حصل الفيلم الروائي الطويل الثاني “حياة” للمخرج
المغربي الشاب رؤوف الصباحي، أحد خريجي مدارس التكوين السينمائي الخاصة بالمغرب، وأحد
مخرجي التلفزيون
المغربي المتميزين من بين أبناء جيله، على عدة جوائز منها جائزة الصورة
بالمهرجان الوطني للفيلم، وآخرها جائزة أحسن إخراج من مهرجان “هيوستن” الدولي للفيلم،
ما يقيم الدليل على خصوصيته وجماليته.
يتكئ الخط السردي لفيلم “حياة” للمخرج المغربي رؤوف
الصباحي (إنتاج 2017) على رحلة تمر أطوارها على متن حافلة تقطع عدة مدن مغربية، إذ
تحمل على متنها أصنافا من البشر سمحت لهم الرحلة بنسج علاقات متداخلة في ما بينهم،
ومكنتهم من الدخول في تبادلات ومشادات بعضها لطيف، وبعضها طريف إلى حد الصدمة، ولكنها
تظل عاكسة لما يمكن أن يحدث أثناء الاجتماع البشري داخل الفضاءات الخاصة والعامة.
ويستقل الحافلة عدد مختلف من الشخوص مما يدل على
أن الحياة -ومن هنا جاء عنوان الفيلم- في عمقها سفر مفتوح على كل احتمالات اللقاءات،
وأن السفر حياة يصعب على الإنسان التكهن بخباياها، فأن يختار المخرج خوض غمار الدراما
عبر نوع فيلمي صعب يتمثل في “أفلام الطريق”، وأن يستند إلى فكرة السفر كفلسفة ناظمة
لرؤيته الموضوعاتية والبصرية لأمر في منتهى المغامرة، ولكنه سيحقق الأهم من خلال تلك
الرحلة الفاتحة لأعيننا على الغنى الرمزي للحافلة، إذ يمكن أن تكون معادلا مجازيا لفهم
المجتمع المغربي إذا تمثلناه فيها.
وما الشخوص إلا مجرد عينات تمثيلية لفهم ما يجري
ويعتمل داخل “الحافلة/المجتمع”، خصوصا في هذه الظرفية الحساسة التي نختبر فيها قدرة
مختلف الركاب على التفاهم بغية الوصول إلى نقطة النهاية دون حدوث أعطاب، خاصة أن الطريق
طويلة ووعرة، ومن هنا فالرهان على مدى قدرة سائقها وركابها حاسم لتجاوز الصدامات التي
قد تحدث بينهم.