صدر أخيرا، عن دار “مقاربات” للنشر والصناعات
الثقافية بفاس، كتاب جماعي حول أعمال عالم الاجتماع المغربي أحمد شراك وهو
الكتاب الذي نسق أعماله كل من عبد
الرحيم العطري وعبد الغني زياني، وشارك فيه كل
من عياد أبلال وفوزية برج وإدريس كثير وعبد الهادي أعراب وأحمد كاري وعبد المالك
أشهبون وعبد الكريم القنبعي وحسن إغلان وعبد العالي الشدواي وسعيد عاهد، فضلا عن
منسقي العمل.
وحسب بلاغ صحافي تلقى موقع “مشاهد24” نسخة منه،
فإن الكتاب صدر في 160 صفحة من القطع الكبير بغلاف دال من توقيع الفنان
والأكاديمي عزيز أزغاي، وبلوحة دالة للفنان زين العابدين الأمين.
وأوضح المصدر ذاته، أن منسقا العمل يتساءلان في
البدء عن أقرب المسالك إلى سوسيولوجيا أحمد شراك؟ وعن أجدى المناولات للتفكير في
“العرض السوسيولوجي” لعالم اجتماع فوق العادة؟ وهل من ضرورات لتبرير هذا الانشغال
بمتنه العملي والعلمي، في مَدِّه وامتداده، وسؤاله واعتماله؟
ويقولا منسقا العمل،وفق نفس المصدر،إنهما
يقترحان هاهنا جوابا مؤقتا يتكثف في ثنائية القراءة والشهادة، علَّها تفيد في
اكتشاف أسس ومرجعيات الفكر السوسيولوجي عند أحمد شراك، فمن يقرأ المنجز العلمي
لعالم الاجتماع، وفق مقاربة تعددية الأنفاس، يتمكن من سبر “نظرته إلى الكون”،
وتحديد ملامح “سوسيولوجياه”. ففي تفاصيل الكتب المتفرقة، ثمة خيط ناظم، يكون مضمرا
في غالب الأحيان، يؤطر ويبرر البراديغم الموجه للباحث عن المعنى، ويكشف “سياسته”
واستراتيجيته البحثية، بل إنه يميط اللثام أحيانا حتى عن “إيديولوجيته” التي تتخفى
وراء النص.
هناك أكثر من مدخل يعتمده هذا الباحث الرصين
لبناء موضوعه و صوغ منهجه، فهناك مداخل المفهمة والتأطير الموضوعاتي والتحليل
التعددي، والتي لا يتعامل معها أحمد شراك إلا بعين حذرة و نقدية، وهناك مداخل
المجال والإنسان والسياق كاحتمالات لإعادة إنتاج العلاقات الاجتماعية، وهناك أخيرا
المداخل المعرفية الأنثروبولوجية والسيميولوجية والأيقونولوجية التي تمنحه قدرات
تحليلية وتفكيكية، تخرجه من جمود المعطى إلى حيوية التحليل والتساؤل.
و لكي يصل أحمد شراك إلى ما وصل إليه من “ألق”
معرفي، فقد استوجب منه ذلك ممارسة تفكيكية تنتقل من متن لآخر، ومن وثيقة لأخرى،
متجاوزا فكرة الإنصات الأحادي للوقائع الاجتماعية دونما إعمال للفكر النقدي
والحواري. فشراك، وفي مختلف أعماله، يحاور التاريخ بالأنثروبولوجيا، والسوسيولوجيا
بالسيميولوجيا، والفلسفة بالأدب. و لا يقتنع بالإجابات السريعة التي قد يقدمها
المصدر الأوحد، لهذا تراه مدمنا لحركة ذهاب و إياب، وهو يسائل الفكرة و نقيضها،
آملا بلوغ الحقيقة الاجتماعية، التي تفسر صراعات وتنافسات وتضامنات وتسويات الحقول
والأفراد والجماعات داخل المجتمع.
يلح منسقا العمل في تبريرهما للانخراط في إصدار
“سلسلة تجارب سوسيولوجية” ضمن مؤسسة مقاربات التي يديرها باقتدار بالغ الدكتور
جمال بوطيب، بأنها تأتي ضدا على “الاعتراف الجنائزي” وانتصارا بالمقابل للاعتراف
الموضوعي، أملا في التأسيس لمبنى ومعنى الجماعة العلمية، فهي لمساءلة “تجارب
سوسيولوجية” بعينها في “الكتابة والحياة” المهنية، بغرض اكتشاف أساسيات “الصناعة
السوسيولوجية” عند عالم الاجتماع، باعتماد أدوات المحاورة والقراءة والإنصات
والتفكيك. ولأنها عمليات تعددية الأبعاد، فإن بناءها اعتمد “صيغة الجمع”، حيث
تتعدد الرؤى وزوايا النظر، لاستكمال “الصورة” وتنضيد المعنى الذي ينشغل به “المعني
بالأمر”.
إنها سلسلة مُفكرٌ في مدخلاتها ومخرجاتها، تبرر
اختياراتها بواقعة “العرض السوسيولوجي” الذي يتوفر عليه عالم الاجتماع موضوع
الاشتغال، وتؤسس لمشروعيتها وملحاحيتها بضرورة الانتقال من سجل “الصمت”
و”الشفاهية” إلى موجبات الحوار والكتابة، فما يبقى في النهاية هو الأثر والتجربة
الدالة التي تبصم مسارا من الأداء النوعي و”العرض السوسيولوجي”، لهذا نريدها سلسلة
“تجارب سوسيولوجية” تدمن ثقافة الاعتراف وتنتصر لحكمة “البقاء للأثر”.
يذكر أخيرا أن هذه السلسلة افتتحت مسارها بثلاثة كتب: “الكتابة والمعنى”
و”المقاولة أفقا للتفكير” و”جدلية السلطة والمجتمع”، وكلها أعمال جماعية تفكر في
المنجز العلمي لادريس بنسعيد ولحبيب امعمري وأحمد شراك، وستتواصل مستقبلا مع علماء
اجتماع آخرين من داخل المغرب وخارجه