حوار
مع أحمد المتمسك كاتب وطني سابق للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة على هامش المؤتمر
الوطني الاستثنائي للجمعية
حاوره
الأستاذ : محمد الغرباوي*
بحكم
ترأسكم للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة في السنوات الأولى من تأسيسها، هل ممكن أن
تقيم لنا تلك المرحلة بسلبياتها وإيجابياتها وإكراهاتها؟
مرحبا،
الجمعية تأسست بالضبط سنة 1967، تأسست من خلال الرعيل الأول خريجي الشعبة الفرنسية
للفلسفة، منهم أناس معروفين " كنورالدين الصايل" " بنعدي "...
الذين سبقوني بطبيعة الحال، والسؤال الذي يجب أن نجيب عليه أولا هو لماذا كونوا هذه
الجمعية؟ كونوا الجمعية لأنهم لم يجدوا أنفسهم في التدريس الذي كان في كلية الفرنسيين،
ولم يجدوا أنفسهم عندما تخرجوا كأساتذة بالطريقة التي كانت متبعة في التدريس بالثانوي
والتي كانت تدرس باللغة الفرنسة.إذن جاءت هذه الجمعية لكي تكون صوتا آخر يتعلق بأناس
أرادوا أن تكون الفلسفة رافدا من الروافد الأساسية للتحليل الفكري للمجتمع المغربي،
وبالتالي كانوا ينظمون مناظرات وبالرغم من قلتها إلا أنها كانت مهمة فيما يتعلق بالمبادئ
الأساسية التي يجب أن ينبثق منها تعليم الفلسفة والدرس الفلسفي بالمغرب.بعد ذلك تم
التفكير في توسيع دائرة الجمعية لكي لا تبقى حكرا على الذين تكونوا باللغة الفرنسية
الشيء الذي رافق هذا التوسيع تعريب الفلسفة سنة 1973. فالجمعية أسست على أساس الدرس
الفلسفي، ولكن ظروف سنوات الرصاص جعلتنا نأخذ موقف من الاعتقال السياسي لأساتذة الفلسفة.
ما هي
الضريبة التي دفعتموها نتيجة تبنيكم لهذا الموقف وفي سنوات السبعينيات بالأساس؟
ما يجب
أن يعلمه الجميع هو أن الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة تعد الجمعية الوحيدة التي أخذت
موقفا وأصدرت بلاغات في هذا الشأن، والتي رفضت الصحف الوطنية آنذاك نشرها خوفا لقوة
لغتها ومضمونها، وفي بعض الأحيان كانت تنشرها مبتورة، عكس الصحف الدولية وخاصة الفرنسية
منها كانت تكتب عن مواقف الجمعية، وهذا خلق لنا متاعب مع السلطات مع الشرطة... وأنا
شخصيا كانوا يستدعونني أسبوعيا للاستنطاق.
ماذا
استفاذ مدرس الفلسفة من الجمعية آنذاك؟
الجمعية
عملت في هذا الاتجاه على تأسيس ممارسات فلسفية جديدة، يمكن اختزالها في تمكين التلميذ
من استراتيجية تفكيرية فلسفية جديدة وعدم الاكتفاء بالتلقين، ومن أجل تحقيق هذا وجب
الاشتغال على استراتيجية بيداغوجية جديدة تجلت في محاولة مواجهة المدرس مع النص الفلسفي،
حيث عملت الجمعية على تمكين المدرسين من مجموعة من النصوص مع منحهم حرية اختيار النصوص
التي من الممكن أن تخدم السيناريو الفلسفي الذي يشتغل عليه. كما اشتغلت الجمعية على
الجذاذات البيداغوجية الفلسفية وتعميمها على جميع دروس الفلسفة.لكن مع الأسف لم نستمر
في اشتغالنا كثيرا لأننا تعرضنا للقمع، وأنا شخصيا تم طردي من سلك التفتيش سنة
1978 من طرف العراقي آنذاك. نفس الشيء بالنسبة لأصدقائي تعرضوا للقمع كذلك.
لكن
ما سبب الركود الأخير الذي عرفته الجمعية في نظركم؟
صراحة السبب الرئيسي هو الخوف وهو سبب مشروع ، لأن
الرعيل الأول كل واحد منهم ذهب لتخصص آخر فمنهم من اختار السينما ( نورالدين الصايل
) ومنهم من اختار السياسة والنقابة ( بنعدي) ومنهم من غادر المغرب ( الطاهر بنجلون
)... وهذا الخوف كما قلت مشروع لأن طبيعة المواقف جعلت الكل مستهدف...
كتقييم
أولي وأنتم تحضرون المؤتمر الاستثنائي الوطني، كيف تنظرون لمستقبل الجمعية؟
صراحة
من خلال ما لاحظته داخل قاعة المؤتمر فأنا جد متفائل، الآن ممكن للجمعية أن تمارس العمل
الفلسفي الحقيقي لأنه لم يعد هناك خوف، لم تعد هناك متابعات، بل بالعكس الدولة في حاجة
الى من يمارس هذا النوع من التفكير، فالنظرة الى مدرس الفلسفة تغيرت تماما مقارنة مع
السابق. لكن التحديات لا يمكن ان تتجاوز الا في إطار عمل وتفكير جماعي وهذا ما لمسته
من خلالا هذا الجمع.
كلمة
أخيرة أستاذي ممكن أن توجهها لأساتذة الفلسفة وكل المهتمين بالشأن الفلسفي؟
أستاذ
الفلسفة، الباحث في الفكر الفلسفي ... يحملون هما واحدا هو الدفاع عن الفكر الحر وخلق
جيل قادر على التفكير المعقلن، على ممارسة الشك، على التساؤل... وبالتالي أقول لهم
أنتم المستقبل...
*محمد الغرباوي، أستاذ مادة الفلسفة بثانوية
السعديين التأهيلية بالعيون الشرقية، أكاديمية جهة الشرق.