نشر الأستاذ إسماعيل علالي مقالا عنوانه:
"الاختيار الثالث: ردا على أنصار التيفناغ والحرف اللاتيني" يدعو فيه إلى
كتابة اللغة الأمازيغية بالحرف العربي بدل الحرف اللاتيني أو حرف ثيفيناغ.
أما الذين يعرفون مصلحة الأمازيغية ويضعون الأمازيغية
فوق كل الأديان والأيديولوجيات وفوق كل الحسابات السياسية والريعية والمناصبية فإنهم
يعلمون ويتفقون على أن الحرف اللاتيني هو الأنفع والأصلح لكتابة اللغة الأمازيغية وتدريسها
وترسيمها في المغرب بأكبر فعالية وأقل تكلفة مالية وأقصر مدة زمنية.
محتوى اعلاني
فالحرف اللاتيني يكتب الأمازيغية بالدقة الأعلى
(راجع مثلا مقالي السابق: "يجب على اللغة الأمازيغية أن تغزو الحرف اللاتيني").
وكل الدراسات الأكاديمية عن اللغة الأمازيغية تستعمل الحرف اللاتيني. كما أن الحرف
اللاتيني يسهل على الشباب المغاربة من تلاميذ وطلبة ومثقفين اكتساب الأمازيغية بسرعة
ويسهل ترسيم الأمازيغية في الإدارات في وقت قصير.
كما أن تدريس وترسيم اللغة الأمازيغية بالحرف اللاتيني
سيكسر احتكار الفرنسية للحرف اللاتيني بالمغرب وسينهي هيمنة الفرنسية على المغرب، وبذلك
سيتحول المغرب إلى دولة عادية مثل تركيا أو إندونيسيا أو ماليزيا تكتب لغتها الأصلية
الوطنية الشعبية بالحرف اللاتيني العالمي.
1) لعبة "الإجماع الشعبي" والاستفتاءات:
لا يوجد إجماع شعبي
حين يثير الأستاذ إسماعيل علالي قضية "إجماع
المغاربة حول حرف تدريس الأمازيغية" فيجب عليه أن يعترف بأن المغاربة كشعب تعداده
35 مليونا لا يُجمِعون على أي حرف، لا اللاتيني ولا ثيفيناغ ولا العربي. لا يوجد إجماع
شعبي بالمغرب على أي حرف. ومن يزعم بوجود إجماع شعبي حول حرف معين بالمغرب فهو يكذب
كذبا صراحا أو هو جاهل. إذن لا داعي للعب ورقة الإجماع الشعبي في مسألة حرف الأمازيغية
لأن الإجماع الشعبي معدوم، والشعب منقسم على نفسه في قضية الأمازيغية والعربية والدارجة
وحتى في مسألة الفرنسية والإنجليزية. هذا فضلا عن كون نصف المغاربة أميين أصلا لا يقرأون
ولا يكتبون ولا يفهمون من شؤون الحروف واللغات قشرة بصلة.
أما الإجماع على مستوى جزء صغير من المغاربة المعنيين
بالأمازيغية وهم الأكاديميون ونشطاء الأمازيغية فهو موجود (على الأقل في لحظات تاريخية
محددة وموثقة ومعلومة للجميع)، وقد عبرت عن ذلك الإجماع الجمعيات الأمازيغية في يوم
السبت 5 أكتوبر 2002 في "بيان مكناس" الشهير الذي دعا إلى كتابة وتدريس اللغة
الأمازيغية بالحرف اللاتيني في مدارس المغرب.
وكذلك أجمع أعضاء اللجنة التقنية الأكاديمية التي
شكلتها وزارة التربية الوطنية المغربية في يوليوز 2002 في عهد الوزير عبد الله ساعف
على استخدام الحرف اللاتيني في تدريس اللغة الأمازيغية، وكان من بين أعضاء تلك اللجنة
التقنية الوزارية الدكتور أحمد بوكوس العميد الحالي للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية
(الإيركام).
ما هو الإجماع؟! الإجماع هو أن يتفق 100% من المصوتين
على اختيار واحد.
أما في تصويت الإيركام في يناير 2003 الذي أدى إلى
تبني حرف ثيفيناغ واستبعاد الحرف اللاتيني لأسباب أيديولوجية في جولتين للتصويت فلم
يكن هناك إجماع أبدا لأنه قد صوت لصالح الحرف اللاتيني 13 عضوا إيركاميا في الجولة
الأولى و8 أعضاء إيركاميين في الجولة الثانية. فالحرف اللاتيني يحتفظ بمؤيدين له من
داخل الإيركام رغم إقرار حرف ثيفيناغ. أما الحرف العربي فقد حصد 5 أصوات في الجولة
الأولى و0 في الجولة الثانية. والمصيبة الكبرى في كل ذلك هي أن جزءا من أعضاء الإيركام
غيروا قناعاتهم الحرفية بشكل فجائي ما بين الجولة الأولى والجولة الثانية وهذا دليل
على أن اللعبة كانت سياسية وأيديولوجية تدور حول حرمان الأمازيغية من الحرف اللاتيني
العالمي لاسترضاء الإسلاميين واتقاء غضبهم أو لاسترضاء المخزن بعيدا عن أي معيار علمي
أكاديمي نزيه متعلق باللغة الأمازيغية نفسها ومصلحتها.
أما من يريد استفتاء الشعب (الذي نصفه أمي لا يقرأ)
حول حرف كتابة الأمازيغية فعليه أن يقبل أيضا باستفتاء شعبي حول حرف كتابة اللغة الدارجة.
وعليه أن يقبل أيضا باستفتاء شعبي حول "هل سنجعل الدارجة لغة رسمية في المغرب
بجانب الأمازيغية والعربية الفصحى؟". وعليه أن يقبل أيضا باستفتاء شعبي حول
"هل يجب التخلص من الفرنسية وتعميم الإنجليزية بالمغرب؟".
2) المازيغية بدل الأمازيغية وكلمة "المازْغي"
في التاريخ المغربي:
وإحدى طرائف مقال الأستاذ إسماعيل علالي هي أنه
يقترح مصطلح "المازيغية" بدل مصطلح "الأمازيغية" الشائع. وقد تم
استخدام مصطلح "المازيغية" منذ سنوات من طرف بعض الكتاب المغاربة والجزائريين
مثل الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري.
وبصرف النظر عن نوايا مستخدميها، فالحقيقة هي أن
كلمة "المازيغية" في حد ذاتها كلمة موفقة تماما بل إنها أكثر منطقية (لسانيا
ولغويا) من كلمة "الأمازيغية" فضلا عن كون "المازيغية" أقصر وأخف
على اللسان.
فالمعروف هو أن كلمة Tamaziɣt
تتكون من أداة التعريف المؤنثة المفردة ta والكلمة المؤنثة نفسها maziɣt. وكلمة Amaziɣ تتكون من أداة التعريف المذكرة المفردة a والكلمة المذكرة maziɣ. وهذا كله يعني أن مادة الكلمة أو جوهرها هو maziɣ. لذلك فصياغة الاسم العربي لهذه اللغة يقتضي أخذ مادة الكلمة أو جوهرها
الذي هو maziɣ دون أداة التعريف وبقية الإضافات النحوية الأمازيغية. ثم في سياق العربية
نضيف أدوات التعريف العربية وأدوات النسبة والتأنيث والتذكير والتصريف والإعراب وغيرها
فتكون النتيجة المنطقية هي: المازيغية. فنقول مثلا:
المازيغي = Amaziɣ
المازيغيون = Imaziɣen
المازيغية =
Tamaziɣt
المازيغيات =
Timaziɣin
اللغة المازيغية =
Tutlayt Tamaziɣt
الشعب المازيغي = Aɣref
Amaziɣ
العالَم المازيغي = Amaḍal
Amaziɣ
الحضارة المازيغية = Taɣaṛma
Tamaziɣt
التاريخ المازيغي =
Amezruy Amaziɣ
بل إنه حتى في السياقات اللغوية الأوروبية يمكن
فعل نفس الشيء فيصبح لدينا في الإنجليزية
Mazighian أو
Mazighish ويصبح لدينا في الفرنسية Le Mazighien وLa Mazighienne ويصبح لدينا في الألمانية والهولندية
Mazighisch ويصبح لدينا في الإيطالية والإسبانية Mazigho وMazigha.
ويمكن أن نترجم كلمة Tamazɣa
إلى العربية بـ "مازيغيا" وإلى الإنجليزية
بـ Mazighia أو Mazighy
أو Mazighland وإلى الفرنسية بـ La Mazighie. ومن المعلوم أنه توجد في اللغات الأوروبية كلمات قديمة لبلاد الأمازيغ
وهي Berbery أو Barbary بالإنجليزية، La Berbérie بالفرنسية، Berbería بالإسبانية، Barberia بالإيطالية، Berberei بالألمانية، Barbarije بالهولندية، Berbéria بالبرتغالية.
