“لا يمكنها أن ترى شعرك لأنها مشركة كافرة وعليك التعامل معها كتعاملك مع أي رجل أجنبي.”
لم أقتنع وقتها بأن “الكتابيات” يجب أن يعاملن معاملة الرجل الأجنبي، فضربت بكلامه عرض الحائط. ازداد ارتباطي بصديقتي وصرنا مثل الأخوات. رأيتها تصلي وهي تلبس ملابس صلاة كالتي ألبسها أنا. أبهرني مدى ارتباطها بالله. كانت تتضرع إليه ولمست استجابته لدعائها. شعرت بحبها لربها. قرأت الكتاب المقدس لأجد أنه كلام جميل وقصص أنبياء وحكم، لا يفرقه عن قرآني سوى السجع والنغم الجميل.
رأيتها مؤمنة بعقيدتها وتحاول الوصول إلى الله بطريقتها الخاصة تماما مثلي.
صدمني حزنها من عدم إيماني بيسوع الرب الذي حمل العذاب عني (من وجهة نظرها)، هي حزينة علي؟! هذا يعني أنني أنا الكافرة هذه المرة. لم أنظر لنفسي ولو مره واحدة على أنني كافرة. إنها الحقيقه المفزعة.. أنا كافرة!
في الواقع المسلم والمسيحي واليهودي والبوذي والهندوسي وحتى عبدة حورس، كل منا يرى الآخر كافراً، ويتجلى هذا الأمر بين الديانات السماوية الثلاث التي من المفترض أن كل معتنقيها مؤمنون، فجميعنا مؤمن بوجود رب يدبر الأمور ويسير المقادير ورغم ذلك نوصم الأخر بالكفر ولا نكف عن محاولة نشر ديننا بشتى الطرق لأنه هو الدين الصحيح من وجهة نظرنا،
فعلى سبيل المثال لا الحصر، المسلمون يحاولون إقناع النصارى بالإسلام، والمسيحيون يحاولون “تنصير” مسلموا أفريقيا الوسطى. لا أحد يفكر في أن صاحب الدين الآخر سعيد بعقيدته. فقط نحاول أن نثبت أن الآخر على خطأ..
فترى بعض المسلمين يسخرون من ترانيم الكنيسة، وبعض المسيحيين واليهود لا يرون في المسجد سوى رائحة الأقدام الكريهة، أما عن أصحاب المذاهب المختلفة من نفس الديانة فحدث ولا حرج.. المسلم الشيعي كافر كلياً من وجهة نظر المسلم السني!
والمسيحية الأرثوذكسية لا تستطيع الزواج من مسيحي كاثوليكي!
واليهود من طائفة “الحريديم” يرون أنهم فقط من يتبعون الدين الحق وكل اليهود الآخرين على ضلال! وبالرغم من أننا جميعنا في النهاية “مؤمنون”، إلا أننا نتقن فن التسفيه من كل الأديان الأخرى والسخرية من شعائرها لنقنع أنفسنا بأننا فقط من نتبع الدين الصحيح.
عزيزي المؤمن، إن كنت قد نجحت في الوصول إلى عقيدة ترضيك فهنيئاً لك. حاول التقرب إلى الله بطريقتك الخاصة دون المساس بالأديان الأخرى.
أما عنك صديقي الملحد فكما تطالب باحترام قرارك بترك الدين احترم أنت أولا عقائدنا ولا تسمح لإلحادك أن يحولك لشخص بغيض يستغل أبسط الفرص للسخرية من أي مظهر من مظاهر التدين.
وفي النهاية كل ما هو مطلوب منا جميعاً أن نكون مهذبين في كفرنا، فأولاً وأخيراً كلنا كفار!