-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

أين أنت يا عزيزي روسو ؟غادة الوكيل

اطمئن أيها القارئ العزيز، فلست أنوي إرهاقك بحديث عن الفلسفة !.. وليس من شيمتي إكراهك علي القراءة أو التفكير. و لا أدنو إليك إلا لأهمس لك ببعض الكلمات ثم
نمضي، أنت لحال سبيلك، وأنا لحال سبيلي.
مع أنه ربما قد حان وقت الفلسفة ! ووقت الفكر والتفكر!. هل أذكرك فقط بالعقد الاجتماعي لجان جاك روسو؟ .. هل سمعت عن روسو؟ هل قرأت لروسو؟ هل قرأت عن روسو؟. هذا الفيلسوف العظيم، مفجر الثورات! فإن روسو هو بلا منازع الأب الروحي للسياسة الحديثة! فيلسوف الثورات والشعوب!
روسو هو مفكر ومفجر ما نسميه بالنظام! .  إن النظام الذي يراه – روسو – يقوم علي فكرتين رئيسيتين هما الحرية وتعني الاستقلال وخضوع الفرد للقانون الذي يسنه بنفسه وحريته لاتتجاوز حرية غيره. والمساواة : أي المساواة في الاستقلال الفردي، والمساواة في الحريات. فلا ضمان لان تكون الحرية للجميع إلا بالمساواة كتب تلك الكلمات الفيلسوف روسو، لتقوم بعدها الثورة الفرنسية. ولكن، هل يهمنا ذلك ؟ .. هل يهمنا روسو، أو غيره ؟.. أعلم أنك لا تبالي !.. و أعلم تماماً كم هو مؤرق استحضار الفكر، و كم هو منهك استنساخ العلم، و كم هو مزعج استقواء الذهن.. وأعي تماماً كم هي بعيده تلك الأيام، التي كنا نفيق فيها من قراءة لنغفوا حالمين بأخري.
كم هي بعيده تلك الأيام، التي كانت تجمع بين وجداننا ووجدان العظماء ممن أمضوا أيامهم يدونون بهاريز التفكير، يخلصون فيما يظنون، يلخصون لنا علوما باتت حبيسه الكتب و الأدراج، ولا يعنون لكسلنا، وقلة اهتمامنا وكثره عنجهيتنا.. عظماء باتوا يفكرون ويكتبون ويرجون، وبتنا تتجاهلهم بل تتكبر عليهم.  نتكبر علي هؤلاء الفلاسفه، نتكبر بكل ما يفيض علينا به زمننا من آثام الاستعلاء والجهل المستتر.. فلا ندرس الفكر أو نقوم بتدريسه.. ولا نأبه لهذا الغطاء العقلي الذي تلهث وراءه سائر الأمم!. نعم! .. تلهث وراءه سائر الأمم !.. ولا نهتم.. ولا نكترث.. ونبقي في عنادنا معميين !.. ونلقب أنفسنا بالنخبة، رافعين كوؤسنا في نخب جماعي للجهل والتجهيل.. ونلوم الوقت ! الذي لا يكفي أبدا.. وأعلم تماماً كم أصبح الوقت ثمينا ! فلا نهدره في هذا الشئ البغيض الذي يسمي بالقراءة والمطالعة والتعلم والاستنارة.. أعلم جيدا كم أصبح الوقت ثمينا ! فلا نضيعه باحثين في أم الكتب، أو بناتها، عن أنفاق وسبل قد تجعل عقولنا البالية تتقلب، فتستيقظ، فتتقبل، فتفكر، فتبدع!.. فلا روسو و لا سارتر و لا حتي إبن رشد أو تيمور! من أنتم؟ ماذا تعرفون عن حياتنا الحديثة المستحدثة ؟ ماذا تعرفون أنتم عن تهذيب وجدان أولادنا؟ أين أنتم من زمن أصبح فيه ثمن كيس ملون يحتوي علي البطاطس المقلية علي هيئه قراطيس، أغلي من ثمن كتاب أصم، لا تجد فيه سوي كلمات وأسطر وحروف…. كلمات لا تغني من جوع.. نعم يا عزيزي روسو.. استقر في مضجعك، ولا تأتي إلينا باسطا علمك !. فنحن لا نريد أن نتعلم.. وليس لدينا زمان ولا مكان لنتعلم أو نعلم !
نحن قوم مهمون، في أمور أكياس البطاطس الملونة منخرطون، لسنا عابثين، ولا لوقتنا الثمين مفرطين.. نحن النخبة! فلا روسو ولا إدريس، ولا الجاحظ ولا هوجو!
نحن النخبة!.. ووقتنا ثمين ! ثمين جداً ! ربما أثمن من أكياس البطاطس الملونة تلك!
فهل تتفهمون؟ هل تتفكرون؟ هل تتدبرون؟ .. نحن النخبة ونحن من يحدد قيمة الوقت! ونحن لا وقت لدينا للتعليم أو التعلم! فنحن نعلم وأنتم لا تعلمون!
 وما العلم إلا نظريات فارهة، تضع ثمنا باهظا علي أكياس ملونة مملوءة بالبطاطس المقلية اللذيذة.  أفيقوا يا قارئي روسو وأفلاطون.. أفيقوا أيها الأكاديميون الجهلاء!. نحن النخبة.. ونحن نعلم ما يريده الشعب! . والشعب يريد أكياس البطاطس.. نعم ! الشعب يريد أكياس البطاطس الملونة، وربما بعض الضجيج المفزع المسمي بالموسيقي الحديثة لمصاحبتها.. نعم ! نحن قوم نأكل البطاطس من أكياس ملونة.. ونحن قوم إن أكلنا لا نشبع !
ونحن النخبة !.. نحن النخبة ! ونحن نسوق هذا الشعب ! .. نحن النخبة ونحن لا نكترث لك أيها الروسو اللعين!.. فلا تأتي أنت لتوقظنا من سباتنا الجميل.. فلا تأتي أنت لتصدع رؤوسنا بحديثك عن الدساتير والنظام وفقه السياسة وحقوق الشعوب !.. فلا تأتي أنت متمنيا الانتساب للنخبة! من أنت أيها الروسو لتؤرقنا في منامنا، وتغدق علينا وابلا من الأفكار، لسنا بحاجه إليها ؟ .. اذهب إلي تلك الدول العابثة يا روسو، اذهب إلي بلدان خرفه، مازالت تتشدق بالعلوم والحكمة !

اذهب إلي أناس – من فراغهم- لا يزالون يقيمون المدارس والمعاهد والجامعات !. نحن النخبة هنا، ونحن منشغلون، منهمكون! نكتب الدساتير ونسن القوانين ونسوق العباد !. نحن قوم مهمون. لوجداننا حافظون، لأهمية دورنا مدركون، ولمستقبل أمتنا فاقهون، لجداول انتخاباتنا مستعدون ولشعبنا منتصرون!.. نحن النخبة ! وأنت يا روسو شبح من الماضي.. لا يتذكره أحد.. وأظل متفائلة.. جداً !

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا