-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

المفكر الدكتور كلوفيس مقصود : لن نستقيل من الأمل في عودة فلسطين بوصلة للأمة

*حاوره : عبد الحميد صيام
هذا لقاء خاص مع شخصية فذة. مناضل صلب رفض أن يلقي سلاحه ويتقاعد بل ظل في الساحة يناضل رغم عبء السنين الثقيل. ظل يؤمن بالعروبة ويدافع عنها وظلت
القضية الفلسطينية هاجسه الأكبر والأهم. لم يتراجع ولم ييأس ولم يساوم على ما آمن به في الخمسينيات والستينيات أثناء المد القومي الذي كان يمثله آنذاك الزعيم الراحل جمال عبد الناصر. من بلدة الشويفات في لبنان إلى دلهي فواشنطن فنيويورك، مثل الجامعة العربية سفيرا مميزا وكان القاسم المشترك الإيجابي بين المتناقضات العربية التي كانت تتجسد في أكثر من اتجاه وأكثر من موقف وأكثر من خلاف.
الدكتور كلوفيس مقصود السفير السابق للجامعة العربية والمناضل الذي يرفض أن يأخذ إستراحة المحارب والاستاذ في الجامعة الأمريكية في واشنطن ومؤسس مركز دراسات الجنوب والكاتب والصحافي المخضرم الذي عمل في جريدة «الأهرام» المصرية ثم جريدة «النهار» اللبنانية.
استقال من مكتب الجامعة العربية في نيويورك في 15 آب/أغسطس 1990 عندما قام العراق باحتلال الكويت حيث تأكد أنه لن يتسطيع أن يمثل الجامعة العربية في لحظة إنقسام خطيرة قد تودي بمجمل العمل العربي المشترك. لكنه لم يكفر بالعروبة ولم يدر ظهره لها بل بقي مدافعا بالقلم والفكر والمحاضرة والتأليف وكتابه «العروبة في زمن الضياع» (1998) يلخص هذا الموقف الذي لم يتنازل عنه حتى في أحلك ساعات الليل.
نحاول في هذا اللقاء القصير كي لا نجهد المفكر والإنسان أن نسترجع صفحات من تجربة الماضي الغنية لنقتبس منها دروسا وعبرا نسترشد بها طريق المستقبل خاصة وأن الأمة العربية تعيش حاليا مرحلة مخاض عسير تحاول أن تنفلت من ربق الديكتاتورية البغيضة إلى نوع من نظام حكم أكثر عدلا يقوم على تمكين الشعوب والمواطنة المتساوية وسيادة القانون والحكم الرشيد والاستثمار الواعي من أجل أمة عربية واحدة مصيرها واحد ومستقبلها واحد حتى ولو أن المشهد السيريالي الحالي لا يدعو إلى التفاؤل.
البداية من قراءة الدكتور كلوفيس مقصود للوضع العربي الحالي. هل نبدأ من الماضي وصولا إلى الحاضر المرير، أم من الحاضر المبهم والدموي والمعقد رجوعا إلى الماضي الذي كنتم تسمونه «الزمن الجميل»؟
يطرق الدكتور مقصود قليلا متأملا ثم يبدأ الحديث: البداية كانت من توقيع إتفاقية كامب ديفيد عام 1979 والتي أخرجت مصر كقوة كبيرة مؤثرة على إمكانيات الصمود والممانعة أمام العدوان الإسرائيلي على هذه الأمة. بوجود مصر كانت الأمة العربية لديها قدرة أكبر على التصدي لحروب إسرائيل على حقوق الشعب الفلسطيني وبهذا فقدت الأمة قوة الردع ولا نريد أن نقول قوة التحرير مما شجع إسرائيل أن تستبيح الحقوق الفلسطينية أكثر وتوسع ميادين إعتداءاتها كما حصل في لبنان عام 1982 وغير لبنان. أعتقد أن مصر بتوقيع هذه المعاهدة أفقدتنا العلاقة المصيرية بين المشرق العربي والمغرب العربي لأن مصر كانت ساحة التلاقح والتعارف بين جميع العرب. كانت فلسطين البوصلة التي توحدت الجماهير العربية حولها وبها وتكاتفت في تأييدها لها. ومع إنحراف السادات عن الدور المصيري الذي كانت تمثله مصر بدأت عملية التفكك التي نرى نتائجها الآن. صحيح كان هناك بعض الوسائل التي نستخدمها كالمقاومة مثلا لنخفف من أضرار خروج مصر من ساحة الصراع ونقلل من شروط الغبن التي لحقت بالحقوق الفلسطينية لكن ذلك الخروج أفقد فلسطين دورها المحوري في تجسيد البوصلة التي تمثل وحدة الجماهير العربية. والحق يقال لقد بقي في مصر مخاض شعبي واسع ضد الاتفاقية وضد تقبل إسرائيل لدى الجماهير المصرية. ان ما حدث آنذاك بعد خروج مصر من الصف العربي وتوقيع أول إتفاقية سلام مع إسرائيل يشكل جذور ما نراه الآن من ظاهرة التفكك العربي. طبعا لا يجوز أن ننسى أن هزيمة عام 1967 كانت كارثة حقيقية لكن أعقبتها مرحلة نهوض ورفض للهزيمة وتعبئة الطاقات للرد على الهزيمة بقيادة مصر. أما أن تستخدم هزيمة 1967 لتبرير كامب ديفيد فهو غير منطقي وغير مقبول لأن كامب ديفيد جاءت بعد إنتصارات تشرين الأول/أكتوبر فهل مقبول أن نبرر معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية بهزيمة 67؟ مصر مطلوبة لردع التمادي الإسرائيلي وبعد خروجها من الساحة أصبحت إمكانية ردع التمادي الإسرائيلي أضعف بكثير من قبل.
وحول محطات أخرى في درب العمل العربي المشترك وخاصة إحتلال العراق للكويت عام 1990، يقول الدكتور مقصود:
«إن كل تلك المحطات جاءت نتيجة مباشرة لخروج مصر من حلبة التأثير والفعل والردع وتجميع الموقف العربي حول القضايا الأساسة. الحرب الأهلية في لبنان وإخراج منظمة التحرير من بيروت والحرب العراقية الإيرانية واحتلال العراق للكويت، كل ذلك نتائج لتبعثر الموقف العربي بعد خروج مصر من ساحة العمل العربي المشترك. بل إن إتفاقية أوسلو عام 1993 واتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل عام 1994 وتسلل إسرائيل إلى أكثر من عاصمة عربية نتائج مباشرة لخروج مصر وضياع البوصلة التي كانت تمثلها القضية الفلسطينية. إن تحييد مصر أدى إلى غياب قوة ردع عربية ما نراه الآن تعود جذوره إلى تلك المرحلة التي شهدت بدايات التفكك وتعزيز القطرية والتغول الإسرائيلي. لقد بدأت تشهد الدولة الوطنية حالات إنشقاق في مكوناتها الدينية والعرقية وهذا الانشقاق بدأ يعبر عن نفسه بأكثر من أسلوب وفي أكثر من بلد عربي.
