الجوائز العربية تتجاهل المرأة عن قصد : عن قصيدتيها «ميثولوجيا الجسد» و«تمارين على الوحدة»
التي ضمهما ديوانها «بين طيات الموج» فازت الشاعرة والروائية
المغربية عائشة البصري
بجائزة سيمون لاندرى للشعر النسائي لسنة 2017 في دورتها الخامسة عشرة. وقدمت الفائزة
للمكتبة العربية عدة دواوين شعرية منها «أرق الملائكة» و«ليلة سريعة العطب» و«خلوة
الطير» و«السابحات فى العطش»،
وفى الرواية «ليالى الحرير» و«حفيدات جريتا جاربو»
التي حصلت بها على الجائزة الدولية كاتب ياسين الجزائر 2016 و«بنات الكرز»، وقدمت للنقد
دراستها «السخرية في شعر محمود درويش» كما ترجمت أعمالها للعديد من اللغات منها الفرنسية
والإسبانية والألمانية والتركية واليونانية وغيرها، وهى نائبة رئيس الجمعية الدولية
للنقد الأدبي بفرنسا.
الجوائز العربية تتناسى المرأة .. لماذا؟
معك حق، من الواضح جدا أن أغلب الجوائز العربية
فاز بها كتاب ذكور. كما أن أغلب لجان التحكيم تتشكل في الغالب من الكتاب الرجال. كما
يلاحظ أيضا أن الجهات المانحة والممولة أو المشرفة على تلك الجوائز العربية ذكور وهم
في الغالب ينتمون إلى مرجعيات فكرية تخاصم النساء ليس في المجتمع فقط بل وفى الكتابة،
وغير قابلين للتطور عموما.
الشعر والسرد… تعدد الأجناس الأدبية نعمة أم نقمة
؟
الأمر ليس لا بالنعمة ولا بالنقمة، وإذا كنت قد
أدركت ما تشير إليه، فمفهوم الكتابة اليوم أكبر وأوسع لأن الأمر يتعلق بالحرية الإبداعية
والحق في التخيل
. .
ومثل هذا السؤال لا يطرح في سياقات ولغات وساحات
ثقافية وأدبية أخرى. الكاتب لا يختار الشكل مسبقا بل هناك قضايا وانشغالات تختار شكلها
الملائم.
في بداياتي، كتبت القصة القصيرة، ونلت جائزة عن
قصة قصيرة في مسابقة طلابية. لكنني لم أخض تجربة النشر إلا مع الشعر وفى وقت متأخر
نسبيا.
مصطلح «الأدب النسائي»».. هل ترينه عنصريا؟
هذا التصنيف في حد ذاته، تضييق على النص الإبداعي
أكثر مما هو تصنيف ذكوري لكل ما يصدر عن المرأة. وحتى نبقى في مجال الشعر ليس هناك
شعر رجالي وشعر نسائي، على الرغم من وجود بعض الخصوصيات للكتابة النسائية لأن الكتابة
هي فعل إنساني مشترك بين الرجل والمرأة، تخضع لقوانين وضوابط مشتركة، المرأة الشاعرة
كالرجل تحمل هم الكتابة بكل تجلياتها ومرجعياتها، حتى الكتابة عن الجسد.
نقطة الاختلاف الهشة نجد بعض المبدعات يصفن الجسد
الأنثوي بعين ذكورية . لكن حين نتحدث عن الشاعرات يحيلنا السؤال على الجرح النازف:
كم تملك المرأة العربية من مساحة حرة للبوح ؟ إن تحديد تلك المساحة هو الذي يحدد مدى
النضج والاكتمال الذي ستبلغه أو بلغته تجربتها الشعرية، وبما أن الشعر هو أكثر الفنون
التعبيرية حميمية والتصاقا بالذات، هو انكشاف الذات على الآخر بكل انفعالاتها: غضب،
حب، حزن، فرح، يصبح الجسد في قفص الاتهام بدل النص (القصيدة) فتهرب المبدعة إلى نحو
الغموض والطرق الملتوية للتعبير عن أشياء بسيطة وعادية ..
بما أنك فزت بجائزة «سيمون لاندري» للشعر عن طريق
ترجمة قصائدك للفرنسية، كما سبق وترجمت كتبك للغات متعددة، ماذا تضيف الترجمة لتجربة
الكاتب؟
الترجمة حسب رأيي ليست مشروعا شخصيا يخص الشاعر
وحده بل هي انتقال نص بكل حمولاته اللغوية والإنسانية إلى لغة أخرى تستقبل النص في
كليته بما أن المبدع لا يكتب من فراغ، فهو ينهل من سابقيه ومجايليه من كتاب لغته. الترجمة
جسر بين ثقافتين .. كما أن ترجمة شاعر ليست دائما مقياسا لجودة ما يكتب.
حصولك على الجائزة، ماذا يعنى لديك؟
أكيد أن هذه الجائزة ستكون نقطة ضوء في مسيرتي الإبداعية
المتواضعة ومحفزا لي على الاستمرار في الاعتناء بالجانب الشعري لتجربتي الإبداعية الذي
أهملته قليلا لمصلحة الرواية.
كما يسعدني ويشرفني أن أحظى بالجائزة الثانية (سيمون
لاندري) في دورتها الخامسة عشرة كامرأة مغربية وعربية تسعى نحو هذا الأفق المشترك بين
النساء في العالم.
وهذه الجائزة تحمل اسم امرأة (سيمون لاندري) ولدت
سنة 1930 وهى ممثلة فرنسية وكاتبة وناشطة في الحقل الحقوقي وعضو مؤسس لجمعية الأبحاث
والدراسات النسائية.
وأنا أشكر ناشرتي الفرنسية نيكول باريير التي دعمت
ترشيحي لنيل الجائزة، وأشكر الناقد والشاعر الفرنسي جون لوك بوليكان الذي كتب مقدمة
مجموعتي الشعرية (بين طيات الموج)، وكذلك كل الشكر للمترجم المغربي إدريس البوشاري
الذي ترجم القصائد من العربية إلى الفرنسية بإخلاص.
وللأسف لم أتمكن من حضور تسليم الجوائز نهاية شهر
أبريل الماضي لكني سأشارك في حفل توقيع كتاب الأنطلوجيا الشعرية للقصائد الفائزة كما
هو التقليد كل عام وذلك في المهرجان الشعري السنوي (سوق الشعر بباريس) يومي 11 و12
يوليوز المقبل.
عن «الأهرام»
الكاتب : أحمد متولي حافظ