حتى لا يتكرس هذا المدخل البئيس:
لم يفاجئني موقف رئيس الحكومة، من "حركة/حراك
محسن فكري "،المواطنة والحضارية؛وأنعتها هكذا لأنها ارتقت لتكون :
2. أول رد سياسي واجتماعي – وان يكن غير مباشر- على
نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة.
3. أقوى مدخل لتشكيل الحكومة الجديدة؛بطلب من
ملك البلاد،مُؤَسَّس على نتائج الانتخابات(ليس إلا).
4. أصدق شهادة،تُرفع للدولة العميقة، على أن
المواطنين في مستوى ممارسة الحرية الاحتجاجية – بكل تلقائية - التي يقرها الدستور.
5. خير دليل – من قلب الريف ،كما لَوَّنه زمنُ
الأخطاء - على أن عُنف الدولة ،الموروث عن الاستبداد القديم،يمكن دفنه نهائيا ؛لأن
الوطن المتحضر، الذي أصبحنا عليه غداة المأساة ،لم يعد بحاجة إليه.
6. تعرية لأحزاب سياسية ،لم تعد تهتم
بشعبيتها ، وبمهمتها التأطيرية،المؤدى عنها من المال العام،قدر اهتمامها بالتواجد
في الحكومة ؛وان تعارضت البرامج أو انعدمت. على أني أشير هنا ،بالبنان،إلى أحزاب
وشخصيات ،ارتقت إلى مستوى اللحظة؛ومن المفارقات أن تكون – انتخابيا - غير معنية
بتشكيل الحكومة؛هي التي برهنت على أنها معنية بأوضاع المواطنين.
7. برهان على أن التعبئة المواطنية تجاوزت
العوائق القديمة؛ولم تعد تستغرق ،في العالم الأزرق،سوى ما يكفي للنزول إلى الشوارع.(مسافة السكة،كما
يقول المصريون).
8. رسالة مغربية ،إلى العالم أجمع- وقادته سيحلون
بين ظهرانينا قريبا- على أن
المواطنين المغاربة، يمارسون فعلا حق
التظاهر السلمي؛وفي مستوى ممارسة كافة حقوقهم الدستورية.
لم يفاجئني موقف رئيس الحكومة،لأنه يُصدِر-
كما داوم خلال الولاية المنتهية- عن صِفة حزبية دينية؛ فهو يريد أن يؤكد دائما،
للمؤسسة الملكية ، على أنه الشطر الآمن الذي يجب أن تولي وجهها نحوه؛خصوصا وأسباب
النزول ،هذه المرة، من المدينة التي لايَعرِف لها موقعا جغرافيا - تصريحا منه- عدا
موقعها في التاريخ المغربي الحديث ،الذي يعرفه كل العالم.
ظل رجل الدعوة،الذي يستعد لتدبير الدولة
ثانية، ساجدا في محراب أحداث 1958؛غير منتبه إلى أن الأجندة الأولى للملك الشاب اشتغلت
على تخصيب الذاكرة الريفية بكل توابل التفاؤل؛ومنها المفهوم الجديد للسلطة،ويتضمن
أيضا حتى المقاربة الجديدة لتاريخ هذه
السلطة ؛في اتجاه التصحيح والمصالحة،والتعهد
الضمني على ألا يتكرر أي عسف مستقبلا.
رغم أن النازلة وطنية ،اشتغل الداعية حزبيا
؛فوجَّه بعثة عزاء عدالية وازنة إلى بني
بوعياش ،لأن الوالد فكري ينتمي للحزب.(يدخل هذا في دائرة نفوذه الحزبي ،ولا مؤاخذة
عليه ،لولا رتبة الرجل في الدولة)
أما خروج
المواطنين المغاربة ،في العديد من
المدن،استنكارا لما حدث - وما كان لِيحدث لولا تقاعس الحكومة بخصوص إصلاح الإدارة
؛ بشهادة الملك – فيقع خارج رغبة رئيس الحكومة.
المواطنون
،هنا، لا يحتاجون لا إلى عزاء ,ولا إلى طمأنة حكومية؛ على الأقل كمؤشر على تحول ما
في المسار الحكومي السابق،في اتجاه الاقتراب من هموم المواطنين ،وليس جيوبهم فقط.
إن الأمر الحَرَكِي ،وليس السياسي،الموجه إلى
العداليين ،بأن يركنوا للظل،و يتركوا الوطن المحتج يفعل مع ريفِيِّيه ما يشاء،خيرُ
دليل على ما أكرره دائما ،من كون القوم لا يحملون
هَمَّ الوطن والمواطنين ؛بل هَمَّ الأمة ،والمرجعية الدينية ،والعمل
الاخواني العالمي. ولمن يريدون فهم سبب انتقاداتي للحزب الحاكم ،رغم عدم انتمائي
حزبيا -وهم كثر-أقول:
هنا جُماع الكلام ،إضافة الريع الديني الذي
يشتغل للحزب – مجانيا - في كل وقت؛و يكاد يشل كل نشاط سياسي حزبي في البلاد؛وما بعد هذا الشلل غير
مهاوي الرداءة ،لأن الحزب لا مشروع مجتمعيا له ؛وكيف يكون بمشروع من يدلي بالتحكم،
عُذرا ،كي لا يكون له مشروع،وكي لا يحاسب على تقصير.
كيف يَقتل رئيسُ الحكومة حتى الأمل بأن تكون
للمواطنين،في الأيام القادمة، حكومة تدفع عنهم ،على الأقل، عوادي الشطط الإداري؛ وهم يُصْدمون بهذا المدخل البئيس
،الذي يضعه الرجل الثاني في الدولة ،على
طاولة حواراته الحالية مع الأحزاب؟
وهو بئيس لأنه يجعل من خَطْب جلل ،روع
العالم،حادثة عابرة ،تحتاج إلى شرطة قضائية محلية فقط.
وهو بئيس لأنه يصنف المغاربة إلى عداليين
حكماء،و ومواطنين سفهاء يمكن أن يخربوا البلاد.(وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا
سلاما).
حكومة وحدة وطنية ،في مستوى الوثبة الجماهيرية:
نسخت الحركة ،بسقف مطالبها التي تجاوزت الطحنَ
إلى الوطن؛وبعفوية انطلاقها ،وتَحَضُّرها
- عدا استثناءات شاذة أساءت حتى إلى بطل الريف – (نسخت) مرجعية نتائج
الانتخابات التشريعية الأخيرة ،في تشكيل الحكومة التي ينتظرها الجميع.
وحتى كميا يبدو لي أن عدد الذين زحفوا على الظلم ،وبسببه، في سائر المدن
المغربية ،وبعض العواصم العالمية ،يفوقون من صوت لصالح حزب العدالة والتنمية. هذا رغم الأمر الحزبي ،أو الديني، الذي كف
الحماس المعروف لشبيبة العدالة والتنمية.(عدا الحسيمة حيث تحدت القبيلة الحزب).
اعتبارا لهذا فان تشكيل حكومة وحدة وطنية يغدوا
أمرا مـُلِحا ،أكثر من مجرد حكومة تستند إلى انتخابات معلولة ،بالكيفية التي يعرف
الجميع. ولن يَضُرَّ في شيء أن يكون رئيسها هو السيد بنكيران؛اعتبارا لمشروعيته
الانتخابية ،وثقة جلالة الملك.
القيمة المضافة التي ستأتي بها حكومة الوحدة
الوطنية ،يمكن تتحديدها كما يلي :
1.حضور الوزن السياسي للأحزاب ،وليس
الانتخابي.
2.تحريض الأحزاب على اقتراح الكفاءات
الحقيقية ،والقطع مع الترضيات.
3.بناء مشروع مجتمعي وطني ،يستند إلى تقرير
الخمسينية ،و تقاريرمختلف المجالس الوطنية،وبرامج الأحزاب. مشروع في مستوى تطلعات
المواطنين.
4.تقوية الجبهة الداخلية - خارج مزايدات
الأحزاب- لمواجهة كل الأخطار المحدقة بوحدتنا الترابية.
5. لجم الريعين ،الديني والسياسي،معا ؛حتى
تتمكن باقي الأحزاب من استعادة عافيتها السياسية.
6.إعادة بناء الثقة بين المواطنين ،من جهة،
والدولة والأحزاب من جهة أخرى.
لعل المصالحة التي تهافت بها السيد الياس
العمري ،والتي أجاب عنها بنكيران ، إجابة حركية أكثر مما هي سياسية ،بكونه المنتصر
:أي الذي بيده المبادرة بكل ما يريد؛لعل هذه المصالحة ستجد منطلقها الفعلي في
حكومة الوحدة الوطنية.
نعمل سويا للوطن ،وهذا ما ي]صالحنا ؛لا أن
نتصالح شكليا ، ونحن لا نشتغل سويا.
وفي الختام يبدو لي أن
حركية المجتمع المغربي ،عموما؛والحركة الاحتجاجية الوطنية الأخيرة ؛وما سُجل
من عزوف جلي عن المشاركة السياسية والانتخابية ،في تدبير الدولة ؛ لا يمكن أن ترقى
إليها الحكومة بالكيفية التي تتشكل حاليا،وبالوجوه المرشحة لها.
نريد حكومة مستحقة للمغاربة،وليس لبعض الأحزاب
فقط.
ولا ضرر في تنازل الأحزاب للوطن،وجلوسها دون
مستحقاتها الانتخابية.
Sidizekri.blogvie.com