وعن الدولة الوطنية وإذا ما كانت في طريقها إلى التفكك في ظل ما يجري من تجاذبات طائفية يقول السفير مقصود طبعا. وأعتقد أن التفكك بدا بالفعل مع إنفصال جنوب السودان عن السودان. لقد أثبت الانفصال أن الدول العربية لم تعزز مفهوم المواطنة المتساوية. فمهما كانت هناك من أعراق وطوائف كان يجب أن يبقى مفهوم العروبة مرسخا كهوية للمواطنة المتساوية دون إلغاء التشكيلات التي تعزز المواطنة ولا تفككها. هذا الانشقاق في مفهوم المواطنة بدأ يعبر عن نفسه ويتبرعم داخليا في أكثر من بلد عربي وخاصة عندما عبر عن نفسه بنوع من الخصومة بين السنة والشيعة وهذه الخصومة تشكل خطرا على مفهموم الوحدة العربية وعلى مستقبل الأمة العربية. هذا التخوف العميق يفسر إلى حد كبير الاندفاع الشعبي العربي الذي برهن مرة أخرى على وحدة الجماهير العربية عام 2011 فيما سمي بـ «الربيع العربي» الذي بدأ في تونس، وأثبت أن الجماهير العربية لديها مفاهيم مشتركة موحدة في رفض الطغيان وتقرير مصير الأمة بعيدا عن الضغوطات الخارجية والابتعاد عن نظم الفساد. هذا الاندفاع أثبت وحدة الأمة ووحدة رؤية جماهيرها. كذلك الأمر فيما يتعلق بغزو العراق للكويت ثم الانشقاق السني الشيعي الكردي داخل العراق بعد الاحتلال الأمريكي في العراق ثم جاءت بعدها الحرب في سوريا التي كنا نسميها «قلب العروبة النابض» ثم ليبيا فاليمن… كل هذه النتوءات أظهرت أن الوحدة العربية التي تدعو إليها القومية العربية فقدت البوصلة وحصل التفكك والاقتتال وأفرز بؤرا إرهابية متعددة هددت حياة الكثيرين وبرهنت على عبثية ايديولوجية في المنطقة دون أن تكون هناك استراتيجية لمواجهتهتا. تصور أن القمة العربية لم تجتمع مرة واحدة لدراسة هذه الأوضاع والنتوءات والبؤر ووضع خطة لمعالجتها كي تستقيم المعادلة العربية الهشة التي كانت موجودة بشكل أو بآخر إلى أن تم توقيع كامب ديفيد.
لن نستقيل من الأمل
حول دور العالم الغربي في تفاقم الظاهرة وتغذيتها حيث تحاول الإمبريالية والصهيونية أن تلعبا دورا يوحي بأنهما بريئتان مما يجري. هل يعقل هذا؟
إن هذا الأمر ليس جديدا. لم يمض يوم دون أن يقوم معسكر الأعداء بمحاولة تعطيل جهود التقارب العربي ـ العربي. ولكن ليس بهذا الشكل. إنظر إلى سوريا: أربع سنوات من الدمار والتدمير في قلب العروبة النابض. إنظر إلى مصر «أم الدنيا»، إنظر إلى فلسطين التي تعاني اليوم إنقساما بين الضفة الغربية وغزة. فلسطين اليوم تعاني من فقدان مرجعية موحدة. ولكن أنظر إلى إسرائيل لديها حكومة هي الأكثر تطرفا في تاريخها حتى من حكومة مناحيم بيغن – مرجعية واحدة رغم الخلافات تلتقي على برنامج متطرف. أما الفلسطينيون فلديهم عدة مرجعيات: عندهم الآن سلطة وطنية ومنظمة التحرير وحركة حماس التي تدير قطاع غزة ولديها حكومة. إذن هناك عدة مرجعيات. المرجعية الفلسطينية غائبة. المرجعية الواحدة التي تتكلم باسم فلسطين غير موجودة. العلاقات بين السلطة والمنظمة وحركة حماس غير واضحة. علاقة السلطة بالمنظمة والسلطة بالحكومة وعلاقة الحكومة بحماس. كل ذلك غير واضح، مما يعطي اليمين الإسرائيلي فرصة ليواجهنا متحدا ونواجهه مفككين. فهل يعقل هذا؟ هناك تفكك في جسم القضية الفلسطينية وتفكك في الوطن العربي وهذا يدعو إلى التشاؤم. ولكننا لن نستقيل من الأمل. رغم كل هذه المطبات والانقسامات، سوف تستعيد الجماهير العربية الجديدة الروح لهذه الأمة رغم الضغوطات التي تقع على عاتق الشباب لأنهم لا بد أن يستعيدوا زمام المبادر،ة رغم أن إنتشار ظاهرة الإرهاب قد أدت بالكثيرين إلى إعادة التفكير في المشروع النهضوي العربي القائم على التضامن والتقارب وفي الوقت نفسه رفض الطغيان والضغط الخارجي. سوف تدرك هذه الجماهير أن القتل والاقتتال ليسا المخرج. الثقافة والعلم والعودة إلى الجذور هو الحل. وعلينا أن نعمل جميعا لتثبيت هذا الحلم وعلى تحقيقه وعلينا جميعا أن نعمل معا في هذا الاتجاه.
