-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent

هاجَمتني الضِباع : عز الدين المناصرة

هاجمتني الضِباعُ مع الغسقِ النرجسيِّ،

تلمّستُ ناراً وجرَّدتُها من ثيابِ الكلامْ

كلُّ أنحائها خاطبتني بصوتٍ رقيقٍ:

نعمْ، لا تُلامْ

فاعلنْ تتمدّدُ عُريانةً، وفعولنْ تبادلني

الغمغماتِ، وسادتُها من رحيقِ المتونْ.

وبها أستعينْ

ضدَّ هذا الخرابِ اللعينْ.

– هاجمتني الضباع… وشاهدتُ أرجوحةً،

قَبَساً ﻓﻲ وريدِ النباتْ.

كنتُ ذاهبةً ﻓﻲ المساءِ ﺇﻟﻰ دارِ خالي

وﻟﻢ أستطع أن ألامسَ أسوارها الرائعة

فاتجهتُ شمالاً ﺇﻟﻰ التلّة الفارعة

لاحقتني الضباعُ ﺇﻟﻰ التلّةِ الفارعة

تشممتُ رائحةً ما تبيّنتُها

ﻟﻢ أجد شبهاً لتفاصيلها

فهربتُ ﺇﻟﻰ تينةٍ ﻓﻲ شقوقِ الصخورِ الحرامْ

كان دافورها مثلَ كوزِ الذُرة

فوجدتُ أمامي هنا مجزرة.

– هاجمتني ضباعُ البراري، وسدّت أمامي الطريقْ

فاتجهت يساراً، وﻟﻤَّﺎ أجدْ ثغرةً،

دُرْتُ صوبَ اليمينْ

خلعتُ المناديلَ، ﺛﻢ السراويلَ،

قماُ خلعتُ، الذي تَعْلَمينْ.

– تراجعتُ للخلفِ

حتى أرى نقطةً من يقينْ

فوجدتُ اليمينْ

ابنَ عمّ اليسارْ

ووجدتُ اليسارْ

ابنَ عمّ اليمينْ.

– هاجمتني الضباعُ،

وراحتْ تحاصرني من جميعِ الجهاتْ:

رأيتُ أمامي مباشرةً… مِشْنَقَةْ

رأيتُ الخناجر، وجهاً لوجهٍ،

وأحسستُ مخرزها ﻓﻲ العيونْ.

دُرتُ نحوَ الأشقّاء،

ﻟﻢ يستمعْ ﻟﻲ أحدْ

وما شفْتُ لو دمعةً ﻓﻲ عيونِ البناتْ

وﻟﻢْ يستمع ﻟﻲ أحدْ.

– يطفحُ الذُلُّ ﻓﻲ الكائناتْ

تمّحي من قبائلنا الرعويَّةِ،

حلو الشمائلِ، أُذبحُ،

حتى البلاغةُ سوف تصيرُ من المعجزاتْ

فأين ربيعُ الصفاتْ.

– دُرتُ عشرينَ، ﺛﻢَّ اتجهتُ لناحيةٍ ﻓﻲ الأمامْ

أمامكَ رومٌ، وخلفكَ رومٌ، وﻓﻲ الجَنَباتْ

فقرّرتُ أن أطلقَ النارَ،

نحو جميعِ الجهاتْ.

… وقال رحمه الله… في وصف البحر الميت

كان جدّي يُربّي الخيولَ على تلَّةٍ عالية

قال ﻟﻲ: كي أُعوّدها أن ترى البحر،

وهو يُنازعُ، يلفظُ آخرَ قَذْفَةِ نارْ.

تهيجُ الخيولُ، فترفسُ رملَ الأعالي،

تصيحُ النساءُ: اهدئي يا جِرارُ، اهدئي يا جرارْ.

قال ﻟﻲ: أقصدُ البحر، وهو يشقُّ الزحامْ

على خصرهِ نجمةٌ، وردةٌ، جُلّنار.

– ينامونَ ﻓﻲ الموجِ،

قد يقرؤونَ الجرائدَ ظُهراً على ظهرهِ،

وأنا ساهرٌ حولَ جثمانه، لا أنامْ

كقُرصٍ من النارِ أبدو

على غُرَّةِ الفرسِ الوتريَّةِ،

كنتُ جلبتُ ﻟﻬﺎ عَلَفاً من (أريحا)… وزُرتُ المقامْ

ولكنّها انقصَعَتْ مثلَ قوسِ الأفقْ

مثل بحركِ هذا الذي… قمتُ زَغْزَغْتُهُ،

وهرشتُ شواطِئهُ… فانفلقْ

تناثرَ منه الصديدُ كرائحةِ القيحِ،

ﻓﻲ شهرِ تمّوز،

من دُمَّلٍ قابعٍ عندَ صُرّتهِ بالتمامْ.

– رحمةً بالحصانِ الجميلِ الذي يرفسُ الموتَ،

أطلقتُ كلَّ الرصاصِ على صدرِ حبّي

هنا… ﻓﻲ المنام

النساءُ يَنُحْنَ على فرسِ البحرِ منذُ قديمِ الزمانْ.

قال ﻟﻲ: مرَّةً ثُرْتُ، ﺛﻢَّ هَمَدتُ على صدرها

ﻓﻲ الظلامْ

وأدركتُ:

يحدثُ هذا مع البحر،

ليلاً،

ويا سيّدي

مرَّةً كلَّ عام.

– أيّها الميّتُ الحيُّ مثلَ الشهيدْ

البراري هنا أجفلتْ من هديرِ الحديدْ

لأنَّكَ طُوّقتَ بالرعبِ والشاحنات.

كنتُ شاهدتُهُ من أعالي الطفولةِ فوقَ السفوحْ

ذَهَباً لامعاً فوقَ سيفٍ جريحْ

كنت شاهدتهُ علقماً، طَعْمُهُ مثل غَلْوَةِ شيحْ

المراكبُ تائهةٌ،

خشبٌ سابحٌ… والمساميرُ تمسكُ كمْشاتِ ريحْ

وأنا أرقبُ الوعلَ والأيل،

ﻓﻲ فَجَواتِ براري المسيحْ

أتابعُ راعيةً: قرطُها من عقيقِ الحجازِ

خلاخيلُها من نحاسِ الغَجَرْ

أساورُ كفيكِ مَلْويّةٌ كالأفاعي،

أناشيدُها، شبه مذبوحةٍ مثل بحرٍ ذبيحْ.

الشُوَيْهاتُ تمشي على التلِّ، هادئةَ البالِ، مثلَ حجر.

قال ﻟﻲ: لا تكن خائفاً من صراخِ الجنودْ

لا تكن عارياً راجفاً مثل عارْ

لا تكن مالحاً كجذورِ العَرارْ.

قال ﻟﻲ: جائعٌ وقويٌّ،

أناطحُ بردَ الليالي، وقيظَ النهارْ

أنا الميّتُ الحيُّ بالموتِ دثَّرتُ نفسي،

ولكنني أرفضُ الاندثارْ.

– لستُ كومةَ شوكٍ لتُحرقَ ﻓﻲ أيِّ وقتٍ،

هنا ﻓﻲ زوايا الصباحْ

لستُ مخطوطةً ﻓﻲ المخازنِ بلَّلها الماءُ،

تمحونني ﻓﻲ المطابعِ،

تذرونني ﻓﻲ الرياحْ

أنا الميّتُ الحيُّ مثل الشهيد.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا