يقال إن الحياة مسرح حقيقي ونحن فيه ممثلون، هكذا يقول الفلاسفة والحكماء. في الجزائر الحياة ليست مسرحا، بل كما يقول المرحوم الممثل الفكاهي حسن حساني
(بوبقرة) “سوليما بلا دراهم”، الفرق فقط أن في الجزائر هي “سوليما بالدراهم” وللأسف بالعملة الصعبة وبالملايين.. لا تكاد تسمع في الجزائر الأخبار أو تتبع الأحداث، إلا وتتذكر مشهدا من فيلم أمريكي أو هندي، ليس لرقي المدرستين السينمائيتين، لكن لقوة الخيال فيهما، والذي حطم كل التصورات وكل منطق. لا أدري لماذا كلّما قرأت موضوعا عن الفساد في الجزائر، أستذكر تلك المقولة التي كنا نرددها صغارا عن الأفلامالأمريكية “لا تأتي الشرطة إلا بعد أن يهرب السارقون”. يبدو أنهم في الجزائر يطبقون الإخراج الأمريكي بامتياز، فلا تسمع بالسرقة أو بتهريب الأموال ولا حتى بمن يفعل ذلك، إلا بعد أن يأخذ ما يأخذ ويحول ما يحول ويختلس ما يختلس، ثم تخرج علينا أجهزة الدولة بتقاريرها التي تكشف عن تهريب مبلغ كذا، أو اختلاس أو سرقة أموال برقم كذا، والغريب أن المبالغ مثل الأفلام الأمريكية بالملايين وبالعملة الصعبة. من الناحية المنطقية قد نقبل بهذا، لأن عملية التحري والبحث بعد وجود شكوك تتطلب أشهرا وربما سنوات، وهذا يحدث في أكثر الدول صرامة في عمليات المراقبة، لكن التميُّزالجزائري دائما هو أننا في هذه الحالات، وبعد أن يتم الكشف عن العمليات التهريب والنهب، نتحول من السينما الأمريكية ذات الخيال المنطقي والمقبول عقلا وإبداعا إلى السينما الهندية، وما أدراك ما السينما الهندية، فنطبق على مصير تحقيقاتنا وقوانيننا وعدالتنا مقولة “البطل لا يقبض عليه أبدا ولا يموت أبدا”، “لاكتور جامي يموت”. يبقى البطل في الجزائر في كل الخسائر والفضائح والسرقات مجهولا، والتحقيقات معلقة، فلا يتم الكشف عن الفاعل أبدا، وتبقى الأمور غامضة كمسلسل “كولومبو الشهير”، رغم أن هذا الأخير يكشف اللغز في آخر الحلقة، أما في الجزائر فلا تنكشف القصة أبدا، وهنا ننتقل إلى الدراما التركية أو المكسيكية ومسلسلات بآلاف الحلقات والعقد والتداخلات، لأن وراء الأبطال أبطالا، ومخرجين وممولين ونظاما جعل من الدولة “بلاطو” للتصوير السينمائي بامتياز. وهنا نتساءل ببراءة الأطفال الذين يشاهدون الأفلام الهندية والأمريكية، بعد قراءة خبر تهريب 400 مليون أورو إلى الخارج، (مع ملاحظة أنها ليست المرة الأولى): كيف يمكن لدولة منذ سنوات وهي تشتكي وتتحدث عن تهريب الأموال بالعملة الصعبة عن طريق التصريحات الكاذبة للسلع المستوردة، أن تستمر في الكشف عن هذه العمليات والحديث عن الفساد في الاستيراد، وتقدم أرقاما تشل كل غيور عن وطنه واقتصاد بلاده، دون أن تعيد النظر في قوانينها وطرق المراقبة وآليات التصدير؟ كيف لدولة يسير اقتصادها نحو الانهيار، خاصة مع الأزمة البترولية الحالية وتطالب حكومتها الشعب بالتقشف، لا نسمع فيها عن أي قرار اتخذ أو حكم صارم ضد من ارتكب هذا الجرم الذي لا يقل ضررا بالجزائر عن تدخل الأيادي الأجنبية، الذي يتشدق به النظام في “شطحة” إعلامية كلّما أحس أن الشعب سئم وأن المعارضة تحركت والشارع بدأ يغلي.. أليس تهريب العملة الصعبة يا سادة خيانة للدولة وبالتواطؤ مع الأيادي الأجنبية؟ لم لا يحاكم هؤلاء ويقدموا للعدالة بجرم الخيانة العظمى؟ في الجزائر فقط يمكن أن تشاهد سينما دون أن تدفع فلسا واحدا، فالثقافة عندنا بالمجان، مثل ما أصبح كل شيء مجانا ومباحا، والأمرّ أنه في الجزائر فقط يمكن أن تشاهد سينما واقعية وخيالية، وتدفع ثمن القهر وليس المتعة بالعملة الصعبة وبالملايين. يرحمك الله يا “سي بوبقرة”، لقد ذهب زمن “سوليما بلا دراهم”، نحن اليوم في دولة الجزائر ونظام الجزائر، نعيش سينما بالعملة الصعبة، وكما تقول “سوليما بالدوفيز”..
