متابعة: عبد الجليل أنوار السعيدي
في إطار الأنشطة الثقافية والفنية، نظمت خزانة المعاريف- لارميطاج، التابعة للمديرية الجهوية لوزارة الثقافة بجهة الدار البيضاء سطات، يوم السبت 23 يوليوز
2016، في الساعة الخامسة زوالا، بتنسيق مع نادي القلم المغربي، ومختبر السرديات، والجمعية البيضاوية للكتبيين، ندوة ثقافية في موضوع "الجهوية بالمغرب والتدبير الثقافي" وذلك بمشاركة كل من د/شعيب حليفي، ود/ بوشعيب الساوري، و ذ/ عبد اللطيف حبشي، و ذ/ الطاهرة حجازي، ويوسف بورة.
بداية تقدم محافظ الخزانة، السيد العلوي، بالشكر لكل الحاضرين الذين يؤثثون فضاء هذه الجلسة التشاورية الاقتراحية، مع تأكيده على الدور الذي تقوم به المندوبة الجهوية في إشراك كافة المثقفين قصد الإدلاء بآرائهم في القضايا الجهوية الراهنة، ومن بينها الاعتناء بالشأن الثقافي بالجهة في ضوء المستجدات التي جاء بها الدستور. بعد ذلك أبرز، منسق هذه الجلسة، شعيب حليفي، أهمية الموضوع المتعلق بالتدبير الثقافي لجهة الدار البيضاء سطات، خصوصا وأن الجهوية مازالت في بدايتها، الأمر الذي يستوجب اقتراحات عملية ليكون للثقافة حضور ضمن السياسات الكبرى للجهة، كما أشاد بالدور الذي يقوم به مجموعة من المثقفين في بناء صرح الجهة نظرا لما للثقافة من دور في تحسين سبل العيش لكيلا تصبح مدننا جدرانا بدون حياة. ونبه في مداخلته إلى العمل على استثمار مؤسسات البحث العلمي من جامعات وكليات ومراكز، وذلك للتعريف بالمنطقة وتراثها الحضاري والتاريخي والثقافي، والتعريف بالبادية التي تعاني تهميشا خطيرا، في حين تعتبر من الروافد التي أسهمت في بناء المدينة، وكذا الإشادة بدورها في تحرير الوطن وبناء خصوصياته
وختم بدعوة المثقفين والأدباء والمهتمين بالشأن الثقافي بجهة الدار البيضاء سطات والجديدة بصياغة مقترحات عملية تكون خارطة للعمل في هذا الاتجاه. وهي المناسبة التي ثمّن فيها مبادرة منتدى المواطنة بخصوص الورشة التشاورية حول التنمية الثقافية لهذه الجهة.
أما الشاعرة الطاهرة حجازي، فقد تحدثت عن الطفل الذي يعتبر عصب المجتمع، وتربيته تربية سليمة ضمانا لغد مشرق، لكن إهماله يساوي إهمال نصف الطاقة البشرية، واعتبرت أن الأطفال بفطرتهم شعراء، وتقصد بذلك المعطى الإنساني الذي وهبه الله لكل البشر.
وفي سياق آخر، تحدث عبد اللطيف حبشي عن مجموعة من الأفكار والملاحظات التي علينا استحضارها أثناء التفكير والتساؤل في التنمية الثقافية والمتعلقة بالنمو والتخلف، حيث هناك العديد من السياسات تعتبر الظواهر الثقافية متغيرات تابعة للسياسي والاقتصادي، في حين تشكل الثقافة عاملا من عوامل التنمية بكل تجلياتها، لكن ما حظها في مجتمعنا خصوصا مع الطفرة التكنولوجية التي يشهدها العالم.
أما ورقة عبد العالي دمياني، التي ألقيت بالنيابة عنه، الموسومة ب "الثقافة مدخلا لتنمية الجهة"، فقد أشار فيها إلى أنه لا يستوي الحديث عن الجهة إلا من حيث ما تتميز به من خصائص اجتماعية حضارية عمرانية وثقافية، على اعتبار أن جهة الدار البيضاء سطات والمتمثلة في تامسنا ودكالة وسطات ثم حجبها بداية مع المد الكولونيالي، وهنا طرح سؤالا كيف يمكن إعادة ترتيب عناصر الجهة؟ مشيرا إلى أن الثقافة تشكل جوهر الجهة، الأمر الذي تطلب عادة تعريف هذه الجهة في ظل الانفصال الذي عرفته الدار البيضاء عن محيطها وعمقها الجغرافي والتاريخي.
مداخلة بوشعيب الساوري، أشارت إلى أن المثقف هو آخر ما تتم استشارته في هذا المجال، وركز تحليله حول مسألة الثقافة من زاويتين: العوائق: التي أجملها في الإهمال، والافتقار إلى الدراسات الأنتروبولوجية التي تهتم بالثقافة، وكذا سيادة بعض القيم السلبية، ونسف البادية ثقافيا؛ ثم الحلول التي طرح بعضها للنقاش العام.وختم ورقته بأهمية الثراء الثقافي الذي يحتاج للكثير من التأمل والتبصر ليكون منطلقا لتنمية اقتصادية واجتماعية.
وقبل إعطاء الكلمة ليوسف بورة، رئيس الجمعية البيضاوية للكتبيين ومدير المعرض الوطني للكتاب المستعمل، تحدث شعيب حليفي عن الدور الذي يقوم به يوسف بورة باعتباره أشهر كتبي بالمغرب وصديق المثقفين والقراء من خلال مبادراته المواطنة التي أضفت على الحياة الثقافية بالدار البيضاء بُعدا جديدا؛ وتحدث عن يوسف الكاتب صاحب سيرة ذاتية يعيد بها الاعتبار للذات والطموح والأحلام.
في كلمته، تحدث يوسف بورة عن تراجع الإقبال على الكتب كميا، مقابل التطور الكيفي، معتبرا أن معرض الكتبيين جاء لخدمة الرؤية الجهوية للثقافة، وقدم مجموعة من المقترحات والتوصيات أهمها قرية الكتاب. كما تحدث عن تجربته في الكتابة من خلال سيرته الذاتية " جراح" والتي اختتم هذا اللقاء بحفل توقيعها.
خلال المناقشة ، تدخل عدد من الحضور من مسؤولين بالمندوبية وفاعلين ثقافين بالجهة ومثقفين، حيث قدموا، بدورهم، مجموعة من التصورات والمقترحات حول ما ينبغي أن تكون عليه الثقافة بالجهة.
بعض المقترحات والتوصيات: كتابة تاريخ الجهة، إنشاء متحف للجهة، رد الاعتبار للأماكن الحضارية والتاريخية بالجهة، الحفاظ على الذاكرة والروح والقيم الجماعية للمنطقة، الاستثمار في البحث الأنتروبولوجي، مراعاة خصوصيات المجال، مواجهة المسخ الثقافي، إعادة التفكير في دور الشباب والمركبات والفضاءات الثقافية، تجاوز القبح المعماري الذي علا وجه المدينة، الانطلاق من التاريخ قصد تأسيس تنمية تراعي الخصوصية الثقافية للجهة، البحث عن آليات تصالح المواطن مع الثقافة، تطوير المنتج الثقافي ليكون في المستوى المطلوب، الاشتغال على ذاكرة درب السلطان، وكل فضاءات الجهة بسطات والجديدة، استغلال الخبرات الجامعية في كل المجالات العلمية والثقافية، خلق توازن في المعرفة التي تقدمها الكتب المدرسية، رد الاعتبار للكتبي، الاهتمام بالطفل وذلك عبر: اختيار بدائل تربوية، والتدريس عبر الميولات الفنية، وتفعيل الفنون الإنسانية، واستحداث قلم المبدع الصغير، وتوفير مجال حضاري للطفل،السعي إلى خلق توازن بين البادية والمدينة، جعل الثقافة شريكا في تنمية الجهة، الاهتمام بالكتاب كتابة ونشرا وتوزيعا، توفير بنيات ثقافية تحتية تستجيب لمتطلبات المواطن، ـــــ احترام الخصوصية الثقافية للجهة، إشراك المثقف في بناء سياسة الجهة، تسطير مجموعة من المهرجانات التي تهتم بالخصوصية الثقافية للجهة، توفير ميزانية من أجل الدفع بثقافة الجهة، ـــــ إنشاء قرية الكتبيين.