لم يتسلل الملل إلى الشابة الفلسطينية غادة البردويل
وهي تستمع لأول مرة في بحياتها إلى رواية "نبوءات" المسموعة، بعدما اعتادت
قراءة الروايات مكتوبة، حيث بدت معالم
الإعجاب والارتياح على محياها وهي تنصت إلى الرواية في وقت ظنت فيه أن هذه التجربة لن تستهويها.
الإعجاب والارتياح على محياها وهي تنصت إلى الرواية في وقت ظنت فيه أن هذه التجربة لن تستهويها.
ورغم خشيتها من إضعاف حميمية علاقتها بالرواية التي
عادة ما تتفحص عباراتها كلمة كلمة، فإنها وجدت ضالتها في الرواية المسموعة التي يتولى
الإلقاء الصوتي تصوير أحداثها.
ولم تفقد غادة قدرتها على تذوق مكنونات العمل الروائي
التي تدركها بالقراءة، في وقت قلصت فيه الرواية المسموعة من مجهودها البصري، وهي تؤكد
-في حديثها للجزيرة نت- أن الأداء الصوتي المميز للرواية والموسيقى المصاحبة لها أضفت
طابعا جديدا على العمل الروائي.
ومع أنها تؤكد أن إحساس الكاتب وأفكاره في تفاصيل
الرواية وصلتها عبر الاستماع، بخلاف طريقة القراءة التي تستوعب خلالها الرواية وفق
فهمها هي لا كما يريد الكاتب؛ فإنها تدعو إلى وضع ضوابط أدبية وفنية للروايات المسموعة
حتى لا تفقد رونقها وجوهرها.
الوجع الفلسطيني
وتجسد رواية "نبوءات" الوجع الفلسطيني
عبر ثلاثة جوانب، هي: الحرب والانقسام، وآليات التعليم العديمة الجدوى، وبؤس المخيم
ومعاناته. حيث اعتماد الكاتب على التقنية السينمائية للرواية التي غلب عليها الطابع
البصري، لتشكل دعوة للثورة والانفجار بوجه من امتصوا رحيق الشعوب.
وبدأت حكاية أول رواية مسموعة من فلسطين عندما كان
كاتبها مصطفى النبيه يعد فيلما عن المكفوفين في غزة، حيث كان يحدّث بعض الكفيفات عن
كتاباته الروائية، قبل أن يفاجأ بغضب إحداهن لما وصفته بإهمالهن على صعيد توفير البدائل
المتاحة لهن حتى يتابعن الأعمال الأدبية.
وإضافة إلى مخاطبة المكفوفين وغيرهم من الفئات التي
يصعب عليها قراءة الروايات المطبوعة، فإن الكاتب يعزو لجوأه لتسجيل روايته إلى ما يعتبره
سهولة ذيوع المادة المسموعة وانتشارها في الخارج لتعريف العالم بالوجع الفلسطيني.
ويقول للجزيرة نت إن غزة تزخر بكوكبة من الكتاب
المبدعين، لكن ضعف قدرتهم على طباعة رواياتهم وحرمانهم من التواصل مع القراء في فلسطين
والدول العربية، يجعل من الرواية المسموعة بديلا مناسبا للتعريف بهم وبكتاباتهم.
سلاح ذو حدين
وإذا كانت تجربة الرواية المسموعة تحقق الوصول إلى
شرائح واسعة، فإن أستاذ النقد الأدبي في جامعة القدس المفتوحة الدكتور عاطف أبو حمادة،
يتساءل: "هل غاية الأدب الوصول إلى أكبر قدر ممكن من القراء، أم الوصول لفئة معينة
أكثر التصاقا بالحياة الثقافية؟".
ويربط الأكاديمي -المكلف بأمانة سرّ جمعية النقاد
الفلسطينيين- نجاعة الرواية المسموعة بقدرة قارئها على الأداء الصوتي الذي يضمن إيصال
كافة المعاني التي يريدها الكاتب إلى المستمع، خصوصا أن بعض علامات الكتابة يصعب إدراكها
جيدا بالاستماع.
ويقول للجزيرة نت إن الرواية اقترنت بالطباعة والقراءة،
لكن انتقالها للمجال المسموع سلاح ذو حدين، مشيرا إلى أن الاستماع للرواية ليس كقراءتها
"فهناك حميمية بين القارئ وبين الكتاب، وليس الحال كما لو كنت تقرأ من الإنترنت
أو تستمع للإذاعة".
وبينما يجزم
الدكتور أبو حمادة على وجود جماليات يضعها الكاتب في عالم الكتابة والطباعة
تُفقد في عالم الاستماع، يصف هذه التجربة -رغم ما يحيط بها من مخاطر- بالرائدة والمميزة
على مستوى قطاع غزة والأدب الفلسطيني.