أما الذي لا يعرفه كثير من المغاربة فهو أن المغاربة
القدامى منذ عدة قرون قد استخدموا فعلا كلمة "لمازْغي"
Elmazɣi للإشارة إلى المخطوطات الأمازيغية أو الأمازيغية
عموما. وقد وردت كلمة "المازغي" (بتسكين الزاي) في عدة مخطوطات أمازيغية
مغربية قديمة.
كما أنه يوجد حاليا مغاربة يحملون اسم "المازغي"
كاسم عائلي ويكتب هكذا Elmazghi أو هكذا El Mazghi. وهناك مغاربة يحملون الاسم العائلي "مازغي" ويكتبونه Mazghi.
وهذا يعني أن الكلمة الدارجية المغربية الأصح للإشارة
إلى اللغة الأمازيغية هي "المازْغية" أو "لمازغيا" لأن لها أصلا
تاريخيا مدونا في المخطوطات وموجودا إلى حد الآن في أسماء الأشخاص.
قراء اللغة العربية تعودوا على مصطلح "الأمازيغية".
ولكن لا بأس من ترويج مصطلح "المازيغية" أو "المازْغية".
3) المازيغية ليست تابعة للإسلام يا أستاذ
إسماعيل علالي:
قال الأستاذ إسماعيل علالي في مقاله كلاما غريبا
عجيبا وهو: "الثقافة المازيغية هي بالفعل -المنطقي- ثقافة إسلامية، بدليل أن العقل
المازيغي إنما هو عقل مسلم يستقي مفاهيمه وتصوراته عن الكون والوجود و..و.. من منظومة
قيم الدين الإسلامي."
ولا يمكن أن أصف هذا الكلام إلا بالتخريف التام.
ولا أعرف صراحة ما إذا كان الأستاذ إسماعيل علالي يؤمن فعلا بهذا الكلام الخرافي أم
أنه مجرد مبالغة إنشائية وكلامية من طرفه. فالأستاذ إسماعيل يزعم ويتوهم (حسب ذلك الكلام)
أن الإنسان الأمازيغي لا يمكن إلا أن يكون مسلما وكأن الإسلام جين gene بيولوجي يشكل جزءا من الحمض النووي DNA للإنسان الأمازيغي المغربي!!!
أو كأن كل من تعلم اللغة الأمازيغية لا بد له أن
يعتنق الإسلام!!!
أو كأن الإنسان الأمازيغي لا يملك القدرة أو الحق
في اختيار دين آخر أو عقيدة أخرى غير الإسلام!!!
بل إن كلام الأستاذ يلمح إلى أن الأمازيغ لم تكن
لهم حضارة ولا وجود قبل الإسلام وأنهم لم يعرفوا مفاهيم الآلهة والكون والوجود إلا
بالإسلام.
ما هذا الكلام التخريفي الغريب العجيب يا أستاذ
إسماعيل علالي؟!
ألم تعلم أن الأمازيغ كبقية شعوب الأرض متعددو الأديان
والمذاهب والعقائد قديما وحديثا وحاليا؟!
ألم يكن الأمازيغ قديما يعتنقون أديانا أحادية الإله
وأديانا أخرى متعددة الآلهة؟!
ألم تعلم أن الديانة الأمازيغية البورغواطية كانت
ديانة أمازيغية توحيدية بإله واحد اسمه Yakuc [ياكوش] (مثل God في الإنجليزية مثلا) وأن الديانة البورغواطية مشتقة من الإسلام والمسيحية
واليهودية ومخلوطة ببعض العقائد الأمازيغية وأن هذه الديانة الأمازيغية البورغواطية
التوحيدية السماوية استمرت لأزيد من 300 عام في منطقة Tamesna
ودكالة Adukal وأنفا Anfa وأسفي Asfi؟!
ألم يكن الأمازيغ يهوديين ومسيحيين قديما قبل ظهور
الإسلام وقبل ظهور الديانة البورغواطية التوحيدية السماوية؟!
ألا تعلم يا أستاذ إسماعيل علالي أن هناك اليوم
في المغرب عشرات الآلاف أو مئات الآلاف أو ربما الملايين من المغاربة المسيحيين والشيعيين
والبهائيين والملحدين واللادينيين ومن عقائد ومذاهب أخرى ومنهم مغاربة ناطقون بالأمازيغية
ومغاربة ناطقون بالدارجة؟!
ما محل الأمازيغ/المغاربة المسيحيين والشيعة والملحدين
واللادينيين من الإعراب؟ هل هم أمازيغ/مغاربة أم أنك أخرجتهم من ملة (=جماعة) الأمازيغ/المغاربة؟!
هل عقلهم الأمازيغي/المغربي "عقل مسلم"
أم أنه "عقل مسيحي" أم أنه "عقل شيعي" أم أنه "عقل ملحد"؟!
4) نزوع التعريبيين والإسلاميين إلى الحِجر
على الأمازيغ وصندقتهم في صندوق العروبة والإسلام:
التعريبيون والإسلاميون يسعون جاهدين إلى صندقة
الأمازيغ في صندوق العروبة وصندوق الإسلام لكي يبقى الأمازيغ تابعين للعروبة والإسلام
إلى الأبد.
فالتعريبيون يريدون صندقة الأمازيغ في صندوق العروبة
لكي يبقى الأمازيغ خداما أوفياء لقضايا العرب في آسيا ولكي يكون الأمازيغ وقودا لحروب
ونزاعات العرب مع الفرس واليهود والأمريكان والروس ولكي يكون الأمازيغ بيادق وظيفتها
تحسين الموقع التفاوضي للعرب مع خصومهم وأعدائهم كإسرائيل وإيران، ولكي يكون الأمازيغ
خزانا تظاهريا في مدن أوروبا لصالح قضايا العرب.
أما الإسلاميون فيريدون أن يبقى الأمازيغ تابعين
للإسلام ولرجال الدين الإسلامي الذين يمتهنون مهنة الإمامة ويريدون الركوب عليها لبلوغ
السياسة والحكم وإقامة الدولة الإسلامية.
وضمن استراتيجية الصندقة تلك يأتي موضوع حرف كتابة
الأمازيغية. فالتعريبيون والإسلاميون يشعرون بأن الأمازيغية ستفلت من سيطرتهم إذا كتبت
بالحرف اللاتيني العالمي الذي سيضمن لها الانتشار الواسع والتطور العظيم بشكل مستقل
عن العربية والعروبة والإسلام. وينظرون برعب إلى النموذج التركي الناجح في كتابة اللغة
التركية بالحرف اللاتيني ويخافون أن يتكرر بالمغرب والعالم الأمازيغي. وهناك عدة نماذج
أخرى ناجحة للغات مكتوبة بالحرف اللاتيني مثل الإندونيسية والماليزية والأزربيجانية
والفيتنامية والتركمانية والسواحيلية (لغة كينيا وتانزانيا) والرواندية. وقد قررت حكومة
كازاخستان في عام 2017 الانتقال رسميا إلى كتابة اللغة الكازاخية بالحرف اللاتيني وتطبيق
ذلك تدريجيا. راجع هذا الخبر حول كازاخستان:
https://www.hespress.com/international/369415.html
التاريخ لا يتوقف ولا يتكرر. فالأمازيغ كانوا مسيحيين
يوما وكانوا برغواطيي الديانة يوما وكانوا شيعيين يوما وكانوا خوارج يوما ولا يوجد
مبرر للاعتقاد بأن الأمازيغ سيتوقفون عن تغيير وتعديل أديانهم وعقائدهم وثقافاتهم.
فكل شعوب العالم تغير أديانها وعقائدها وثقافاتها قليلا أو كثيرا والأمازيغ ليسوا استثناء.
بل إن الشعوب الأمازيغية اليوم متعددة الأديان والمذاهب والعقائد في هذه اللحظة بالذات
ولا يستطيع أحد إنكار ذلك.
الذي يجب عليك أن تفهمه يا أستاذ إسماعيل علالي
هو أن الإسلام ليس هوية بل هو مجرد ثقافة (عقائد وعبادات وعادات) ويمكن للإنسان أن
يعتنقه أو يرفضه أو يستبدله بغيره متى شاء.
وكل دين من الأديان هو مجرد ثقافة، ويمكن لأي شخص
أن يختاره أو يغيره ويرتد عنه ويعتنق غيره.
من المهم جدا أن نميز بين الثقافة والهوية.
فالثقافة هي مجرد أفكار وسلوكات قابلة للتعديل والتغيير
وللاختيار والإعراض والاعتناق والنبذ والقبول والرفض والاستيراد والتصدير من طرف الإنسان
في أي وقت وبسهولة. وتحت خانة الثقافة نجد: العادات، التقاليد، العقائد، الأديان، المذاهب،
الأيديولوجيات، الفلسفات، طريقة الطبخ، اللباس، نمط العيش، المعمار، حروف اللغة، الفنون
كالرسم والسينما والموسيقى، المهنة، الهواية، الدراسة...إلخ.
