كشفت وثيقة جديدة صادرة عن منظمة اليونسكو أنه بالإمكان
خفض معدل الفقر فى العالم إلى أكثر من النصف، إذا أكمل جميع البالغين دراستهم الثانوية،
ولكن للأسف
بعض البيانات الجديدة الصادرة عن معهد اليونسكو للإحصاء تبين استمرار ارتفاع
معدلات ترك المدرسة فى العديد من البلدان، الأمر الذى يرجح أن مستويات إنجاز التعليم
ستظل أقل بكثير من الهدف المنشود للأجيال القادمة.
وتصدر الوثيقة المعنونة ب «الحد من الفقر فى العالم
من خلال تعميم التعليم الابتدائى والثانوي» قبل عقد المنتدى السياسى الرفيع المستوى
للأمم المتحدة الذى يبدأ أعماله اليوم ويركز على القضاء على الفقر تنفيذاً لخطة التنمية
المستدامة 2030، كما تبين الوثيقة أهمية الاعتراف بالتعليم بوصفه أداة أساسية لاستئصال
الفقر بجميع أشكاله، فى كل مكان.
واعتبرت مدير عام اليونسكو إيرينا بوكوفا: صدور
التحليل الجديد للفوائد بعيدة المدى فى مجال التعليم، خبر سار لجميع العاملين لتحقيق
الهدف المتمثل فى القضاء على الفقر، مشيرة إلى أنه من أهداف التنمية المستدامة، منوهه
أن ذلك يدل على أن لدينا خطة ملموسة تضمن ألا يكون الناس بعد الآن مرغمين على العيش
بدخل لا يتجاوز عدة دولارات فى اليوم، مؤكده أن التعليم هو فى صميم هذه الخطة.
ويستند التحليل الجديد لأثر التعليم فى الفقر- الذى
أعده فريق اليونسكو المعنى بالتقرير العالمى لرصد التعليم- إلى متوسط نتائج التعليم
على النمو والحد من الفقر فى البلدان النامية بين عامى 1965 و2010، ويبين أنه بإمكان
حوالى 60 مليون شخص تفادى الفقر إذا أكمل جميع البالغين سنتين إضافيتين من الدراسة
فقط، فإذا أتم جميع البالغين تعليمهم الثانوي، أمكن إبعاد شبح الفقر عن 420 مليون شخص،
الأمر الذى يقلص العدد الإجمالى للفقراء إلى أكثر من النصف على الصعيد العالمي، وبنحو
الثلثين فى إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وفى جنوب آسيا.
وأظهرت الدراسات أن للتعليم نتائج مباشرة وغير مباشرة
على النمو الاقتصادى والفقر، حيث يوفر التعليم المهارات التى تعزز فرص العمل والدخل
وتساعد فى الوقت نفسه فى حماية الناس من الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية، ومن المرجح
أن يؤدى انتشار التعليم على نحو أكثر إنصافاً إلى الحد من عدم المساواة، وينتشل فى
الوقت ذاته أشد الناس فقرا من أسفل الدرك.
وعلى الرغم من إمكانات التعليم، تظهر البيانات الجديدة
لمعهد اليونسكو للإحصاء أنه لم يحرز أى تقدم تقريباً فى تخفيض معدلات ترك المدرسة فى
السنوات الأخيرة، وعلى الصعيد العالمي، لا يزال 9٪ من مجموع الأطفال فى سن التعليم
الابتدائى محرومين من حقهم فى التعليم، حيث تصل نسبتهم إلى 16٪ و37٪ من الشباب فى سن
التعليم الأدنى والثانوي، على التوالي، وفى المجموع، لم يلتحق 264 مليوناً من الأطفال
والمراهقين والشباب بالمدرسة فى عام 2015.
ولا تزال إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى المنطقة التى
تشهد أعلى معدلات ترك المدرسة لجميع الفئات العمرية: إذ إن أكثر من نصف مجموع الشباب
(57٪) الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاماً غير ملتحقين بالمدارس، وكذلك الأمر بالنسبة
لأكثر من ثلث المراهقين (36٪) الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عاماً، وخمس الأطفال
(21٪) الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و11 عاماً. وتضم ستة بلدان أكثر من ثلث مجموع الأطفال
فى سن التعليم الابتدائى وغير ملتحقين بالسلك الدراسي، وهي: إثيوبيا وإندونيسيا وباكستان
والسودان ونيجيريا والهند.
ومن أصل 61 مليون طفل فى سن التعليم الابتدائى وغير
ملتحقين بالمدارس حالياً، هناك 17 مليون طفلا لن يطأوا أبداً فصلاً دراسياً إذا استمرت
الاتجاهات الحالية. ويشمل ذلك طفلاً من كل ثلاثة أطفال غير ملتحقين بالمدرسة فى إفريقيا
جنوب الصحراء الكبرى وغرب آسيا وشمال إفريقيا، وأكثر من طفل من كل أربعة أطفال فى آسيا
الوسطى وجنوب آسيا.
وفى البلدان الفقيرة، لا تزال عقبات شديدة تحول
بين الفتيات والتعليم بوجه خاص. ووفقا لبيانات معهد اليونسكو للإحصاء، ثمة أكثر من
11 مليون فتاة فى سن التعليم الابتدائى غير ملتحقات بالمدرسة، فى البلدان المنخفضة
الدخل، وذلك مقارنة بما يقرب من 9 ملايين من الفتيان. والخبر السار هو أن الفتيات اللواتى
يتمكن من الدخول إلى المدرسة يملن إلي إكمال المرحلة الابتدائية ومواصلة دراستهن فى
المرحلة الثانوية.
الأهرام اليومي