وماذا عن لبنان؟
إن لبنان، رغم بقائه دون رئيس لنحو عام كامل، ليس في أحسن حالاته ولكنه الأقل خطورة نسبيا وهناك نوع من الشعور داخل الوعي اللبناني الجماعي بضرورة الاستقرار المرحلي وأن يبقى لبنان دون أن يمس. لبنان رغم ضعفه وهشاشته إلا أنه ما زال يفتح حدوده وبيوته للاجئين الفلسطينيين ويستقبل أكثر من مليون لاجئ سوري. هذا دور كبير أعطي للبنان لتحمل المسؤولية الإنسانية الناتجة عن المعارك في سوريا والحروب الأهلية الأخرى. هذا الدور للبنان شكل عبئا كبيرا عليه ولكنه أهّـله لأن يكون أكثر إستقرارا وأقل تزمتا. ورغم أن الطائفية في لبنان عامل سلبي إلا أن التعايش لحماية لبنان من التأثر بحروب الجوار ونقل التجربة إلى الداخل اللبناني قد عزز مفهوم التعايش بين جميع الطوائف نوعا ما. لبنان يحاول أن يدير الأوضاع بشكل مرن وحكيم. ليست لديه خطورة في وضعه اليوم نسبيا. هناك نوع من الاستقرار القائم ويحاول أن يعيش في منأى عن القضايا المدمرة التي نراها في سوريا والعراق وليبيا واليمن وإلى حد ما في مصر.
وماذا عن العراق هل سيخرج من أزمته وتنظيم الدولة يحتل جزءا من أرضه؟
هذا النزاع المفتعل بين أهل السنة والشيعة أثر على أوضاع العراق وجعله سريع العطب. لقد أدى إقصاء إو إستثناء أهل السنة من المشاركة السياسية التي ميزت نظام الحكم في مرحلة من المراحل قد أدى إلى توفير الظروف للذين يدعون أنهم يدافعون عن الإسلام وأهل السنة في العراق لاستيلاد الظروف لتنظيم متطرف مثل «داعش». أعتقد أن في العراق الآن حركة إصلاح لتلك المظالم. هذا غير مضمون النتائج ولكنها ظاهرة إيجابية ممكن أن تساعد في إسترجاع العراق لدوره وعروبته.
وعن موقف الولايات المتحدة بزعامة الرئيس اوباما مع إقتراب فترته الثانية من الانتهاء وسيطرة غلاة المؤيدين لإسرائيل على الكونغرس بمجلسيه. يقول مقصود: لقد ضاقت الفجوة بين ما يسمى بالليبرالي واليميني في الولايات المتحدة خاصة عندما يتعلق بالأمر بإسرائيل. هذه الظاهرة قد أثرت على كثير من اليهود الذين تاريخيا يصوتون للحزب الديمقراطي. وهذا خلق فجوة كبيرة. لكن إستفزاز نتنياهو عندما دخل إلى الكونغرس ليخطب في جلسة مشتركة للمجلسين ويجادل ضد الاتفاقية مع إيران، قد أدى إلى هزّ العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. لم تعد الولايات المتحدة عمياء في كل ما تفعله إسرائيل في المنطقة. للأسف ليست هناك مرجعية فلسطينية موحدة توظف هذا الخلاف وتستفيد منه من أجل تطوير الموقف الأمريكي كي يكون أقل عداوة للشعب الفلسطيني وطموحاته أو أكثر حيادية في مسألة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. أنا ألاحظ أن هناك بداية تطور لموقف أكثر عقلانية بين الأجيال الجديدة التي تؤمن بحقوق المرأة والمساواة في الفرص بين المواطنين بعض النظر عن اللون أو الجنس أو العرق، وهذا التطور يمكن إستغلاله لصالح موقف أكثر توازنا بالنسبة للقضية الفلسطينية.
وفي الختام يؤكد الدكتور مقصود أن تونس رغم كل الصعوبات ورغم ما تعرضت له أخيرا من عمليات إرهابية بقصد إفشال التجرية الرائدة التي تمثلها، إلا أنها تبقى إحدى المنارات التي تشع علينا نحن العرب نموذجا لإعادة الأمة العربية إلى وحدتها ليس بالاندماج بل بالتنسيق أو بالتكامل العربي. وأدعو إلى مراجعة التقرير الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية «الإسكوا» ومقرها بيروت، حول التكامل العربي الذي يشكل مرجعية للخروج من الأزمة الخطيرة التي تعيشها المنطقة في موضوع التنمية والنهوض فهو يحتوي على مقترحات مدروسة ومقدمة من خبراء عرب يجب تفعيلها وأعتقد أن هذا ممكن.
باختصار عودة المؤتمر القومي العربي بشكل مصمم على إعادة الاعتبار للفكر القومي العربي والحضور السياسي العام وأيضا ما وفرته الإسكوا من معلومات وتحليلات يمكن أن يشكلا طريقا أو مدرسة يمكن للأمة أن تستعيد بها طريقها نحو الصواب وتصحيح العديد من الانحرافات. وكشرط أساسي يجب أن يتم إستعادة البوصلة الفلسطينية على أرضية مرجعية واحدة كي ننطلق نحو الهدف. أعتقد أن تسريع التصحيح والتصويب ممكن رغم وجود عناصر التفكيك والتشتيت. وأخيرا لن نستقيل من الأمل.
نحن أمة غنية وشعوب فقيرة
أصدر الدكتور كلوفيس مقصود العديد من الكتب كان آخرها «من زوايا الذاكرة ـ رحلة في محطات قطار العروبة» (2014 الدار العربية للعلوم) والكتاب عبارة عن مذكرات يقسمها إلى مراحل في حياته من لبنان إلى مصر فالهند فالولايات المتحدة فالاستقالة من العمل السياسي والتفرغ للتدريس والكتابة والمحاضرات. يختزل الكتاب الكثير من المراحل المضيئة والتي إهتزت الآن بعد كل هذا الخراب. لكن كلوفيس لم يكفر بالعروبة كالكثيرين ممن تربوا على الفكر القومي العروبي. ويؤكد ويكرر أنه لم يفقد الأمل. يقول الحمد لله أن هناك ما زال من الظواهر ما نستطيع أن نفعّـلها حتى تستقيم المعادلة كي نسترجع البوصلة من خلال عودة القضية الفلسطينية «كبوصلة» وقضية مركزية تتجاوز كل النتوءات وتوحد الجماهير. منذ عام 1948 وإلى اليوم هناك إجماع على حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وأن يكون لهم كيانهم المستقل الذي يتمتع السيادة ويجب أن تستعيد القضية الفلسطينية قدرتها على الإلهام من خلال إسترجاع وحدة المرجعية الفلسطينية أولا وغلق باب الانقسام ومن خلال إسترجاع مصر لدورها التاريخي وأن يكون لدينا القدرة على إنقاذ اليمن من محنته الحالية التي تمثل أعلى مراحل الاستقطاب في العالم الإسلامي.
الأوضاع الإنسانية في اليمن وسوريا والعراق والسودان كلها خطيرة. نحن بحاجة إلى إستعادة البوصلة ووحدة الجماهير العربية إن لم يكن في خلال سنة أو سنتين فعلى الأقل في الخمس سنوات المقبلة. يجب العودة إلى عقلنة الأمة العربية سياسيا واقتصاديا. نحن أمة غنية وشعوب فقيرة. هذا هو المطلوب معالجته بشكل واضح كي يسترجع الفرد العربي كرامته وكي تستعيد المرجعية الأخلاقية في وجودنا وسياساتنا. وهذا ممكن. ولعل عودة «المؤتمر القومي العربي»وانتخاب الدكتور زياد حافظ أمينا عاما للسنوات الثلاث المقبلة الذي اختتم أعماله في بيروت مساء 3 حزيران/يونيو الماضي بادرة للتصحيح.
عبد الحميد صيام

*عن صحيفة “القدس العربي

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا