(عند طلوع الفجر )
|
ساقاومْ...
|
ما زالَ في الجدارِ صفحةٌ بيضاءْ
|
ولم تذبْ أصابعُ الكفينِ بعدُ...
|
هناكَ من يدَقْ
|
برقيةٌ عبر الجدارْ
|
قدْ أصبحتْ أسلاكُنا عروقُنا |
عروقُ هذه الجدرانْ...
|
دماؤنا تصبُّ كلُّها،
|
تصبُّ في عروقِ هذه الجدرانْ...
|
برقيةٌ عبرَ الجدارْ
|
قد أغلقوا زنزانةً جديدهْ
|
قد قتلوا سجينْ...
|
قد فَتَحوا زنزانةً جديدهْ
|
قد أحضروا سجينْ...
|
********
|
(عندما ينتصف النهار )
|
قد وضعُوا أمامي الورقْ،
|
قد وضعُوا أمامي القلمْ
|
قد وضعوا مفتاحَ بيتي في يدَي
|
الورقُ الذي أرادوا أن يُلطِّخوهُ
|
قال: قاومْ َ
|
والقلمُ الذي أرادوا أن يُمرِّغوا جبينَهُ في الوحلِ
|
قالَ: قاومْ
|
مفتاحَ بيتي قالَ: باسمِ كلِّ حجرٍ
|
في بيتكَ الصغيرِ قاومْ
|
ونقرةٌ على الجداره
|
برقيةٌ عبرَ الجدارِ من يدٍٍ محطّمهْ
|
تقولُ: قاومْ
|
والمطرُ الذي يسقطُ
|
يضربُ سقفَ حجرةِ التعذيبْ
|
كلُّ قطرةٍ
|
تصيحُ: قاومْ...
|
********
|
(بعد غروب الشمس)
|
لا أحدٌ معي
|
لا أحدٌ يسمعُ صوتَ ذلك الرجلْ
|
لا أحدٌ يراهُ
|
في كلِّ ليلةٍ وحينما الجدرانْ
|
تُغْلقُ والأبوابْ...
|
يخرجُ من جِراحَي التي تسيلْ
|
وفي زنزانتي يسيرْ
|
كانَ أنا،
|
وكانَ مثلما كنتُ أنا...
|
فمرةً أراهُ طفلاً
|
ومرةً أراهُ في العشرينْ
|
كانَ عزائيَ الوحيدْ
|
وحبيَ الوحيدْ
|
كان رسالتي التي أكتبها في كلِّ ليلةٍ
|
وكانَ طابعَ البريدْ
|
للعالم الكبيرْ
|
للوطنِ الصغيرْ
|
في هذهِ الليلةِ قد رأيتُهُ
|
يخرجُ من جراحي، ساهماً معذباً حزينْ
|
يسيرُ صامتاً ولا يقولْ
|
شيئاً كأنهُ يقولْ:
|
لن تراني مرةً ثانيةً لو اعترفتْ
|
لو كتبتْ...
|