الشاعرة والكاتبة الفلسطينية سماح خليفة: الكتابة هي الأكسجين البديل الذي أتنفسه عند انقطاع الأكسجين الطبيعي
ترى سماح خليفة بإن الحركة النقدية تتأثر بالعلاقات والأحكام المسبقة
حاورها: شاكر فريد حسن
س-هل لك أن تعرفي القراء على بطاقتك الشخصية؟
سماح صدقي محمد خليفة، مواليد طوباس عام 1978 لعائلة (فقهاء)، نشأت وترعرعت على أنغام الحجر ووقع الرصاص فكان للانتفاضة الأثر الكبير في كتاباتي. الوطن، المرأة، الحب والسلام، أهم القضايا التي شغلتني. متزوجة في عجة قضاء جنين لعائلة (خليفة)
التحصيل العلمي:
حاصلة على الشهادة الثانوية(التوجيهي) من مدرسة بنات طوباس الثانوية
بكالوريوس في الأدب العربي من جامعة النجاح الوطنية نابلس.
دبلوم تأهيل تربوي من جامعة القدس المفتوحة جنين.
إجازة في تجويد القرآن الكريم وترتيله من أوقاف نابلس.
دورات في أدب الأطفال والكتابة الإبداعية.
ملتحقة ببرنامج الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية نابلس.
عضو في اتحاد الكتاب والشعراء الفلسطينيين.
العمل والخبرة:
مدرسة لغة عربية في مديرية التربية والتعليم قباطية( 2002-2017) توجت بكتاب شكر وتكريم من قبل الوزير الدكتور صبري صيدم.
رئيس قسم الآداب في مكتب وزارة الثقافة جنين(2017-2018)
محفظة للقرآن الكريم وتجويده في مساجد طوباس(1995)
تجربة قصيرة في تقديم البرامج في بداية انطلاقة قناة الأسير الفضائية قبل أن تهاجم من قبل قوات الاحتلال.
مدربة في الكتابة الإبداعية للفئة المتوسطة في مركز تعليمي في نابلس (2010)
مجال الكتابة:
أكتب في الشعر والنثر والخاطرة والومضة والقصة القصيرة والرواية ولي مقالات وقراءات متعددة.
مجال النشر:
نشرت كتاباتي في الصحف والمواقع الالكترونية والورقية
الورقية مثل: مجلة بلسم ومجلة الزيزفونة، صحيفة الحدث والقدس والأيام والدستور الأردنية والمراقب العراقي…. الخ
الالكترونية في جميع الدول العربية: صحيفة الفكر، صحيفة الحياة، دنيا الوطن، وكالة الأنباء الدولية، ديوان العرب، وكالة معا، أنتلجنسيا، دروب الأدب، الحرية، الحوار، الغربة، البيت الثقافي في الهند……الخ
إصداراتي:
دليل في التعلم النشط للمرحلة الوسطى. عام 2015
ديوان (أبجديات أنثى حائرة) 2017
خلال شهور ستصدر روايتي ورقيا (نطفة سوداء في رحم أبيض)
وإصدار آخر إلكترونيا بعنوان (همسات دافئة)
شاركت في إعداد منهاج لغتنا الجميلة للصف الخامس 2017
قدم العديد من النقاد قراءات نقدية في ديواني (أبجديات أنثى حائرة) نشرت في مختلف الصحف الورقية والالكترونية
س-حدثينا عن بداياتك الشعرية وهل تأثرت بأحد من الكتاب؟
بدأت الكتابة في سن مبكرة في عمر التاسعة بالخربشة على الحيطان أيام الانتفاضة كوسيلة لرفض الظلم والعنف الذي كان يمارس ضد أبناء شعبي، ثم تدرجت كتابتي على الورق والتي لم تكن موفقة على غير عادة الشعراء لسببين: بدأت كتاباتي بنصوص عاطفية تعبر عن المرأة وحقها في الحب بكافة أشكاله كنوع من تعويضها عن الظلم والقسوة التي كان يمارسها الاحتلال من جانب والمجتمع المحافظ المنقاد للعادات والتقاليد من جانب آخر فلم يتفهم المجتمع المحيط قيمة الحب عند المرأة.
السبب الآخر كنت أنشر كتاباتي تحت اسم مستعار (أسيرة الأحزان) حتى مللت من هذا اللقب الذي يرمز إلى الضعف والاستسلام فتوقفت عن النشر. ولذلك ظلت كتاباتي حبيسة الأدراج وقررت ألا أنشر وألا يطلع عليها أحد حتى عام 2014 بدخولي عالم وسائل الاتصال والتواصل وتنبه أحد الكتاب إلى قيمة ما أكتب فشجعني على النشر ومتابعة موهبتي. ومن هنا انطلقت أكتب تحت اسمي الحقيقي.
