-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

محمد خصيف المبدع الناقد. : محمد أديب السلاوي

 احتفلت الدورة السادسة عشرة من ربيع المغرب التشكيلي بمدينة اكادير يوم أمس الخميس، بالمبدع والناقد التشكيلي محمد خصيف، بمناسبة تسليمه " جائزة النقد التشكيلي".
وفيما يلي شهادة ذ.محمد أديب السلاوي في حق المحتفى به :
*****
محمد خصيف المبدع الناقد
-1-
إن الحديث عن قامة إبداعية فكرية على مستوى محمد خصيف، لا يمكن أن يكون سهلا ولا طيعا، ذلك لأن هذا الفنان الذي تختزن تجربته عشرات السنين / عشرات المعارك / وعشرات المواقف، لا بد وان يقودنا هذا الحديث، إلى قراءة معمقة في تجاربه ومواقفه...ومعاركه، وهو ما يحتاج منا إلى صفحات طويلة وإلى وقت أطول.
ولأننا في هذه الشهادة، لا يمكن أن ننساق في دروب سيرة هذه القامة الشامخة، فذلك سنتركه بحول الله إلى دراسة متكاملة لتجربته الإبداعية، لذلك فإننا سنحاول بناء هذه الشهادة على الاختصار، وعلى الإشارات الضرورية التي من شأنها رسم صورة مختصرة لملامحه ومواقفه.
-2-
تعرفت على الفنان المبدع والناقد المتزن محمد خصيف قبل ثلاثة عقود من الزمن، فعرفت فيه المبدع الذي يعتبر الفن ضرورة حياتية كالماء والهواء /عرفت فيه أيضا، ذلك الفنان ذو القدرة الفائقة على الاستنطاق /استنطاق الذات، المعبر عن نفسه وهواجسه وأحاسيسه باللون والحركة والإشارة، وأيضا بالشحنات الانفعالية التي تؤدي إلى الدهشة، والتي تعطي في النهاية نصوصا بصرية، تنفذ إلى البصيرة قبل نفوذها إلى البصر.
ويجب الاعتراف هنا، أنه لا يمكن قراءة النصوص التشكيلية للفنان خصيف بسهولة ويسر، لأنها في العمق عمليات مركبة / عمليات ذهنية واعية بفلسفة الضوء واللون والإشارة والخط / نصوص توقفك مرغما أمام صياغتها  الجمالية لتحاول أن تقربك من أبعادها ومن إشاراتها اللونية.
ويجب الاعتراف أيضا،أني أحسست منذ أول لقاء مع محمد خصيف، قبل ثلاثة عقود، أني أعرفه من زمن بعيد وأن لقائنا الأول، كان امتدادا لأعوام من المعرفة، مليئة بالود والإنسانية، وتأكد لي ذلك فيما بعد عندما وجدت في أعماله التشكيلية، الدرس التشكيلي، الذي يخاطب العقل و البصر مرة واحدة،ومن ثمة حدث التعاقد الفكري / الإبداعي بيننا بثقة. ولا زال هذا التعاقد قائما...وسيظل بلا شك إلى يوم يبعثون.
-3-
الفنان محمد خصيف، لم يكتف في تجربته الإبداعية، بالإنتاج التشكيلي، أو بالتموقع في إطار اللوحة، بل انخرط مبكرا في مجالات النقد والتأريخ والتحليل الاكاديمي، حيث تضمنت مقالاته الصحفية في وقت مبكر / في ثمانينيات القرن الماضي، وصف أعمال رفاقه الفنانين وتفسيرها وتقييمها والتنظير إليها، كما تضمنت العديد من مقالاته الأخرى، شروحا حول فلسفة العمل التشكيلي، ودورها في تقريبه إلى الذهنية المغربية الجديدة.
وقد تكونت نظرة الفنان محمد خصيف النقدية، إلى الأعمال الفنية لرفاقه، وخاصة منهم الذين درسوا في المدارس والمعاهد المتخصصة، / تكونت نظرته من واقع تفاعلهم مع الدرس التشكيلي من جهة، ومع الواقع الثقافي / الاجتماعي بالمغرب الراهن من الجهة المقابلة، الأمر الذي أثار في حينه العديد من الأسئلة حول ماهية العمل التشكيلي في عالم اليوم، وعلاقة هذا العمل بالحركة الثقافية في المغرب الجديد.
وخارج ما طرحته مقالات محمد خصيف النقدية من تقييمات ونقاشات، داخل المشهد التشكيلي، أثارت أيضا أسئلة متنوعة وواسعة النطاق في الحقل الإعلامي، حول وظيفة النقد التشكيلي والأغراض التي وجد من أجلها، إلا أنها بقيت أسئلة دون أجوبة نظرا للجمود الذي كان وما يزال يطبع الإعلام الثقافي والفني في بلادنا مع الأسف الشديد، حيث لم يكن النقد الفني موضع اهتمام الصحافة المغربية، ولا حتى موضع اهتمام المثقفين والأدباء المغاربة.
ولا بد من الإشارة هنا، إلى أن الكتابة النقدية في المجال التشكيلي، لا تقل أهمية ولا صعوبة عن الإبداع التشكيلي، إذ تتطلب من الكاتب / الناقد أن يتحلى بقدر عال من المعرفة في مجالات وعلوم وتاريخ الحركات التشكيلية المحلية والدولية / كما في علم الجمال وفلسفة الألوان وحركاتها وطباعها، وهو ما يتطلب من الناقد أن يكون قادرا على صياغة أفكاره وفق درايته بلغة الألوان ومفاهيمها وقواعدها ومناهجها.
وإحقاقا للحق، نقول إن الأستاذ محمد خصيف كما عرفناه، يتمتع بهذه الخصال، فهو فنان لم يكتف بما يبدعه بالريشة واللون...ولكنه بدل جهدا مضاعفا من اجل أن يبدع بالقلم واللغة والمعرفة والثقافة المتعددة المجالات والأهداف.
إن الأستاذ محمد خصيف، شارك بفعالية، في نشأة النقد التشكيلي بالمغرب الراهن، إلى جانب نخبة محدودة من الإعلاميين والمثقفين المغاربة، كما ساهم إلى جانب بعض الفنانين والمثقفين الآخرين في صياغة المرجعيات النظرية الفلسفية والجمالية للنقد التشكيلي، وهو ما قد يساعد الأجيال الصاعدة في فهم المشهد التشكيلي المغربي، منذ بداياته الأولى وحتى اليوم.
من أجل ما قام به هذا الفنان الناقد من جهد من أجل الحركة التشكيلية بالمغرب الراهن، إبداعا ونقدا، أطلب من الحضور الوقوف تحية إجلال وإكبار لقامته الفنية والتصفيق بحرارة لجمعية الفنون التشكيلية باكادير، التي اختارت تكريمه بربيعها التشكيلي، وتسليمه شهادة النقد التشكيلي لهذه السنة

وشكرا لكم جميعا والسلام عليكم.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا