من ألبوم ذكريات الرئيس.. مسعودة بوطلعة .
عندما ذهبت الى تركيا سنة 2012 رفقة وفد اعلامي
من المغرب العربي، إلتقينا بمجموعة من مستشاري رجب الطيب اردوغان و مدير مركز الدراسات
الاستشرافية
التابع مباشرة للوزارة الاولى، قدموا لنا شروحات عن العمل، وكيف يبحث المركز
عن الامكانيات الاقتصادية المستقبلية لتركيا، وآفاق الاستثمار خارج تركيا والقطاعات
التي يجب التركيز عليها، وسبل تحقيق ذلك على المدى القريب والمتوسط والبعيد. بالاضافة
الى ذلك يبحث المركز عن ايجاد الحلول لمختلف الازمات وتوقع بعضها داخل وخارج تركيا
وكيفية التعامل معها، والبحث عن منافذ وابواب جديدة لبسط النفوذ الاقتصادي والسياسي
و غير ذلك.. ما لفت انتباهي وآلمني ( لانني قارنت ذلك مع حال الجزائر) أن اكبر المستشارين
والمقرب من اردوغان لا يتعدى عمره 45 سنة على اكثر تقدير، وفيهم من هو فوق الثلاثين
بقليل .. تذكرت هذه الزيارة و هذا اللقاء بعد ان سمعت خبر تعيين بوعلام بسايح مستشارا
خاصا لرئيس الجمهورية، حيث يبدو ان الرئيس غلبه رمضان واراد ان يطبق المثل القائل
"الطنيجرة القديمة تطبخ شربة بنينة"، ولذلك فتح ألبوم ذكرياته و استدعى الصديق
القديم بوعلام بسايح لتقديم طبخة جديدة، قد تكون كسابقاتها تحمل بذور فشلها، لأنها
لا تأخذ بأسباب النجاح، فلا تتوقع نتائج مختلفة وانت تتبع الطرق نفسها.. وكما تقول
أمي نحن في زمن "الثيفال" و لكل زمن طناجره وأدوات طبخه ولذلك اوصي باخفاء
هذا الالبوم الى نهاية رمضان، لا يمكن ان نتحكم في الامر قد يغلب رمضان الرئيس مرة
اخرى ويعين شخصا قد رحل منذ اعوام. كما نلفت الانتباه الى انه ان تنظر إلى الدولة بعين
هذا الجيل وهذا العصر، ان تنظر الى المستقبل بعين المقبل عليه وليس بعين من يهم لمغادرته،
ان تنظر الى الحاضر بعين الباحث عن افاق للغد وليس بحامل لازمات ورؤى الامس، يلزمنا
ان ننتقد تعيين مستشارا ووزيرا في سن 86 ، والامر لا يتعلق بسنه الزمني بل بما يمثله
هذا السن من عجز عن استيعاب حاجات الدولة والعمل في وضع جد دقيق تعيشه الجزائر على
كل المستويات. ومن لم يستسغ ذلك بحجة ان الرجل صال وجال، فهذا لا يشفع له انه في زمن
الفضاء المفتوح والتطور الرهيب في قواعد تسيير الدولة والاستشراف المسبق واستشراف الاستشراف،
و استراتيجية الامن المتعدد المستويات والمتشابك، واستراتيجية الحدود الهلامية والعلاقات
اللينة .. نحن في هذه المرحلة بحاجة الى فكر الشباب، ورؤية الشباب، وجرأة الشباب، وحماس
الشباب، وقدرة الشباب على التحمل والصبر وطول النفس .. نحن بحاجة لنفس جديد، لأمل جديد،
لرؤية مختلفة عما هو موجود فوق. لكن يبدو اننا دولة تنظر الى الوراء، و نظام لا يتقبل
كل من يختلف عنه، ويرفض فتح المجال لدخول كفاءات جديدة و هو يستهلك ما بقي له من خزان
قد شرب الدهر عليه وأكل، واثبت انه فشل في تسيير دولة بحجم الجزائر ، انتهى بها المطاف
في ظرف 50 سنة لتعيش ازمتين متشابهتين الفارق الزمني بينهما 30 سنة فقط، دون ان تكون
هناك حلول ناجعة، أليس هذا عجز و عدم قدرة كل من كان في النظام، بل فشل تام حتى في
خلق احتياطي محترم للكفاءات يلجئ إليه النظام وقت الحاجة والازمة. كل من يدور في فلك
النظام منذ الثمانينيات وكأنهم صنعوا بقالب واحد للأسف رديء ( الا من رحم ربك)، وعلينا
ان ندخل على هذا النظام قوالب جديدة، بأفكار ورؤى جديدة، وتزويد القاطرة بقطع غيار
جديدة، إن أردنا أن تسير عجلة الدولة و البلد الى الأمام. كفاءات جديدة يكون ولاؤها
للجزائر لا الى الجهاز فلان ولا الى الجهة علانة. اما ان بقينا نغير القطع بقطع اقدم،
فتوقعوا ان تتعطل القاطرة في اي منعرج او تتلف في منتصف الطريق.. نحترم السيد بسايح
لكن عليه ان يستريح، الجزائر بحاجة لطاقاتها الشابة إن أرادت ان تخرج من النفق.