عرفت بداية سنة 1984 انتفاضة شعبية عمت جل مناطق البلاد، ووجهت بعمليات قمع شرسة وصلت الى حد إطلاق الرصاص على المتظاهرين بالشمال وسقوط العديد من الشهداء. وقد كان من بين نتائج القمع تلك أعداد هائلة من المعتقلين في مختلف المدن المغربية، من بينهم مناضلين في مجالات سياسية ونقابية وثقافية. ويهم هنا بالأساس الوقوف كرونولوجيا عند تجربة ما عرف لاحقا بمجموعة مراكش 1984، التي يجب الوقوف عندها، وخاصة من عاش هذه التجربة القاسية، بكل ما يتطلبه وزنها السياسي وتفرضه قيمتها ورمزيتها النضاليتين من شمولية ودقة.
1 - ظروف اعتقال مجموعة مراكش 84:
كانت المعتقلات السرية بمدينة مراكش وخاصة منها إقامة عبارة عن فيلا لجهاز "مراقبة التراب الوطني"ودهاليز الشرطة القضائية بجامع الفنا، بقيادة المدعو الخليلي وعناصر أخرى من جهازي "الاستعلامات العامة" و"مراقبة التراب الوطني" (السبتي، المعزوزي...)، محطة أولى لتعذيب واستنطاق المعتقلين قبل تنقيلهم بالتتابع فرادى وجماعات الى المعتقل السري السيئ الذكر درب م. الشريف بالدار البيضاء. وقد كان المدعو الخليلي قائد حملة الاعتقالات يتصرف بوحشية مقيتة حيث كان ينتهك حرمة البيوت ويستفز العائلات زارعا الرعب في صفوف الأطفال والأمهات في أوقات مختلفة من اليوم بما في ذلك أوقات متأخرة من الليل. وقد طالت فظاظته وعنفه حتى العجزة والحوامل من بين عائلاتنا. أما بالدار البيضاء فقد كان قدور اليوسفي البطل رقم واحد في جولات التعذيب والاستنطاق وفبركة الملفات والتهم، حيث أخضع زوار دربه الى كافة أنواع القهر المادية والمعنوية والى كل ضروب الاستفزاز. وقد تمثلت الأساليب الإجرامية سواء بمراكش أو بالبيضاء وبالخصوص فيما يلي:
الصعق بالصدمات الكهربائية وخاصة في المناطق الحساسة من الجسم، "الطيارة"، الخنق، "التعلاق" في وضعيات مختلفة بواسطة الأصفاد، التجريد من الملابس، التجويع، التهديد بالانتقام من أفراد العائلة وتعذيبهم...الخ.
عموما عرفت المعتقلات السرية سنة 1984 منافسة حادة في فن التعذيب والاستنطاق وفبركة التهم، وهو ما خلف آثارا بارزة على نفسية وأجساد المعتقلين الى اليوم.