(بوبقرة) “سوليما بلا دراهم”، الفرق فقط أن في الجزائر هي “سوليما بالدراهم” وللأسف بالعملة الصعبة وبالملايين.. لا تكاد تسمع في الجزائر الأخبار أو تتبع الأحداث، إلا وتتذكر مشهدا من فيلم أمريكي أو هندي، ليس لرقي المدرستين السينمائيتين، لكن لقوة الخيال فيهما، والذي حطم كل التصورات وكل منطق. لا أدري لماذا كلّما قرأت موضوعا عن الفساد في الجزائر، أستذكر تلك المقولة التي كنا نرددها صغارا عن الأفلامالأمريكية “لا تأتي الشرطة إلا بعد أن يهرب السارقون”. يبدو أنهم في الجزائر يطبقون الإخراج الأمريكي بامتياز، فلا تسمع بالسرقة أو بتهريب الأموال ولا حتى بمن يفعل ذلك، إلا بعد أن يأخذ ما يأخذ ويحول ما يحول ويختلس ما يختلس، ثم تخرج علينا أجهزة الدولة بتقاريرها التي تكشف عن تهريب مبلغ كذا، أو اختلاس أو سرقة أموال برقم كذا، والغريب أن المبالغ مثل الأفلام الأمريكية بالملايين وبالعملة الصعبة. من الناحية المنطقية قد نقبل بهذا، لأن عملية التحري والبحث بعد وجود شكوك تتطلب أشهرا وربما سنوات، وهذا يحدث في أكثر الدول صرامة في عمليات المراقبة، لكن التميُّزالجزائري دائما هو أننا في هذه الحالات، وبعد أن يتم الكشف عن العمليات التهريب والنهب، نتحول من السينما الأمريكية ذات الخيال المنطقي والمقبول عقلا وإبداعا إلى السينما الهندية، وما أدراك ما السينما الهندية، فنطبق على مصير تحقيقاتنا وقوانيننا وعدالتنا مقولة “البطل لا يقبض عليه أبدا ولا يموت أبدا”، “لاكتور جامي يموت”. يبقى البطل في الجزائر في كل الخسائر والفضائح والسرقات مجهولا، والتحقيقات معلقة، فلا يتم الكشف عن الفاعل أبدا، وتبقى الأمور غامضة كمسلسل “كولومبو الشهير”، رغم أن هذا الأخير يكشف اللغز في آخر الحلقة، أما في الجزائر فلا تنكشف القصة أبدا، وهنا ننتقل إلى الدراما التركية أو المكسيكية ومسلسلات بآلاف الحلقات والعقد والتداخلات، لأن وراء الأبطال أبطالا، ومخرجين وممولين ونظاما جعل من الدولة “بلاطو” للتصوير السينمائي بامتياز. وهنا نتساءل ببراءة الأطفال الذين يشاهدون الأفلام الهندية والأمريكية، بعد قراءة خبر تهريب 400 مليون أورو إلى الخارج، (مع ملاحظة أنها ليست المرة الأولى): كيف يمكن لدولة منذ سنوات وهي تشتكي وتتحدث عن تهريب الأموال بالعملة الصعبة عن طريق التصريحات الكاذبة للسلع المستوردة، أن تستمر في الكشف عن هذه العمليات والحديث عن الفساد في الاستيراد، وتقدم أرقاما تشل كل غيور عن وطنه واقتصاد بلاده، دون أن تعيد النظر في قوانينها وطرق المراقبة وآليات التصدير؟ كيف لدولة يسير اقتصادها نحو الانهيار، خاصة مع الأزمة البترولية الحالية وتطالب حكومتها الشعب بالتقشف، لا نسمع فيها عن أي قرار اتخذ أو حكم صارم ضد من ارتكب هذا الجرم الذي لا يقل ضررا بالجزائر عن تدخل الأيادي الأجنبية، الذي يتشدق به النظام في “شطحة” إعلامية كلّما أحس أن الشعب سئم وأن المعارضة تحركت والشارع بدأ يغلي.. أليس تهريب العملة الصعبة يا سادة خيانة للدولة وبالتواطؤ مع الأيادي الأجنبية؟ لم لا يحاكم هؤلاء ويقدموا للعدالة بجرم الخيانة العظمى؟ في الجزائر فقط يمكن أن تشاهد سينما دون أن تدفع فلسا واحدا، فالثقافة عندنا بالمجان، مثل ما أصبح كل شيء مجانا ومباحا، والأمرّ أنه في الجزائر فقط يمكن أن تشاهد سينما واقعية وخيالية، وتدفع ثمن القهر وليس المتعة بالعملة الصعبة وبالملايين. يرحمك الله يا “سي بوبقرة”، لقد ذهب زمن “سوليما بلا دراهم”، نحن اليوم في دولة الجزائر ونظام الجزائر، نعيش سينما بالعملة الصعبة، وكما تقول “سوليما بالدوفيز”..