الرباط ـ «القدس العربي»: أصدر مبارك بودرقة، وأحمد شوقي بنيوب العضوان في هيئة الإنصاف والمصالحة المغربية، كتابا تحت عنوان «وكذلك كان»، ويضم الكتاب
بين ثناياه أهم الأحداث التي وسمت تشكيل الهيئة والشخوص الذين عملوا فيها، من حقوقيين ومحامين وأكاديميين. كما تطرق الكتاب لعمل الهيئة المتمثل في جمع الوثائق والاستماع للضحايا والشهود، وتعويض الضحايا من أجل جبر الأضرار المترتبة عما أطلق عليه حينها «سنوات القمع والرصاص» في المغرب.
وقال نور الدين أفايا، وهو أستاذ جامعي، في ندوة نظمت في المكتبة الوطنية في الرباط لتقديم الكتاب الذي يضم مذكرات عن تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، «ما وقع في المغرب بين 2003 و2005 من خلق هيئة «الإنصاف والمصالحة» وخلق جو للنقاشات والمرافعات، الانغماس في نبش الملفات وكشف تفاصيل الحقيقة، وتأطير جلسات الاستماع، حدث إعلامي وسياسي نادر، تجلت فيه لحظات البوح بالمعاناة والمحاسبة، وصلت إلى النبش تحت القبور الجماعية. وأوضح أفايا، أن البعد الأخلاقي كان حاضرا في صياغة هذا العمل، لأن بناء الديمقراطية يحتاج لأخلاق وقيم التمدن والحداثة».
شهادات مثيرة قدمها المعارض السياسي اليساري السابق وعضو هيئة الإنصاف والمصالحة مبارك بودرقة حول فترات متقطعة من عهد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي عاشها المغرب منذ ما يزيد عن أربعة عقود، وأطلق عليها اسم «سنوات الجمر والرصاص»؛ وذلك بمناسبة تقديمه لمذكراته في ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام في الرباط. وبدأ بودرقة، الذي حكم عليه سابقا بالإعدام، وهو اللاجئ السياسي السابق ما بين من 1973 إلى 2001، بالقول إن «المغرب تطور منذ سقوط جدار برلين عام 1989، فالتقط الملك الراحل الحسن الثاني الفكرة، بعدما تبين له أن الفرصة سانحة لتنفيذ المصالحة، فبادر عام 1990 إلى تأسيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان». متابعا بأنه وبعد عام فقط «حدث ما لم يحدث في كل بلدان العالم، وهو عودة المختفين وخروجهم من مراكز الاحتجاز السرية، ثم بدأ العديد من المنفيين يعودون من الخارج، وتم الإفراج والعفو عن المعتقلين على مدار السنوات التي تلت ذلك».
ورد مبارك بودرقة، على تهمة تبييض وجه النظام المغربي من وراء خطوة الإنصاف والمصالحة بالقول إن «الأمر لا يستقيم، خاصة أن الانتهاكات الجسيمة التي عرفتها سنوات الجمر والرصاص لم تزل في الوقت الراهن، ولأن تبييض وجه النظام يسري مع دولة مازالت تمارس تلك الانتهاكات، وهو عكس ما يجري في المغرب، الذي شهد ويشهد تغييرا، بغض النظر عن التجاوزات الحاصلة، كما هو حاصل في كل الدول الديمقراطية».
وحول ملف اغتيال المعارض المغربي المهدي بنبركة، قال المشرف على فريق التحريات في هيئة الإنصاف والمصالحة إنه يبقى معقدا، وزاد: «كان لنا تواصل مع عائلته، التي سلمتنا ملفا متكاملا يتضمن كل المحاكمات والمنشورات.. فتشكل فريق خاص داخل الهيئة، وقمنا بجمع الدراسات والوثائق»، مشيرا إلى أن «تعقد الملف نابع من كونه دوليا ومرتبطا بالمغرب وفرنسا وإسرائيل وأمريكا». وأضاف: «بنبركة اختطف في فرنسا، وقلنا في التقارير إن الأجهزة المغربية متورطة وساهمت في الاغتيال، وفق الوثائق». وكشف بودرقة أن فرنسا لا تريد أن تكشف إلى حد الآن حقيقة اغتيال المهدي بنبركة، وقال: «القضاء الفرنسي يتحرك لكن الدولة لا تريد كشف كل الوثائق، رغم أنها كشفت بعضها، لكن ليس لها أي أهمية»، معتبرا أن من بين الأدلة على تعقد الملف هو تقرير أخير صادر من إسرائيل، «يقول إن الجنرال أحمد دليمي طلب من الموساد نوعا من المساعدة في اغتيال المهدي بنبركة».
