الدار البيضاء والشاوية
عن منشورات مجلة أمل بالدار البيضاء، صدرت الطبعة العربية الأولى في كتابين من مؤلف" الدار البيضاء والشاوية" الذي أعدته البعثة العلمية الفرنسية في بدايات القرن الماضي. وقد أنجز الترجمة، ضمن عمل علمي، الأستاذ الباحث في التاريخ المعاصر
نور الدين فردي.
وقد نشر الكتاب سنة1915 وتم تأليفه مابين 1913و1914 بموجب قرار صادر عن الإقامة العامة ،وهو عبارة عن تقارير كتبها ضباط الاحتلال وأعضاء من البعثة العلمية، فبعد جمع التقارير الأولية بعثت إلى مصالح إدارة الإقامة قصد تصحيحها، ثم قدم مبعوثان من البعثة العلمية، هما كرولGROULLE وميشو بيليرMICHAUX-BELLAIRE لتجميع هذا العمل وإتمامه. والكتاب هو بداية لسلسلة من المؤلفات نشرتها البعثة العلمية للمغرب تحت عنوان (مدن المغرب وقبائله) ،وكان بداية لهذا المشروع، وتلته بعد ذلك سلسلة حول طنجة ونواحيها ودكالة وازمور ...وكونت سلسلة مدن المغرب وقبائله مع دراسات أخرى كالوثائق المغربية والوثائق البربرية ...كتابات غطت مناطق أخرى من المغرب. وكان الهدف من هذه الدراسات إرشاد المعمرين وتعريفهم بتناقضات المجتمع المغربي، بهدف استغلاله وإحكام السيطرة عليه.
ومن خلال ما سبق ذكره،يمكن القول أن الكتاب ألف في فترة بناء الإدارة الاستعمارية التي دشنها الجنرال ليوطي (Lyautey) بعملية مسح استعلامي للمناطق التي احتلها.
وفي ما يلي ورقة تعريفية بهذا الكتاب الهام :
- أهمية كتاب "الدار البيضاء والشاوية":
يعتبر هذا الكتاب من أهم الدراسات التي أنجزت حول منطقة الشاوية في الفترة الاستعمارية، حيث أن الكتابات الأخرى تطرقت لبعض الجوانب خصوصا الاحتلال العسكري للشاوية، أما كتاب "الدار البيضاء والشاوية" فهو كتاب شامل يغطي جميع قبائل الشاوية ومدنها ويتطرق للجوانب السياسية والتاريخية والدينية والاقتصادية والاجتماعية. ويضم الكتاب جزأين، يتضمن الجزء الأول أربعة فصول وتقديم وملاحق:
§ التقديم:
يتطرق لشرح ظروف تأليف الكتاب ووثائق ملحقة وبيبليوغرافيا.
§ البلاد:
وصف لتضاريس المنطقة وبنيتها ومناخها وفلاحتها وساكنتها...
§ الدار البيضاء:
يتطرق هذا الفصل إلى تاريخ المدينة منذ العصور القديمة حتى الاحتلال الفرنسي، وساكنة المدينة (المسلمون، اليهود، المحميون...) والإدارة (المخزن، المدارس، القضاء، النظام القنصلي...)، والحركة الاقتصادية بالمدينة (الميناء، الأراضي، التجارة...).
§ الشاوية:
يتعرض هذا الفصل إلى التكوين العرقي لقبائل الشاوية وتاريخ استقرار هذه القبائل عبر المراحل التاريخية، والتدخل الأجنبي بالمنطقة سنة 1907 ،والمواجهات التي حدثت بين الاجانب و السكان.
§ القبيلة:
يتطرق هذا الفصل إلى تقسيمات القبيلة والفئات الاجتماعية والسكن والعادات والحياة الاقتصادية والدينية لقبائل الشاوية.
§ ملاحق:
تضم عدة تقارير حول مواضيع مختلفة وقد أثرنا عدم ترجمتها لأن المعلومات الواردة بها تضمنها الكتاب، أو يمكن الرجوع إليها في مصادر ومراجع أخرى أكثر إفادة خصوصا بالنسبة للجانب التاريخي.
وبالنسبة للجزء الثاني، يضم دراسة لكل قبائل الشاوية، حيث يتم التطرق لتاريخ كل قبيلة على حدى ومواردها الاقتصادية وتقسيم فخداتها...:
تقديم حول تقسيم القبائل.
قبيلة مديونة: التاريخ، السكان والنشاط الاقتصادي...
قبيلة أولا زيان: التاريخ، السكان والنشاط الاقتصادي...
قبيلة الزيايدة: التاريخ، السكان والنشاط الاقتصادي...
قبيلة أولاد حريز: التاريخ، السكان والنشاط الاقتصادي...
قبيلة المذاكرة وأولا علي: التاريخ، السكان والنشاط الاقتصادي...
قبيلة مزاب والأعشاش: التاريخ، السكان والنشاط الاقتصادي...
. قبيلة أولاد سعيد : التاريخ ،السكان والنشاط الاقتصادي
. سطات وقبائلها : تطور مدينة سطات ،الأنشطة داخل المدينة،تاريخ قبائل سطات (أولاد بوزيري،أولاد سي بن داود،المزامزة)وساكنتها والأنشطة التي تزاولها...
. ملاحق تضم إحصائيات وتقسيم المناطق بعد احتلال الشاوية
والكتاب تقرير مفصل عن منطقة الشاوية ،ورغم انه كتب لأغراض استعمارية ،فانه تضمن معلومات مهمة عن المنطقة ،فإضافة إلى الجوانب التي ذكرنها سالفا ،تطرق الكتاب إلى جوانب كانت مهملة عند مؤرخينا في القرن 19 م وبداية القرن 20م، كالعادات والسحر والزواج وطقوس زيارة أضرحة الأولياء والمسكن وأنواع الصناعات التي ادخلها الاستعمار..... .
كما تضمن الكتاب إحصائيات (عدد السكان ،رؤوس الماشية،مداخيل الأسواق،كمية الحبوب و المزروعات ...) ويؤرخ للتغيرات التي أحدثتها إدارة الاستعمار، مابين 1907 و1914 ( تقسيم القبائل،تنظيم المجال،دور الميناء،الاحياء السكنية..)
إن كتاب الدار البيضاء والشاوية يعطي صورة عن الفترة التي كتب فيها، وبذلك احتفظ لنا بعدة أسماء لشخصيات ومواقع وأحياء وإحصائيات، كما ابرز لنا مدى قوة الاصطدام بين اقتصاديين مختلفين ،رأسمالي احتكاري يقوم على غزو الأسواق، ومعيشي تقليدي يعتمد على الاكتفاء الذاتي .