صدر العدد 44 من فصلية “الجسرة الثقافية” الذي يحمل تاريخ يوليو/تموز 2017، وفي افتتاحيته يذكر الكاتب إبراهيم الجيدة، رئيس مجلس إدارة نادي الجسرة الثقافي،
ناشر هذه الفصلية الثقافية أنه كان على موعد يومي مع المترجم الراحل طلعت الشايب، يتجاذب معه أطراف الحديت في أمور الحياة، وفي شؤون الثقافة، وفي أهمية الترجمة التي تمنح النصوص حياة جديدة، وتمد الجسور بين البشر على اختلاف ألسنتهم. وذات ليلة ودعه بعد أن اتفقا على اللقاء فور عودته من دمياط ليواصلا ما بدأه من حوار، لكن طلعت الشايب سافر.. ولم يعد!
فقد نقل إليه الأديب سمير الفيل نبأ رحيله؛ لفظ الشايب أنفاسه الأخيرة وهو يتحدث عن تجربته مع الترجمة في أحد المواقع الثقافية في دلتا مصر. وافتقده الجيدة إلى الأبد؛ صديقًا غاليًا، وإنسانًا نبيلًا، ومفكرًا شغلته القضايا الكبرى، وامتلك العزم على تنفيذ مشروعه الثقافي والإنساني الذي لمسنا ثماره في حياته، وستظل الأجيال تفيد منه، جيلًا بعد جيل.
ويواصل الجيدة كلامه قائلًا: “ولكم أسعدني أن يكون طلعت الشايب والطاهر مكي، ومشروعهما الثقافي في مجال الترجمة محورًا لهذا العدد من “الجسرة الثقافية”، وهي تواصل تألقها في ثوبها الجديد الذي يزدان بأقلام مهمة تنضم إلى كتاب هذه الفصلية الثقافية العربية التي يشرف نادي الجسرة الثقافي بإصدارها، ومن هذه الأقلام: الناقد والمترجم المغربي البارز الدكتور رشيد بنحدو الذي يطلعنا في مقاله “حين تنكتب الرواية بلسانين” على تجربته مع ترجمة إحدى روايات الطاهر بنجلون إلى العربية، والعالم المصري الدكتور عبدالرحيم الكردي، رئيس الجمعية المصرية للسرديات، الذي يصحبنا في جولة تاريخية في مدينة “قوص” العريقة، في الوقت ذاته الذي يكتب لنا سمير الفيل عن مشوار حياته في دمياط.. المدينة التي لا تفرط في رغيفها أو وقتها أو أسرارها.. فوصف أهلها بالبخلاء!
وتكتب حياة الرايس عن وعيها وتفتحها على الحياة كأنثى بين تونس وبغداد، وننتقل مع عبدالسلام باشا إلى إسبانيا لندخل بصحبته إلى “طليطلة”.. حيث إطلالة الواقع على متاهة التاريخ.. وتعايش الأديان في فضاء مشترك، بعد أن توقفنا في باريس مع الأديب البارز أبوبكر العيادي نتأمل نتائج انتخابات الرئاسة الفرنسية كما خاضها فرنسي منحدر من أصول عربية، من خلال هذا المقال المثير: “الشعبوية والتطرف ومستقبل الأحزاب بعد معركة الانتخابات الرئاسية؛ اليمين يمسك الخزينة، واليسار يكتب القصائد!”.
ثم ننضم إلى الناقد الدكتور حسين حمودة لنتابع في “القيروان” جلسات مؤتمرها الدولي حول “النص والسياق”، ومع الدكتور محمد آيت ميهوب، الذي فتح لنا في العدد 42 أبواب مدينته الخلابة “بنزرت”، واحتفلنا معه في العدد 43 بمئوية ميلاد رائد الرواية التونسية البشير خريف، فيجدد على صفحات العدد 44 ذكري محمود حسن إسماعيل، أحد شعراء العربية الكبار الذين ظلمهم النقد رغم جريان قصائده على ألسنة كبار المطربين العرب بدءًا من محمد عبدالوهاب .. موسيقار الأجيال، ومنه ننتقل إلى دراسة للشاعر أحمد عنتر مصطفى عن كوكب الشرق أم كلثوم تكتنز بالأسرار الشخصية والنوادر الفنية.
وكعادته.. يخصنا الروائي الكبير ناصر عراق بدراسة قيمة، وهي هذه المرة عن: “الظلال الأوروبية في السينما المصرية”.
أما حوار العدد فقد دار في فيينا مع الأديب النمساوي ذي الأصول العربية “طارق الطيب” أجراه عبدالناصر عيسوي.
وإذا كانت “الجسرة الثقافية” تستمر في نشر أبواب متعة العقل التي استحدثتها مع العدد 42 مثل: “دليلك إلى المواقع الثقافية على شبكة الإنترنت” الذي تعده حنان فكري، و”الكلمات الثقافية المتقاطعة” التي يعدها إيهاب الحضري، “أدبيات العلوم” التي تحررها منة الله سامي، فإنها تستجيب لرغبة قرائها وتخصص بابًا جديدًا تقدمه هذا العدد الدكتورة رشا صالح من خلاله نقرأ “رواية عالمية في سطور”، ويفتح لنا الأديب السوري نبيل سليمان شرفة نطل منها على تجليات الآخر وصورتنا في الرواية الإيرانية، بينما تكتب الناقدة المغربية زهور كرَّام عن الرواية العراقية والخراب. ومن دبي يحلل الدكتور رامي عبود ظاهرة “بوب ديلان” المطرب الذي خلّف فوزه بجائزة نوبل في الأدب علامة استفهام كبيرة.
ومن الموضوعات اللافتة في محور الترجمة وقضاياها: مقال الدكتورة غرَّاء مهنا الذي تطرح فيه سؤالًا مثيرًا للنقاش: هل من حق الطاهر بنجلون العبث يرواية “الخبز الحافي” لمحمد شكري؟ ويصف أحمد رجب شلتوت الترجمة بأنها “جسور بين الغرباء يبنيها الخونة”، ومقال الروائي عزت القمحاوي عن طلعت الشايب. وتقرير أحمد فضل شبلول عن ترتيبات دبي لعقد مؤتمر دولي يحتضن أشكال الإبداع الرقمية الجديدة.
ولا تقتصر لمسات الفنان الهولندي ذي الأصول العراقية “محمد حياوي”، على تحويل مواد هذه المجلة إلى صفحات فتانة تعكس العصرية علي التصميم وتحقق هويّة المطبوعة الثقافية العربية، بل يكتب لنا في باب “ظاهرة” عن: “المناوبة الليليّة، لوحة رامبرانت المُجسّدة بالتماثيل”.
أما الكاتب والناقد مصطفى عبدالله فيرصد في مقاله المستجدات على الساحة الثقافية التونسية، وأبرزها: عودة جائزة أبي القاسم الشابي، بعد انقطاع قصير، وتوجهها للاهتمام بفن السيرة الذاتية في دورتها المقبلة، وتركيز جائزة مصطفى عزوز في دورتها الأخيرة على أدب الخيال العلمي الموجه للأطفال واليافعين في وطننا العربي، فضلًا عن إلقائه الضوء على مهرجان قرطاج الدولي الذي يفتتح للجمهور بعد أيام، وذلك من خلال لقاء مع مديره الجديد “مختار الرصاع”.
لتحميل العدد يرجى الضغط على رابط التحميل