تعد الحضارة الإسلامية على نفس درجة الأهمية من الانتصارات العسكرية والفتوحات التي لعبت دورا هاما في نشر الإسلام، ويستخدم مصطلح “العصر الذهبي” لوصف
مدى تقدم الإسلام في هذه الحقبة التاريخية، والإشادة بالدور الكبير للعلماء، الفلاسفة، الشعراء، الفنانين، و كل من قامت هذه الحضارة على أكتافهم.
وجدير بالذكر أن الانتصارات العسكرية للمغول التي تضاهي نظيرتها بالنسبة للمسلمين رغم أنها أوجدت إمبراطورية كبيرة، إلا أنها ظلت فارغة دون حضارة، عكس العصر الذهبي الذي استمر لزمن طويل حتى بعد تراجع السيادة العسكرية.
وضمت هذه الحضارة التي امتدت لخمس قرون أسماء لامعة، وعددا غير محصور من العلماء، من بينهم أسماء ساهموا ويساهمون إلى اليوم في تقدم العديد من المجالات مثل “ابن الهيثم”، “الكندي”، “ابن سينا”، “الرازي” الى آخره من صف أسماء و علماء رائعين لا يستطيع الدارس منا أيا كانت مرجعيته إلا أن يحني رأسه أمامهم تواضعا واحتراما.
لكن المد الحداثي، والزحف الايديولوجي التنويري بين صفوف الشباب جاء ليعيد للواجهة نقاشا أزليا تعود جذوره للصراع بين العلماء والأصوليين، و أبى-في خضم هذه الطفرة الثقافية النوعية- إلا أن يكشف للتاريخ حقائق حاولت التيارات الإسلامية إخفاءها بشتى الطرق، مما شكل صدمة لدى العديد من ذوي المرجعية الإسلامية الأصولية لعلمهم أن الخطر المحدق بالعلماء أعلاه لم يكن من المسيحيين و لا من المغول بل كان من الأصوليين أنفسهم، و أن هؤلاء لم يكونوا يوما خدام بلاط، و كل ما جعلهم يلجأون للخلفاء و الولاة هو الطمع في الحماية من بطش الفقهاء، الذين زاد حقدهم حين رأوا أن طريق العلم للوصول الى البلاط أقصر من طريق الدين، فلجأوا إلى تأليب الشعب و تعبئته ضدهم، و لعل هذا هو السبب في قول ابن رشد: “وجب على الحكام منع وصول كتب العلماء إلى العامة”.
التيارات الإسلامية جميعها دون استثناء تنهج سياسة تزوير التاريخ و طمس الحقائق لكسب التضامن، و تأليب الشعوب بعضها ضد بعض، و هو ما نستطيع أن نراه اليوم في التوتر والجو المشحون الذي يتسم به النقاش بين الشباب المغربي حول هذا الموضوع، فتاريخيا، ووفق مصادر مسلمة موثوقة، جل هؤلاء العلماء الذين بنوا الحضارة الإسلامية نعتوا بالزندقة وكانوا ملحدين أو متهمين بذلك:
ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر أربعة علماء ممن اشتهروا بكبار الزنادقة
– ابن الهيثم: كفر ابن الهيثم واتهم بالجنون والزندقة، والالحاد، لرؤيته أن العالم قديم أزلي وأن المنطق مقدم على غيره.
– الفارابي: وهو أشهر أعمدة الطب وفيلسوف، وعالم في عدة مجالات كفره ابن العماد تكفيرا صريحا في كتابه “شذرات الذهب” لأنه كان يرى أن النبي والفيلسوف بينهما علاقة روحية، و أن هذا الأخير مفضل على غيره، و آمن أن الحقيقة موجودة منذ القدم – عند أفلاطون وأرسطو.
– ابن سينا: وهو تلميذ الفارابي، بل حتى إن الغزالي في كتابه “تهافت الفلاسفة” رد عليهما معا. ويلقب بامام الملاحدة
– ابن رشد: وهو من أعظم الفلاسفة الذين كانت الكنيسة تخشى أفكارهم، وفي كتابه “تهافت التهافت” انتصر للفارابي و ابن سينا، فكفر ونفي إلى المغرب ونكل به حتى مات. كما أن المنصور نفسه في عهده أصدر قرارا بتحريم الفلسفة.
– الفارابي: وهو أشهر أعمدة الطب وفيلسوف، وعالم في عدة مجالات كفره ابن العماد تكفيرا صريحا في كتابه “شذرات الذهب” لأنه كان يرى أن النبي والفيلسوف بينهما علاقة روحية، و أن هذا الأخير مفضل على غيره، و آمن أن الحقيقة موجودة منذ القدم – عند أفلاطون وأرسطو.
– ابن سينا: وهو تلميذ الفارابي، بل حتى إن الغزالي في كتابه “تهافت الفلاسفة” رد عليهما معا. ويلقب بامام الملاحدة
– ابن رشد: وهو من أعظم الفلاسفة الذين كانت الكنيسة تخشى أفكارهم، وفي كتابه “تهافت التهافت” انتصر للفارابي و ابن سينا، فكفر ونفي إلى المغرب ونكل به حتى مات. كما أن المنصور نفسه في عهده أصدر قرارا بتحريم الفلسفة.
وتطول القائمة بالعلماء الذين كفروا، و تضم جابر بن حيان، الكندي، المعري، الطبري، الجاحظ… و غيرهم ممن كفروا على أيدي ابن تيمية وغيره. و يظل السؤال الجوهري هنا مطروحا ما حقيقة إسلام هؤلاء العلماء، و هل يمكن أن يكفر التيار الأصولي شخصا ما تاريخيا ثم يعود ليفتخر به؟