أو الاستمرار فيها إلا عن طريق الاستبداد وقمع أي صوت معارض أو فكر مستقل.
فهذا الفاشل غالبا ما يصل إلى السلطة عن طريق انقلاب عسكري أو ركوب ظهر ثورة شعبية أو عن طريق الوراثة أو انتخابات مزورة، وقد يصل في أحوال استثنائية إلى السلطة عن طريق انتخابات حرة نزيها إذا كان من أصحاب مهارات النفاق والقدرة على خداع الجماهير فيستخدم خطاب عاطفي يتلاعب بمشاعر الجماهير الوطنية أو الدينية من أجل حشد الأصوات له بدون تفكير أو إعمال للعقل أو السؤال عن البرنامج والمشروع والرؤية. فقط حماسة وطنية كما فعل هتلر أو دينية كما فعلت حماس في غزة والإخوان في مصر وتونس تدفع الناس للتصويت بكثافة للمرشح الفاشل بناء على حالة عاطفية تعطل العقل وتغمض العين.
عندما يصل هذا الفاشل إلى السلطة يصبح مطالب من الجماهير بحل مشكلاتهم وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم والنهوض بالدولة وحماية أمنها القومي. وحيث أن الديكتاتور الفاشل لا يملك أي رؤية أو مشروع للتعامل مع هذه الملفات فإنه يستمر في الكذب والتلاعب بعواطف الجماهير مستخدما الإعلام ورجال الدين وأساليب الدعاية المختلفة التي تغسل عقول الناس وتزرع في عقولهم أن الديكتاتور هو البطل، الملهم، قاهر الأعداء، المؤيد من السماء، وأن وجوده في السلطة في حد ذاته هو ضربة قاسمة للعدو حتى لو كان هذا الفاشل لا يمثل جناح بعوضة عند الدول الأخرى.
ولكن يظل هناك هؤلاء المارقين المثقفين الذين لا يسلمون عقولهم لأحد الذين يفكرون بنفسهم لنفسهم دون خوف أو كسل. هؤلاء الذين لا يصدقون الديكتاتور ولا إعلام الديكتاتور ولا رجال دين الديكتاتور، الذين يرفعون أصواتهم ضد الديكتاتور الفاشل وسياساته الفاشلة ورجاله الفاشلين، في محاولة لإنقاذ الوطن من الانحدار إلى الهاوية ليصبح في ذيل الدول، وإنقاذ المواطنين من الغرق في مستنقع الفقر والجهل والمرض. هؤلاء الذين قال عنهم جوبلز وزير دعاية هتلر “كلما رأيت مثقفا تحسست مسدسي” هؤلاء المثقفين الوطنيون تحولهم أبواق إعلام الديكتاتور إلى خونة ومتآمرين ورجال الدين الديكتاتور يعلنون كفرهم وهرطقتهم تمهيدا لسجنهم أو قتلهم.
هذا هو الديكتاتور شخص فاشل يرى نفسه زعيم ملهم عبقري يستطيع وحده رؤية ما لا يراه الآخرين، لا يستطيع الوصول للسلطة إلا بطرق فاسدة ولا يستطيع الاستمرار في السلطة إلا بالقمع وتكميم الأفواه.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا