لا ينتظرون ترخيصا رسميا ولا يحتاجون صالات عرض تقليدية، بل يقدمون عروضهم الفنية في الشوارع حيث الناس وحيث الحياة. موسيقى ورسم ومسرح ورقص وشعر
ولوحات جدارية تغير ملامح المدن وتدق في عروقها دماء فنية جديدة.
ولوحات جدارية تغير ملامح المدن وتدق في عروقها دماء فنية جديدة.
إنه فن الشارع الذي بات ظاهرة متنامية في أغلب الدول العربية، كاشفا عن موجة فنية جديدة تتجاوز أبعادها الفن إلى أبعاد اجتماعية وسياسية لا تخطئها عين المتابع.
حلقة (24/6/2016) من برنامج "الواقع العربي" سلطت الضوء على تنامي ظاهرة فن الشارع في البلاد العربية، ودلالاتها الاجتماعية والسياسية.
في البداية قال المخرج والباحث في مجال الموسيقى والمسرح بشير الزمامي إن فن الشارع تعبير عفوي بطريقة فنية عن الحرية، مشيرا إلى أنه ذو جذور تاريخية قديمة، فقد ظهر في أثينا.
وأضاف أن فن الشارع ينتج إما عن قمع سياسي أو زخم في الحرية، لافتا إلى أنه انتشر في بعض البلاد العربية في أعقاب انطلاق الربيع العربي.
ومضى الزمامي مؤكدا أن فن القاعات هو فن نخبوي لجمهور يحضر في قاعات، بعكس فن الشارع الذي يحدث علاقة أكثر حميمية بين الفنانين والجمهور.
من جانبه، قال الفنان الأردني بشار خريس إن فن الشارع يعبر عن الأحاسيس والمشاكل والضغوط التي يتعرض لها المواطن، مشيرا إلى أن هذا النمط الفني لم يلق قبولا في البداية، إلا أنه بمرور الوقت أصبح محبوبا من الجمهور الذي بات يطلبه ويتذوقه.
وعاد الزمامي ليشير إلى أن البيروقراطية كانت سببا في اتجاه الشباب إلى هذا النمط من الفن بديلا عن الطرق التقليدية. وأكد أن فن الشارع يحمل رسائل سياسية بالأساس وهو أيضا لون من ألوان الاحتجاج.
وقال خريس إن هذا اللون من الفن ساعد على كسر الحواجز وتعزيز الموسيقى الثقافية لدى الجمهور، كما أنه عرف اللاجئين الموجودون بالأردنوغيرهم بأنماط فنية عدة.
ودلل على حديثه بالانتقادات التي كانت توجه لفناني الشارع في البداية، لكن مواصلة تقديم عروضهم الفنية ودمج ألوان أخرى من الفنون حوّل الظاهرة إلى ظاهرة شعبية. وأضاف أن موسيقى الشارع انتقلت لاحقا إلى ما يسمى بـ"موسيقى الشرفات" في بيوت عمّان القديمة.
وانتقد الزمامي التناقض بين إعجاب المسؤولين بفن الشارع الذي يُقدّم في بعض الدول الأوروبية، في الوقت الذي يرفضون فيه ذلك في بلدانهم العربية، لكن خريس عزا الرفض الرسمي أحيانا إلى الخوف من التجمهر وحدوث مشاكل أمنية.