أبو القاسم الشابي حفر في ذاكرتي قصيدته (إرادة الحياة) فظلت مقولته (أما آن لليل ان ينجلي) نصب عيني حتى الآن، ولكن حقيقة لم أتأثر بأي أحد بقدر تأثري بالحياة التي علمتني الكثير من الدروس ودفعتني إلى معترك الحياة بصلابة وثقة. فكانت كتاباتي منبرا لنقل هموم الوطن والأرض والقضية الفلسطينية والمرأة التي صورت كل ذلك من خلال عينها الثاقبة باعتبارها العنصر الأساسي في إنجاب وصناعة قادة المستقبل.
س-ماذا يعني الشعر بالنسبة لك، وهل ثمة أوقات معينة تطل فيها عرائس الشعر؟
الكتابة بشكل عام بالنسبة لي هي الأكسجين البديل الذي أتنفسه عند انقطاع الأكسجين الطبيعي -الذي جعله الله حق للبشرية-عني كامرأة فلسطينية تعيش تحت نير وظلم الاحتلال من جهة وفي مجتمع ذكوري شرقي من جهة أخرى.
تتلبسني الملكة الشعرية في منتصف الليل عندما تخلد عائلتي إلى النوم ويسيطر الهدوء التام، عندها تمطر سماء الشعر علي بغزارة لتغسل ما تراكم من هموم فرضت علي قسرا فتنقلني إلى عالم خاص طافح بالحب والحرية والقوة والرضا والسكينة.
س- ما هي الموضوعات التي تناولتها سماح في نصوصها الإبداعية وفي مجمعها الشعري؟ :
تحدثت عن الوطن والأرض والاحتلال والمرأة الفلسطينية بكافة حالاتها: المحبوبة، العاشقة، أم وزوجة الشهيد، أم وزوجة الأسير، الأسير داخل السجن وكذلك نظرة الفلسطيني في الخارج للأسير في الأسر، وأيضا الرجل العاشق، الرجل الذي تحلم به المرأة بطبيعتها، الرجل الشرقي…الخ
س-كيف ترين قصيدتك عند كتابتها؟ بعد كتابتها؟ بعد مرور فترة عليها؟
في الحقيقة كل نص أكتبه يتمخض عن حالة ألم أو فرح أو حاجة ربما لتجربة قد أكون مررت بها أنا او حالات كنت شاهدا عليها فدفعني حسي الإنساني لأكتب عنها، وكذلك قد أكتب نصا فقط لرغبتي في الكتابة وتفريغ طاقاتي الكامنة.
بعد كتابتها أحبها جدا أشعر وكأنها طفلي الذي أنجبته بعد مخاض عسير نتيجة ظرف مؤلم تعرضت له أو أي فلسطيني أو فلسطينية أو لمجرد حبي للقلم والكلمة التي قد تحمل القارئ إلى عالم مطواع يحقق فيه القارئ ما عجز عن تحقيقه ومعايشته على أرض الواقع.
وبعد مرور وقت عليها إذا أعدت قراءتها أبدأ برعايتها بتهذيبها وإضافة أو حذف أو تنميقها لأزيد من جماليتها تماما كطفلي الذي أهتم بأن ينمو في بيئة سليمة وأن أزيد من جماله ورونقه وحالته الصحية.
س-هل ندمت على كتابة قصيدة ما، وما السبب؟
في الحقيقة لم أندم يوما على ما كتبت وإنما ندمت على ما لم أكتب أو ما اضطرتني الظروف إلى حذفه من نصوصي أو إلى تغيير فيها، فنحن لا نستطيع أن ننكر أننا نعيش في مجتمع مقيد داخليا وخارجيا، مجتمع مقيد بالعادات والتقاليد من جهة وبقيود الاحتلال من جهة أخرى وبالسلطة الداخلية الموجهة من جهة ثالثة.
س-ما رأيك في الحركة الثقافية الفلسطينية في المناطق المحتلة عام 1967 وهل هناك فرق بين الابداع الذي كتب يعد الاحتلال وبعد أوسلوا؟
واجهت الحركة الأدبية والثقافية الفلسطينية أوضاعا قاسية وممارسات قمعية فرضها الاحتلال الصهيوني مما أثر على الإبداع الوطني وكتم الصوت الفلسطيني الشعبي النابض بسبب الرقابة العسكرية الخانقة مما أدى إلى تأخر صدور الصحافة الأدبية والثقافية والمجلات الفكرية حتى منتصف السبعينات والتي شهدت نهضة ثقافية أدبية ملحوظة فأزهرت الصحف والدوريات الأسبوعية والمجلات الشهرية والدورية المختلفة إضاقة إلى تأسيس دور نشر وطنية بسيطة على مستوى الفرد والإمكانيات.