من جهته تحدث أحمد شوقي بنيوب، الحقوقي والخبير في العدالة الانتقالية، عن بعض مضامين المذكرات التي كتبها إلى جانب الحقوقي مبارك بودرقة حول تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، ضمن ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام في الرباط.
وأثنى شوقي بنيوب على التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية، موضحا أنها قامت على قواعد ليست وطنية، وإنما دولية، من أجل كشف الحقيقية، وكان جوهرها إنصاف الضحايا، مضيفا أنها كانت من التجارب الناجحة، ما جعلها تحتل المرتبة الخامسة حسب تصنيف للأمم المتحدة سنة 2004؛ كما كانت التجربة العربية الوحيدة بعد تجارب في أمريكا اللاتينية وجنوب أفريقيا.
وكشف بنيوب أنه عندما تم الانتهاء من تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة تم تقديمه من قبل إدريس بنزكري للملك في أقل من 24 سنة، ليتم نشره بعد ذلك، مشيرا إلى أن مضامين التقرير تهم الرأي العام، فيما كانت توصية وحيدة هي عدم كشف التعويض المالي للضحايا، وهذا ما لن يتم كشفه على الإطلاق، مرجعا ذلك إلى كون التجربة لا يمكن أن تختزل في التعويض المادي.
وفي وقت تحدث فيه عن تجربة عدد من الدول، كما هو الحال بالنسبة لبيرو التي حملت فيها المسؤولية للدولة وبعض الجماعات، قال بنيوب إن «هيـــئة الإنصـــاف والمصالحة لم تعط صك براءة لأي جهاز، بل أعطت للضحية الإمكانية لكي يحرك المتابعــة الجنائية مع جميع الضــــمانات، لكن الضحايا لم يذهــــبوا للمحاكم»، مشددا على أن ذلك يعد من خصائص التجربة المغربـــية، إذ «تفهم الضحايا، فكانت جلسات للاستماع العمومي».
بين ثناياه أهم الأحداث التي وسمت تشكيل الهيئة والشخوص الذين عملوا فيها، من حقوقيين ومحامين وأكاديميين. كما تطرق الكتاب لعمل الهيئة المتمثل في جمع الوثائق والاستماع للضحايا والشهود، وتعويض الضحايا من أجل جبر الأضرار المترتبة عما أطلق عليه حينها «سنوات القمع والرصاص» في المغرب.
وقال نور الدين أفايا، وهو أستاذ جامعي، في ندوة نظمت في المكتبة الوطنية في الرباط لتقديم الكتاب الذي يضم مذكرات عن تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، «ما وقع في المغرب بين 2003 و2005 من خلق هيئة «الإنصاف والمصالحة» وخلق جو للنقاشات والمرافعات، الانغماس في نبش الملفات وكشف تفاصيل الحقيقة، وتأطير جلسات الاستماع، حدث إعلامي وسياسي نادر، تجلت فيه لحظات البوح بالمعاناة والمحاسبة، وصلت إلى النبش تحت القبور الجماعية. وأوضح أفايا، أن البعد الأخلاقي كان حاضرا في صياغة هذا العمل، لأن بناء الديمقراطية يحتاج لأخلاق وقيم التمدن والحداثة».
شهادات مثيرة قدمها المعارض السياسي اليساري السابق وعضو هيئة الإنصاف والمصالحة مبارك بودرقة حول فترات متقطعة من عهد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي عاشها المغرب منذ ما يزيد عن أربعة عقود، وأطلق عليها اسم «سنوات الجمر والرصاص»؛ وذلك بمناسبة تقديمه لمذكراته في ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام في الرباط. وبدأ بودرقة، الذي حكم عليه سابقا بالإعدام، وهو اللاجئ السياسي السابق ما بين من 1973 إلى 2001، بالقول إن «المغرب تطور منذ سقوط جدار برلين عام 1989، فالتقط الملك الراحل الحسن الثاني الفكرة، بعدما تبين له أن الفرصة سانحة لتنفيذ المصالحة، فبادر عام 1990 إلى تأسيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان». متابعا بأنه وبعد عام فقط «حدث ما لم يحدث في كل بلدان العالم، وهو عودة المختفين وخروجهم من مراكز الاحتجاز السرية، ثم بدأ العديد من المنفيين يعودون من الخارج، وتم الإفراج والعفو عن المعتقلين على مدار السنوات التي تلت ذلك».
ورد مبارك بودرقة، على تهمة تبييض وجه النظام المغربي من وراء خطوة الإنصاف والمصالحة بالقول إن «الأمر لا يستقيم، خاصة أن الانتهاكات الجسيمة التي عرفتها سنوات الجمر والرصاص لم تزل في الوقت الراهن، ولأن تبييض وجه النظام يسري مع دولة مازالت تمارس تلك الانتهاكات، وهو عكس ما يجري في المغرب، الذي شهد ويشهد تغييرا، بغض النظر عن التجاوزات الحاصلة، كما هو حاصل في كل الدول الديمقراطية».
وحول ملف اغتيال المعارض المغربي المهدي بنبركة، قال المشرف على فريق التحريات في هيئة الإنصاف والمصالحة إنه يبقى معقدا، وزاد: «كان لنا تواصل مع عائلته، التي سلمتنا ملفا متكاملا يتضمن كل المحاكمات والمنشورات.. فتشكل فريق خاص داخل الهيئة، وقمنا بجمع الدراسات والوثائق»، مشيرا إلى أن «تعقد الملف نابع من كونه دوليا ومرتبطا بالمغرب وفرنسا وإسرائيل وأمريكا». وأضاف: «بنبركة اختطف في فرنسا، وقلنا في التقارير إن الأجهزة المغربية متورطة وساهمت في الاغتيال، وفق الوثائق». وكشف بودرقة أن فرنسا لا تريد أن تكشف إلى حد الآن حقيقة اغتيال المهدي بنبركة، وقال: «القضاء الفرنسي يتحرك لكن الدولة لا تريد كشف كل الوثائق، رغم أنها كشفت بعضها، لكن ليس لها أي أهمية»، معتبرا أن من بين الأدلة على تعقد الملف هو تقرير أخير صادر من إسرائيل، «يقول إن الجنرال أحمد دليمي طلب من الموساد نوعا من المساعدة في اغتيال المهدي بنبركة».
من جهته تحدث أحمد شوقي بنيوب، الحقوقي والخبير في العدالة الانتقالية، عن بعض مضامين المذكرات التي كتبها إلى جانب الحقوقي مبارك بودرقة حول تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة، ضمن ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام في الرباط.
وأثنى شوقي بنيوب على التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية، موضحا أنها قامت على قواعد ليست وطنية، وإنما دولية، من أجل كشف الحقيقية، وكان جوهرها إنصاف الضحايا، مضيفا أنها كانت من التجارب الناجحة، ما جعلها تحتل المرتبة الخامسة حسب تصنيف للأمم المتحدة سنة 2004؛ كما كانت التجربة العربية الوحيدة بعد تجارب في أمريكا اللاتينية وجنوب أفريقيا.
وكشف بنيوب أنه عندما تم الانتهاء من تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة تم تقديمه من قبل إدريس بنزكري للملك في أقل من 24 سنة، ليتم نشره بعد ذلك، مشيرا إلى أن مضامين التقرير تهم الرأي العام، فيما كانت توصية وحيدة هي عدم كشف التعويض المالي للضحايا، وهذا ما لن يتم كشفه على الإطلاق، مرجعا ذلك إلى كون التجربة لا يمكن أن تختزل في التعويض المادي.
وفي وقت تحدث فيه عن تجربة عدد من الدول، كما هو الحال بالنسبة لبيرو التي حملت فيها المسؤولية للدولة وبعض الجماعات، قال بنيوب إن «هيـــئة الإنصـــاف والمصالحة لم تعط صك براءة لأي جهاز، بل أعطت للضحية الإمكانية لكي يحرك المتابعــة الجنائية مع جميع الضــــمانات، لكن الضحايا لم يذهــــبوا للمحاكم»، مشددا على أن ذلك يعد من خصائص التجربة المغربـــية، إذ «تفهم الضحايا، فكانت جلسات للاستماع العمومي».