يرصد عبد الله دوالفقار الفنان الفوتوغرافي،
في معرضه الأخير، سلالة خيول عربية برمائية، تكيفت جينيا مع محيطها بمحمية يشرف
عليها الاتحاد الأوروبي، وتسمى هذه
الخيول " saca de yegua LA". والواقعة على مقربة من
مدينة ألبا بإقليم الأندلس.
يقول الفنان عبد الله دو الفقار، إن هذه
الخيول التي يعود تسجيل أنسابها وأصولها إلى 520 سنة، استطاعت أن تتكيف جينيا مع
مراعيها الطبيعية التي تحولت إلى محمية تدعى بـ "بارك دو دونيان"،
والمتميزة بمناخ ذو طابع صحراوي حار صيفا، وبارد ممطر خلال فصل الشتاء، يتحول معه
المرعى إلى شبه مستنقعات، الشيء الذي يجعل الخيول لا تداري رغبتها في طلب الكلأ
والعشب أكثر من مرة على مدار اليوم وهي تقف على رجلين، ترتب عنه امتلاكها لحوافر
أكبر حجما من المعتاد لتكيفها مع الماء.
وتتميز هذه الخيول بالمقارنة مع الفرس العربي
الأصيل، كونها ضعيفة، ومع ذلك فهي رشيقة وقوية وسريعة، ومن هذا المنطلق سيصفها
عبدالرحمن الداخل الملقب بصقر قريش، تبعا للفنان عبد الله دو الفقار، بخيول الريح،
ويقول عنها أيضا، إنها لا تربح معركة ولكنها تربح أمبراطورية.
ويوضح عبدالله، قول صقر قريش، بأن هذا الأخير
كان معروفا بمبدأ مباغتة العدو، والحرص على المبادأة والإسراع في
مهاجمته، مما يجعل القوة المضادة غير قادرة على الصمود، خاصة وأنهم في غالب
الأحيان يتوقعون وصوله إليهم في زمن أطول، دون أن يدركوا أنه يمتلك خيولا تطوي
المسافات في سرعة قياسية.
يشير عبدالله إلى تجربته
في رصد الحياة اليومية لخيول الريح بالمحمية والتي هي غير مفتوحة أمام العموم، بأنها
دامت حوالي ثلاث سنوات، ظل يراقب خلالها المهور صحبة أمهاتها، والقطيع في حركته
وانطلاقه وركضه في الماء وفوق الرمال، بين الصخور والضرب بحوافره على الأرض، عند
الغسق وأثناء الغروب، وعلى مدار اليوم الواحد صيف، شتاء.
ويضيف، "حاولت
التعبير عن جمالية جسد الخيل، من خلال الحرية والانطلاق التي يترجمها جسده الفاتن
وانسيابيته وقوامه، وكنت أحرص على مواجهته بصرياً لأحظى بصورة تشمل مقدمته مع الخلفية،
مثار الغبار، أو لاستجلاء تفاصيل أرضية الميدان، أو الخلفيات الظليلة المتكسرة على
شعاع شمس فاترة.
ويتابع، "كنت
استمر بملاحقة القطيع والتقاط الكثير من الصور ينتج عنها قليل قد يرضيني، تبعا
للكادر والخلفية والموضوع وغيرها من عناصر الصورة، التي يمكن أن يفلت منك بعض منها،
لذلك لا بد من إعادة المحاولة تلو الأخرى".
يفضل عبدالله،
أن ينطلق معرضه الفني من الجنوب المغربي، من منطقة تاغجيجت نواحي كلميم، في إطار
مبادرة انسانية، تتطلع للتباحث مع المجتمع المدني والمسؤلين بالقرية من أجل إيجاد
وعاء عقاري لبناء مكتبة متعددة الوسائط، ستشرف عليها الجمعية التي ينشط بها في
إسبانيا، واختار عبد الله موسم التمور الذي يقام حاليا بالمنطقة ليقدم عرضه داخل
خيمة، في أفق أن يحل الرحال بمدن مغربية أخرى.
ويصاحب صور
المعرض تعليقات، أنجزها الكاتب الإسباني بالكو ويلبا، وقام بترجمتها الشاعر
الطنجي، محمد أحمد بنيس.
ويهدف المعرض
تبعا لعبد الله دو الفقار، في أن يعرف بهذا الفرس الذي ينوي مربوه في منطقة
"ألمونتي" القريبة من مدينة ويلبا، إهداءها إلى المغرب، فهم يرون أن لا
فائدة اقتصادية من رفع عدد رؤوس ماشيتهم من الخيول، بقدر ما يهمهم من نشاط
تربيتها، الحفاظ على العرق وتقاليد ساكا.
فساكنة
ألمونتي، ترعى الخيول بالمحمية على مدار السنة، والتي لا يتجاوز عددها 900 رأس،
وفي شهر يونيو تقوم بمهرجان تقود خلاله القطيع من المحمية إلى القرية، لجز شعره،
وتلبيس حوافره بالصفائح، مع وضع رقاقة أو خاتم على جسد المهور يحمل اسم العائلة
المالكة، إضافة إلى تلقيحها ومعالجتها من بعض الأمراض، كما تتم بهذه المناسبة
مسابقة لأجمل صور الخيول، ومسابقات في السرعة وغيرها من الطقوس التي تحيي التقاليد
القديمة للمنطقة.
وعلى هامش
المهرجان، يتم بيع صغار الخيول بأثمنة رمزية ( حوالي 50 أورو)، لمربي الخيول الذين
يحجون إلى المنطقة من داخل اسبانيا وخارجها، وتروم الساكنة والبلدية من هذا النشاط
التجاري الحفاظ على الموارد الطبيعية للمحمية حتى تستطيع الاستجابة لحاجيات القطيع
على مستوى الرعي، خاصة أن الساكنة في سنوات الجفاف تضطر إلى التكفل بالقطيع لسد
الخصاص في العلف.
يشار إلى أن
الفنان عبد الله دو الفقار سبق له أن أقام مجموعة من المعارض باسبانيا، كان آخرها
حول موضوع الحجاب في الثقافة العربية الإسلامية والمسيحية، عبر مقابلة أثارت سيلا
من النقاش، وكسرت المفاهيم والصور النمطية. كما أنجز الفنان معرضا يعرف بطقوس
العرس المغربي في مختلف مراحله، ويشتغل الآن صحبة فنانين إسبان يرافقونه في هذه
الزيارة إلى الاشتغال على إنجاز معرض جماعي، عنوانه رؤى متقاطعة، تعكس نظرة كل
واحد منهم إلى المجتمع الآخر، اسبانيا بعيون عبد الله ذو الفقار، والمغرب بعيون صديقيه
الفوتوغرافيين الاسبان.