نجمةٌ ذابلهْ
أمسكَتْ بيدي ...
أخذتْني إلى منتهى جرحِها في رُبى الكمَدِ
شرْقَ مئذنةٍ مائلهْ
وأشارَتْ إلى طفلةٍ في رواق المحطّة ترتعشُ
كالحروف تنام عرائسُها بين أعْمِدَة الصّحُفِ، زانها
النّمَشُ
يرتديها العراءُ، غلالةَ آسٍ مثقّبةً، أجْهشَتْ :
ما الذي يحدُثُ الآنَ،
في غفْلةٍ من وساوسِنا تحتَ جُنْح الظلامِ،
وماذا يُعدّ لنا الزّمنُ؟
ههنا كائِنٌ شَرِسٌ
لا ملامحَ،
لا بصَماتِ لهُ،
غيرَ ما يحفُرُ القلْبَ من وجَعٍٍ
يختفي ثمّ يظهرُ طيْفاً مُريعاً من الأفْقِ
يُعْمي الحروفَ المضيئةَ في سِفْرِها
ويهدّ قلاعَ اليراعةِ مثخنةً بالجروحْ ...
رمالٌ على شاطئٍ مُظلمٍ
تتحرّكُ جذْلى ...
وصاعقَةٌ تستطيلُ مخالبُها في الحقولِ
وصفصافةٌ تتعثّرُ مجهدَةً
ببراثين دالية سقطَتْ ظمَأً
عندَ منتصَفِ العُمُرِ
قرْبَ نبعٍ يجفّ على مهَلٍ وينوحْ ...
أهْي أحْلامُنا صِفَةٌ لاصْفرار البراري؟
وَهلْ كلّ أيّامنا اسْمٌ مُعارٌ
لفصْل الخريفِ؟
هوذا رحِمُ الأرضِ يحضنني ... سمّهُ عَسَلٌ في فمي
غيرَ أني أخافُ على ثمراتِهِ منْهُ وأعشَقُهُ
عجَلاتُ طواحينِهِ ليسَ تُؤتمنُ ...
فهْي تعجن شيحَ الفيافي،
وطينَ المرافي مَعاً
بدمِ القِمَمِ ...
هذِه جثّةٌ
حينما أولمتْ برفاتِ عشيرتها في المغارةِ
قدْ عافها كلّ ما ... يستمرّ الوجودُ بهِ،
عافها الماءُ والطينُ والنارُ،
والبدْء والمنتهى، عافها الموتُ،
ضاقَ بها الكفنُ ....
آهِ من حالنا، تتلفّعُ ليلاً بكابوسِها فجأةً،
فهْي حالُ مغنّيةٍ كرِهَتْ صوتها في نوادي الخرابْ
أو غزالٍ تهالَكَ فرحُه في حلَقَات الذّئابْ ...
ما الذي يحدُثُ الآنَ،
في غفْلةٍ من وساوسِنا تحتَ جُنْح الظلامِ،
وماذا يُعدّ لنا الزّمنُ؟ /
إفران، ربيع 2008
من مجموعة "من يعيد لعينيك كحل الندى؟"