-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

من عجائب هدايا الملوك والخلفاء

روائع وعجائب من الهدايا نراها حيثما نظرنا في متاحف الفن الإسلامي حول العالم.
فمن الكتب المزينة بالذهب والرسومات والتي صُنعت خصيصاً للأمراء، مروراً
بالمجوهرات والمنسوجات والأواني والمستلزمات الشخصية والتحف، وليس انتهاء بالأسلحة والمعدات الترفيهية والقتالية.
كلها قد صُنعت بجودة عالية ليس لتؤدي وظيفتها الأساسية الخاصة بها فقط، بل أيضاً لتضيف عليها وظيفة جمالية مستقلة وقائمة بذاتها، للإمتاع الفكري والبصري.
بل لعل القسم الأكبر من مقتنيات متاحف الفن الإسلامي هي عبارة عن هدايا متبادلة بين أفراد الشعب والأمراء، أو بين النبلاء أنفسهم.
المتحف "المفتوح" وهدايا الملوك
إنّ عرض الهدايا للعموم ليس أمراً جديداً، فقد أورد مؤلف كتاب "الذخائر والتحف" خبراً عما يشبه مفهوم "المتحف المفتوح" في عصرنا، أي عرض الأعمال الإبداعية في الهواء الطلق.
ففي عام 896 م، وصلت هدية خاصة إلى قصر الخليفة المعتضد (الذي حكم لعشرة سنوات بين عامي 892/279 و903/289).
كانت الهدية عبارة عن صنم على مثال امرأة لها أربع أيدٍ وعليها وشاحان مرصعان بالجوهر ومعها أصنام لها أيدٍ ووجوه عليها جوهر (كتماثيل الآلهة الهندية)، وذلك بحسب فرات حمدان عبدالمجيد في دراسته "هدايا الخلفاء العباسيين من خلال كتاب الذخائر والتحف للقاضي ابن الزبير".
يقول الخبر بأنّ عمرو بن الليث، الذي كان حاكماً على ولاية "بلاد ما وراء النهر" (وهي أوزبكستان وأجزاء من كازاخستان وقيرغيزستان اليوم)، قد حصل عليها من مدن افتتحها جُنْده في بلاد الهند، وأرسلها للمعتضد.
أعجبت الهدية الخليفة، فأمر بأن تنصب في مجلس الشرطة في بغداد، ليراها الناس، و لُقّبت "شغلاً" لاشتغال الناس بالنظر إليها.
ويُعتبر كتاب "الذخائر والتحف" من أهم وأشمل الكتب المتخصصة بأخبار تبادل الهدايا والتحف، وذكر الكنوز وغرائب المقتنيات، وتوريث الثروات، ونفقات الأموال بالمناسبات السعيدة عند العرب من العصر الساساني إلى العصر الفاطمي، في كامل العالم الإسلامي، من السند حتّى الأندلس.
دوّن الكتاب في القرن الخامس الهجري، وقد ألّفه القاضي الرشيد بن الزبير (من القرن الخامس الهجري)، ولم ُيطبع غير طبعة واحدة، وهي طبعة الكويت عام 1995، ضمن "سلسلة التراث العربي"، وهي سلسلة إصدارات كانت تصدرها دائرة المطبوعات والنشر لدى حكومة الكويت في حينها.
والكتاب قد حققه الدكتور محمد حميد الله، عن مخطوطة وحيدة في تركيا، وراجعه الدكتور صلاح الدين المنجد، كما تم إرفاق ملحق بآخره يتضمن صوراً لتحف وأعمال فنية من العصر الفاطمي.
ولعل تخصيص كتاب لهذا الموضوع منذ ما يقارب ألف عام، يُظهر لنا مدى تقدير العرب لفكرة تبادل الهدايا والإحتفاء بالجوائز. وهذا جزء مكمّل لثقافة الإنسان العربي المشهور منذ القدم بصفات السخاء والجود والكرم.
وقد حرص الإسلام على هذه الصفات، وحثّ على تبادل الهدايا، فقد ورد عن النبي (ص) أنه قال: "تهادوا تحابّوا". كذلك، ذكر كتاب "الذخائر والتحف"، أنه: "كان عليه الصلاة والسلام لا يرد الهدية من أحد، ويكافىء عليها".
أنواع الهدايا
لأن الهدية سفير لكل معاني المودة والتقدير والشكر والاعتذار والثناء، فقد استخدمها العرب لعدة غايات، على سبيل المثال : للتعبير عن المحبة والولاء خاصة بين الأصحاب والأقارب والعشاق والأزواج، أو بهدف التقرب والاسترضاء والتعارف خاصة بين الأنداد.
وقد تكون الهدية للمكافأة على عملٍ حسن فعله المُهدى إليه، كما تأتي أحياناً على أمل الحصول على الجوائز، كالهدايا التي تُرسل للخلفاء والملوك.

وكل تلك الغايات مقبولة في الأعراف العربية، حتى لو كانت الهدية من عدو.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا