أختار «مصر للطيران» دائما بسبب الرقة فى الهبوط
للأرض ليس الارتطام العنيف بها ، كما يفعل طيارون آخرون بقسوة الغزاة كأنما هى جسد
مؤنث،
ورثت الشخصية المصرية جينات حضارية راقية عبر الفلسفة
الإنسانية، للجدات نوت وأزيس ومعات لكن الغزوات الأجنبية لفصائل أقل تحضرا أدت لامتزاج
الجينات عن طريق الزواج الذى أصبح مؤسسة تحكمها قوانين أبوية عبودية تخضع مع مرور الزمن
لعمليات التعرية وتغيرات المناخ والسياسة الحاكمة، وقد تتقدم الجينات نحو الحرية والمساواة
والإبداع أو ترتد للعبودية والجهل لهذا نرى بيننا أرقى أنواع الرجال والنساء، ونرى
أيضا مخلوقات بشرية لها رأس عجل.
فى هذا الشهر (مايو) تعرفت على مصر خلال زيارتى
لصفاقس جنوب تونس، يجب الابتعاد عن الوطن لنراه أوضح، أسقطت الثورة التونسية رأس النظام
مثل الثورة المصرية، وبقى جسد النظام راسخا متغلغلا فى الدولة العميقة بمؤسساتهم وقوانينهم
ورجال أعمالهم وشركاتهم وتهربهم من الضرائب وأموالهم المهربة وأراضى الدولة المنهوية
وعلاقاتهم بالقوى الخارجية وأحزابهم الورقية القديمة والجديدة، التى تساقطت جميعا كأوراق
الخريف، إلا الحزب السلفى المتصاعد، المدعوم بالدولار واللحية والنقاب، يحاولون إعادة
عصر الجوارى والقبقاب، وإباحة «تعدد الزوجات» رغم أنه ممنوع بالقانون التونسي، وتلعب
الأموال دورها فى نشر الفتاوى والفساد، وإغراق الإعلام والفنون ومسلسلات رمضان فى تفاهات
الجنس والعنف وضرب الصناعات الوطنية، ومضاربات البورصة وتشجيع الاستثمارات الأجنبية
وقروض البنك الدولى وصندوق النقد... الخ. دعيت بعد صفاقس إلى «جبنيانة» من أكثر المناطق
التونسية تقدما لها تاريخ نضالى ضد الاستعمار الخارجى والداخلي، خلال الحوار مع المئات
من أهل القرية قالت فتاة: سمعنا أن بعض عضوات البرلمان المصرى يؤيدن تعدد الزوجات تحت
شعار «زوجى زوجك»... ؟.قلت: لم أسمع عن هذا الشعار الذى لا تؤيده إنسانة لها كرامة
أو عقل. فى تونس رأيت نماذج عظيمة من النساء والرجال وأيضا رأيت المشاكل ذاتها التى
رأيتها فى بلادنا والعالم غربا وشرقا، منها البطالة والفقر والقمع والفساد والتجارة
بالدين والتحرش بالفتيات نحن نعيش قى عالم واحد، وليس ثلاثة عوالم، محكوم بقوة دولية
واحدة عسكرية رأسمالية عنصرية دينية تستخدم الوسائل المعروفة والخفية لضرب الشعوب خاصة
العربية بعد تمزقها بالحروب الأخيرة، وتحلم إسرائيل القابعة على رأس هذه القوى الدولية
بالقضاء على العالم العربى وقد تحقق لها بعض هذا الحلم بفضل حكوماتنا العربية الوطنية،
وصديقاتها الحكومات الأمريكية.نشرت مجلة الإيكونومست (السادس/ مايو) مقالا بعنوان
«الحالة المؤسفة للرجال العرب» عن باحثين فى أربع دول عربية (مصر وفلسطين ولبنان والمغرب)
وجدوا أن الرجال العرب يعانون «أزمة ذكورية» بسبب تزايد الفقر وعجزهم عن الإنفاق، مما
يجعلهم أكثر عنفا وتحرشا بالنساء. وقد أصبحت هذه البحوث منتشرة فى الأوساط الأكاديمية،
يحاولون (تحت اسم العلم) تشويه شعب معين أو مذهب أيديولوجى معين لصالح قوى سياسية معينة،
فالسياسة تحكم العلم كما تحكم الإعلام والدين والتعليم والأخلاق، ولا شيء اسمه «الحياد»
فى عالم شرس قائم على الخداع والبطش. نشرت مقالى بعنوان «الحالة المؤسفة للعالم» بالأهرام
ويكلى (الثامن عشر/ مايو) ردا على مجلة الإيكونومست التى لم تنشره (مما يكشف زيف الحياد
العلمي)، ويتكلم البحث عن عنف الرجال الفلسطينيين بمعزل عن عنف الاحتلال الإسرائيلى
الأمريكى لأراضيهم وبيوتهم دون أى مقارنة بالرجال الإسرائيليين أو الأمريكيين أو غيرهم،
كأنما التحرش الجنسى موروث بالجينات العربية، وليس نتيجة نظام عالمى ذكورى طبقى عسكرى
تعليمى دينى يمتد فى التاريخ منذ تأثيم حواء وتبرئة آدم ، ويرتبط العنف الذكورى بالعنف
الاقتصادى فى الدول الكبرى ومنظماتها الإرهابية الدينية مثل داعش وبوكو حرام وغيرهما،
ويصور البحث جريمة «ختان الإناث» كأنها هوية العرب رغم أن أغلب الدول العربية (منها
السعودية) لا تمارس ختان الإناث، ويصمت الباحثون تماما عن جرائم ختان الذكور خوفا من
تهمة «معاداة السامية» إذ يوجد بالتوراة عهد وأمر إلهى بختان الذكور.