-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

تنظيم المائدة المستديرة الوطنية السنوية الثالثة في موضوع : "الدين و السياسة"

ينظم مركز عناية للتنمية والأعمال الاجتماعية بالمغرب بتنسيق وشراكة مع نقابة المحامين بالمغرب المائدة المستديرة الوطنية السنوية الثالثة في موضوع : "الدين و
السياسة" بمشاركة مفكرين وأكاديميين : د. مصطفى بوهندي استاذ مقارنة الاديان بجامعة الحسن الثاني الدار البيضاء ، دة. نعيمة المدني استاذة الانثروبولوجيا وعلم الاجتماع بجامعة القاضي عياض، ذ. احمد عصيد الباحث والكاتب ، ذ. محمد اغناج المحامي والحقوقي ، وتسيير المفكر والاعلامي الاستاذ عبدالصمد الكباص . يوم السبت 28 يناير 2017 الساعة الثالثة - 15,00 - زوالا بمقر جمعية النخيل حي الشرف قرب مرجان طريق الدار البيضاء مراكش
- الدعوة عامة -
أرضية النقاش - ورقة للاستئناس بقلم المفكر الاستاذ عبدالصمد الكباص -
الدين و السياسة. تطرح هذه الثنائية أسئلة متشابكة ترتبط باعتبارات تمارس نفوذها على الواقع، و تفسح فيه حقولا لتفعيل الصراع الذي لا يكاد يمر علينا يوم في راهننا هذا دون أن نشهد أحد مقاطعه الأكثر توترا.
إذ أن منطق هذه الثنائية يتجاوز الفصل بين السلطة الزمنية و السلطة الروحية، لأن السياسة لا تهم فقط من يمارس السلطة، و إنما أيضا من يقاومها، إنها تنتشر في جغرافية اجتماعية معقدة، تتوزع عبر نقط متفاوتة، توجد في السطح من خلال من يعلنون أنهم يمارسون السياسة و يتعارفون فيما بينهم بصفتهم هذه، مثلما تنتشر في العمق لدى القوى التي تتنكر لكل ما يملأ السطح و ترفضه رفضا متوحشا، تظل على الهامش لكن لها قدرة مخيفة على المفاجأة.
لم يكن لطرح سؤال هذه الثنائية أي معنى، لولا أنه يدين في حساسيته هذه لقاعدة من الأطر الأيديولوجية و الفكرية التي صارت اليوم بمثابة إجماع كوني يحدد طبيعة الفعل السياسي و مشروعيته. و في مقدمتها المنظومة الديمقراطية التي لا يشكل مبدأ " الاختيار للشعب" سوى عنصر صغير منها، لا يكتمل معناه الديمقراطي إلا بالتفاعل مع المنظومة الحقوقية الكونية، و القيم المؤسسة للإنسية السياسية المتمثلة في الحرية و المساواة و العدالة. حيث يتحول الاختيار الشعبي عندما يناهض هذه القيم و يجابه المنظومة الحقوقية الكونية، إلى فعل غير ديمقراطي.
إن حدة الطرح الاجتماعي لثنائية الدين و السياسة، تتقوى عندما يتعلق الأمر بتلك المجتمعات التي تعمل على بلورة مشروعها التحديثي خارج تجربة التنوير، التي حسمت المقدمات التي مكنت الغرب، من تدبير هذه العلاقة بسلاسة كبيرة حمت السياسة من تدخل الدين، و حمت الدين من التسخير السياسي، و حمت من خلال هذا و ذاك المجتمع بكامله بتوفير العقلنة اللازمة لاشتغال الحقول الاجتماعية كل حسب مبادئه و منطقه الداخلي دون أي تداخل مربك.
فإذا كان العقل السياسي يختلف من حيث الجوهر عن العقل الديني، لكون الأول يقوم على عقلنة المصلحة العامة وسؤال تدبيرها المرن حسب السياقات، في الوقت الذي يقوم فيه العقل الديني على تفعيل مصلحة روحية منبتها المعتقد الشخصي و مجالها الضمير الفردي و الوجدان و مؤداها طريقة في فهم المصير الفردي، فألا يفترض ذلك أن كل محاولة لضبط هذه العلاقة و تنقيحها على مستوى الممارسة، إعادة فهم عميقة لطبيعة اشتغال " الديني" في قلب الحقول الاجتماعية و تحليل الآليات التي تعمل على فرضه كإلزام جماعي يشمل كل مكونات المجتمع، و تحول كل قضاياهم و مشاكلهم إلى قضايا دينية تستدعي حلولا دينية؟
و إذا كانت مقولة " الفرد" جسدت في التجربة الغربية الإطار الذي يسمح بحماية التجربة الدينية من تدخلات السلطة السياسية، و تطورت لتصبح بشكل أشمل الإطار الذي يحمي الإنسان من تدخل السلطتين الدينية و السياسية معا، فهل يمكن أن يحصل مشروع عقلنة النسق السياسي على نجاعته الكاملة، في ظل التغييب الاجتماعي لمقولة الفرد، التي تعين أن هناك مجالا لا يحتمل وصاية من أحد سوى الفرد نفسه و حريته؟
و حتى لو تسلحنا بعماء تاريخي يرفض أن يتفاعل مع الدروس التي يقدمها التاريخ، و التي تقول أنه كلما توحدت السياسة و الدين إلا و أنتجت فظاعات لا نهاية لها، حيث أنها غذت الاستبداد و حولته إلى مهمة إلهية، و جعلت من الحروب واجبا دينيا، و تواصل اليوم تغذية النزعات الشعوبية التي تمثل أكبر تهديد للمشروع الديمقراطي، فهل يمكن للنسق الحزبي الذي يشكل واجهة العقلنة السياسية، أن يظل محترما لشروط هذه العقلنة في ظل استغلال الموارد الدينية للهيمنة على الحقل السياسي، و للزيادة في القدرات الاستقطابية و التجييش، من خلال تفعيل الالتباس الذي يجعل من السياسة و الدين وجهان لعملة واحدة، و تحوير جوهر الفاعل السياسي و تحويله إلى الفاعل المؤمن؟
و في سياقنا المغربي، هل كل الالتباسات التي تعلن عنها التجارب الانتخابية الأخيرة ،متأتية من هذا التداخل الذي يُظهره الخطاب السياسي الذي يفسح المجال للديني، و يستعمل مرجعياته الروحية في تبرير وجوده. حتى أن الملاحظ يحار إن كانت اختيارات الناخب سياسية أم دينية.و هل يمكن الحفاظ على العقلنة المعول عليها للفعل السياسي، التي تقوم في حدها الأقصى على أن يكون الاختيار ( اي فعل الانتخاب) حكما عقليا على برامج قابلة للتعقل و الحساب، و ليس صيغة في التعصب مصدرها ميولات عرقية أو عقائدية؟

و هل يفلح تدقيق القانوني في تحديد العلاقة بين السياسي و الديني ( في قانون الأحزاب مثلا) في تنقيح هذه العلاقة على أرض الواقع و حماية استقلالية كل مجال من تدخل المجال الآخر ؟ أم يستلزم ذلك عملا شاملا يهم المجتمع بكامله و أساسه الثقافي بغرس قيم التنوير، و فرز شروط القناعة الاجتماعية بمدنية الدولة و القانون، و بالطابع السياسي للفعل السياسي المستقل عن مجال المقدس، و بتعزيز التمييز بين المجال العام حيث تحكم القوانين المدنية و المجال الخاص حيث تسود الحرية الفردية؟

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا