مراسلة الطاهر الطويل
شارك "معهد الشارقة للتراث" أخيرا في فعاليات المهرجان الدولي
للحكاية "مغرب - حكايات" الذي تنظمه سنويا "جمعية لقاءات للتربية والثقافات"
خلال شهر رمضان
بمدينة تمارة. وبهذا الخصوص، حرص عبد العزيز المسلم رئيس المعهد على
عقد لقاء مفتوح مع الإعلاميين والباحثين والكتاب المغاربة في مجال التراث الثقافي غير
المادي، وذلك لتعريفهم بجائزة الشارقة الدولية للتراث الثقافي والتي تم إطلاقها مؤخرا
من طرف المعهد لتكريم الجهود المبذولة عالميا في خدمة التراث الثقافي غير المادي. كما
قدّم العدد الأول من مجلة "الموروث" التي يصدرها المعهد، وهي مجلة محكمة
ومتخصصة في مجال التراث الثقافي بصفة عامة.
وفي تصريح صحفي، تحدث عبد العزيز المسلم عن الأدوار التي يقوم بها المعهد
في مجال صون وحفظ التراث الثقافي بشقيه المادي وغير المادي، حيث قال إن المرتكزات الأساسية
لمعهد الشارقة للتراث تتجلى في جمع التراث غير المادي من أدب شعبي وتقاليد وعادات ومعارف
شعبية وغيرها، بموازاة مع الاهتمام بالتراث المادي من خلال حفظ وصون وترميم المباني
التاريخية. وفي هذا الإطار، ينصب عمل المعهد على ستة مواقع تاريخية: مدينة الشارقة
القديمة وواحة الذيد ومنطقة فلي والمدن التاريخية المتمثلة في كلباء وخرفكان ودبا الحصن،
وهي مدن ذكرها ابن بطوطة في رحلاته، ولكل واحدة منها طابع خاص، إذ تجمع ما بين العمارة
العربية الإسلامية وتأثيرات من العمارة التي استعملها الغزاة البرتغاليون. وترتكز مجمل
الأعمال الترميمية على المساجد والبيوت والحصون والقلاع وأبراج المراقبة الموجودة في
أعالي بعض الجبال والتلال الرملية وغيرها.
في مجال التراث المادي المنقول، يتوفر المعهد على مركز يختص بصيانة وإحياء
مجموعة من الحرف الإماراتية، ومعظمها حرف نسائية في مجال الحياكة والتطريز و"سف
الخوص" وصناعة الحناء والعطور والبراقع. وهناك خطة لإحياء الحرف الرجالية التقليدية
التي يقتصر حضورها لحد الآن على المهرجانات المختصة والمناسبات الثقافية والتراثية.
كما يتوفر المعهد على مكتبة متخصصة مفتوحة في وجه الباحثين، وعلى مختبر
لترميم الوثائق والمخطوطات، وأستوديو صوتي لتسجيل المرويات والأغاني الشعبية وغيرها،
وقاعة معارض تستقبل معرضاً كل ثلاثة أشهر بحسب كل مناسبة، وقسم للمطبوعات والنشر. ويقيم
المعرض دورات تدريبية للحصول على دبلومات خلال مدد قصيرة.
أما بخصوص علاقته مع عدد من المنظمات العالمية التي تعنى بالتراث، فأوضح
عبد العزيز المسلم أن معهد الشارقة للتراث ينسق مع "اليونسكو" من خلال تسجيل
عناصر تراثية في قائمة التراث العالمي، وأرشفة التراث العربي، وتنظيم دورات تدريبية
وتبادل الخبرات، وإقامة برامج مشابهة مثل برنامج "رعاية الراوي" الشبيه لبرنامج
"الكنوز الحية" المعتمد في اليونسكو.
كما يشارك معهد الشارقة للتراث بفرقة شعبية في "المجلس العالمي لمنظمات
مهرجانات الفلكلور" (CIOFF). ويربطه أيضا عقد شراكة مع "المركز
الدولي لدراسة وصوت وترميم الممتلكات الثقافية" (إيكروم) جرى بموجبه إنشاء مكتب
إقليمي عربي لهذا المركز، بتمويل سخي من حاكم الشارقة، وهو أول مكتب تفتحه "الإيكروم"
خارج روما.
ومن جهة أخرى، شرع المعهد في تنظيم أسابيع للتراث العالمي خاصة بعدد من
الدول بحسب استجابتها. وعن سبب هذا التوجه الجديد، يقول عبد العزيز المسلم: كانت المشاركات
الدولية تنحصر في مهرجان أيام الشارقة التراثية، فأصبح المهرجان كبيرا ومثقلا جدا بالفعاليات،
ورأينا أن الناس تريد أن تستمتع بتراث خاص لبعض الدول، فلاقت هذه الرغبة توجيهات من
حاكم الشارقة، وبالتالي أصبحنا ننظم أسابيع التراث العالمي، ونستضيف الدول حسب استجابتها،
علما بأن المشاركة الفردية لدولة معينة تكون مركزة وذات مصاريف أقل من المشاركة العامة
الكبيرة، وهكذا استضفنا المغرب والبحرين ومصر والكويت وكينيا ومقدونيا...
وعن آفاق عمل المعهد، أوضح مديره أنه تم توقيع اتفاقية مع أكاديمية الفنون
بمصر (المعهد العالي للفنون الشعبية) لتبادل الخبرات والمناهج والاعتراف بالشهادات،
وأخرى مع معهد التراث الثقافي الإسباني لتنفيذ بعض البرامج التعليمية في الشارقة. وهناك
سعي لتوقيع اتفاقيات ومعاهدات مع جهات أخرى كجامعة التراث في كوريا ومعهد الدراسات
التراثية في جامعة لافال بكندا، حيث سيكون لها صدى كبير لدى الطالب في معهد الشارقة
للتراث للاستفادة من برامج من أقاصي الشرق والغرب.