وبالتالي نجد ظاهرة الشعر المقاوم قد اندلعت في الأراضي المحتلة بعد نكسة 1967 برموزها توفيق زياد وسميح القاسم ومحمود درويش الذين نقلوا تفاصيل القضية الفلسطينية وتجلياتها ولذلك نجد الروح الشعرية التي تفجرت في فلسطين المحتلة استلهمت قاموسها من مفردات الحياة وتفاصيل الأرض التي تحلت بروح الصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي مدعمة بإرادة التشبث بالوطن والتي واجهت القصيدة العربية الموطوءة بروح الانكسار بقعل الهزيمة والتي تجسدت بخطاب هجائي للذات والعالم.
بعد أوسلو بدأ الأدب الفلسطيني ينتصر للبطل العادي وربما المأزوم والمهزوم والمتردد والخائف بعيدا عن البطل الأسطوري والسوبرمان فنجد شعر محمود درويش نفسه مثلا اختلف بعد أوسلوا وهذا واضح في (لماذا تركت الحصان وحيدا) و(سرير الغريبة) و(لا تعتذر عما فعلت)، فانغمست القصيدة بعد اوسلوا في الابهام والغموض.
س-أنت بصدد إصدار رواية فهل تحدثيننا عنها قليلا؟
روايتي تمتد أحداثها من نكسة عام 1967 رجوعا إلى نكبة 1948ثم تمتد إلى بداية عهد دونالد ترامب واستلامه الحكم دون الغوص في حيثيات حكمه والتغييرات التي لحقت به.
ولكن حرصت في روايتي ألا تكون جافة تاريخية بل كانت في إطار قصة غرامية يتصارع فيها الحب مع الحرب لنحكم في النهاية إن كان الحب بإمكانه ان ينتصر على الحرب ومدى صلابة الأنثى الفلسطينية المرهفة الرقيقة إن لزم الأمر.
يعني الهدف من روايتي أن تنقل معاناة الشعب الفلسطيني من جهة وتمسكه بالحياة والحب من جهة أخرى فإن قرأها جميع الأجيال سيشعر بالمتعة والفائدة في نفس الوقت. فأظنها ستروق الشاب والكهل على حد سواء.
س- هل تعتبرين نفسك ذات خصوصية في كتاباتك الإبداعية؟ وكيف ترين القصيدة النسوية في ضوء تجربتك الشعرية؟
نعم في الحقيقة أعتبر أن لدي خصوصية في كتاباتي تتبع خصوصية تجربتي الحياتية التي ربما ستقودني في يوم ما إلى كتابة سيرتي الذاتية إن استطعت أن أتمتع بالحرية التي أصبو إليها.
القصيدة النسوية لا تختلف عن غيرها برأيي إلا ربما من ناحية الجرأة فقط فربما كانت أقل جرأة في الطرح بسبب طبيعة المجتمع الشرقي الذكوري الذس تعيشه المرأة الفلسطينية.
س- كيف ترين حركة النقد الفلسطيني في المرحلة الراهنة؟ ومن يعجبك من النقاد؟ وهل أنصفك النقاد؟
حقيقة لم أستحسن الحركة النقدية السائدة في الوضع الراهن فهي تتأثر بالعلاقات والاحكام المسبقة فلا تحكم على العمل الأدبي بصورة مجردة لتفيه حقه، وأجد الدكتور عمر عتيق عميق في نقده إلى حد ما وهو كتب عن ديواني إضافة إلى غيره من النقاد ولكن حتى الآن لا اعتقد أن النقد قد أنصفني، ولم يتجلى ديواني بين أيدي النقاد حتى الآن.
س- ما هي طموحاتك ومشاريعك المستقبلية؟
كل طموحاتي تتجسد في الحرية ليس الحرية من المحتل الغاصب فقط بل الانعتاق من ذواتنا المكبلة ومن قيود المجتمع التي لازالت تحاصرنا وتحد من إبداعاتنا.
مشاريعي المستقبلية حقيقة واسعة تتراوح بين الكتابة على الورق بإصدارات سترى النور قريبا وبين العمل على أرض الواقع وكلها تهدف إلى نقل معاناة الشعب الفلسطيني على الصعيد الداخلي والوطني والعالمي، وترميم الإنسان على الصعيد الفردي والجمعي.