المغاربة أجْمعوا على كوْن هذا الانخفاض لم يقفز إلى واجهة النقاش، مستأثراً تدريجياً باهتمام الباحثين والمتابعين، سوى مع الطّفرة الإلكترونية الحديثة لوسائل الإعلام الجديدة من مواقع إخبارية ومِنصّات للتواصل الاجتماعي؛ في حين ذهبت فئة أخرى من المُستطلَعين إلى إيراد أسباب أخرى لتفسير تقهقُر معدلات القراءة بالمغرب، لعل أبرزَها كان هو انتشار ظاهرة “القراءة المجانية للصحف”، التي ارتبطت بفضاءات خاصة كالمقاهي.
إنّ الجَزْم بكوْن الشبكة العنكبوتية هي السبب الوحيد في شبه انعدام ثقافة القراءة والمطالعة وسط المجتمع المغربي هو حُكم ينطوي على كثير من الإجحاف والمبالغة في الآن نفسه، إذ تبرُز الحاجة ملحة إلى البحث عن أسباب وعوامل أخرى يمكن أن تُسعف في فهم أعمق لهذه الظاهرة التي بدأت تدقُّ التقارير الدولية والوطنية ناقوس الخطر بشأنها. وقد جاء المغرب في الرتبة الـ162 عالمياً من أصل 180 دولة شَمِلها تقرير لـبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لسنة 2009 حول معدل القراءة والكتابة، الذي وصل بالمغرب إلى 55,6، حسب مؤشرات التقرير نفسه.
مؤشراتٌ وأرقام مقلقة أصبحت بدورها تدقّ أبواب قطاعات وزارية مَعنية بشكل مباشر بمجال القراءة والنشر؛ في مقدمتها وزارة الثقافة التي سبق لها أن أطلقت مبادرة حكومية تحت اسم “الخطة الوطنية للكتاب والقراءة العمومية”. هذه الأخيرة توقّفت فيما بعد لسببٍ “غير معلوم” إلى حدود كتابة هذه السطور.
ليست القراءة المجانية وحدَها، إلى جانب بروز القراءة الإلكترونية، من الأسباب التي يلتجئ إليها المتتبعون لتفسير هذه الوضعية المقلقة التي آلت إليها وضعية الكتاب والثقافة عموماً بالمغرب، فهناك من القراء “المدمنين” على اقتناء الكتب والجرائد مَن يرى، أيضا،ً أن ثمن المنشورات “المرتفع نسبياً” يفوق القدرة الشرائية لشريحة مجتمعية عريضة من “القراء المفترَضين”.