أما الهوية فهي صفات وخصائص لا يختارها الإنسان
وإنما هي كينونته الثابتة التي لا يستطيع تغييرها ولا إزالتها ولو حاول. ولا يستطيع
الإنسان الهرب من هويته إلا بتدمير نفسه بالانتحار أو التشويه أو البتر أو المحو وبقية
أشكال التخريب المتعمد (والتعريب شكل من أشكال التخريب) الذي ينتج كائنا ميتا أو مشوها
أو ينتج مجتمعا ميتا أو مشوها. وتحت خانة الهوية نجد: جسم الإنسان، جيناته، نسبه العائلي،
قبيلته، شعبه، قوميته، مدينته الأصلية، وطنه الأصلي، تاريخه الشخصي، تاريخ شعبه، مكان
ولادته، ذاكرته الشخصية، ذاكرة شعبه الجماعية...إلخ.
5) لو كان المغرب مسيحيا لكنت يا أستاذ علالي
تروج للحرف الإغريقي لكتابة الأمازيغية:
اللغة الإغريقية (اليونانية) هي اللغة الأصلية للإنجيل
المسيحي (كتاب "العهد الجديد" المسيحي).
لو تغيرت بعض الأحداث التاريخية وكان المغرب الآن
مسيحيا في غالبيته العظمى فمن المحتمل مثلا أنه سيأتي أنصار "المسيحية السياسية"
(على وزن "الإسلام السياسي") وأنصار "الأغرقة" (على وزن
"التعريب") وسيحاولون فرض الحرف الإغريقي / اليوناني على اللغة الأمازيغية.
وبما أنك يا أستاذ إسماعيل علالي مسيحي مناصر للمسيحية
(في تلك الحالة الافتراضية) فأنت ولا شك كنت ستكتب مقالا باللغة الإغريقية بخصوص حرف
كتابة وتدريس وترسيم اللغة الأمازيغية بالمغرب (المسيحي) تقول فيه ما يلي:
"الثقافة المازيغية هي بالفعل -المنطقي-
ثقافة مسيحية، بدليل أن العقل المازيغي إنما هو عقل مسيحي يستقي مفاهيمه وتصوراته عن
الكون والوجود و... و... من منظومة قيم الدين المسيحي. من هنا تكون كتابة المازيغية
بالحرف الإغريقي دليلا على انتماء أبناء مازيغ خاصة، والمسيحيين عامة -على اختلاف لغاتهم-
إلى المسيحية والإنجيل الكريم أولا وأخيرا، عكس التيفيناغ (الوثني) أو الحرف اللاتيني
(الوثني)، الذي من شأنه إضعاف انتماء أبناء مازيغ إلى الأمة المسيحية. إن أمام اللغة
المازيغية تراثا مسيحيا ضخما (نحو 20 قرنا) في مختلف الفنون والعلوم لا بد من ترجمته
إلى المازيغية حتى يتمكن المازيغي المسيحي -كمرحلة أولى- من الإحاطة بدور أجداده المازيغيين
المسيحيين في خدمة الحضارة، التي ينتمي إليها بقوة المنطق لا الهوى (الحضارة المسيحية)
بلسان لغته الأم قبل إتقانه لسان لغة الإنجيل - الذي هو واجب شرعي-، وهذا يتطلب اختيار
الحرف الإغريقي سيرا على خطى العلماء المازيغيين الأجلاء -القدماء والمحدثين- الذين
كانوا يعتمدون الحرف الإنجيلي."
6) خلاصة:
إذن سواء تعلق الأمر بالإسلام أو بالمسيحية أو بأي
دين آخر فإقحامه في شؤون اللغة الأمازيغية من تدريس وترسيم وحرف كتابة هو حجة ضعيفة
وفاسدة أولا، وهو دليل على محاولة الركوب على الأمازيغية لخدمة ذلك الدين ثانيا.
اللغة الأمازيغية ليست تابعة للإسلام ولا للمسيحية
ولا لأي دين آخر. وهناك أمازيغ مسلمون وأمازيغ مسيحيون وأمازيغ من أديان وعقائد أخرى.
واللغة الأمازيغية تستطيع التعبير عن كل الأديان
والعقائد بدليل أنه توجد الآن ترجمة أمازيغية كاملة للإنجيل وترجمة أمازيغية كاملة
للتوراة وترجمة أمازيغية كاملة للقرآن. ويمكن الحصول على كل تلك الترجمات الأمازيغية
من الإنترنيت بسهولة وبالمجان.
من يريد أن يدافع عن اللغة الأمازيغية فليدافع عنها
لذاتها ولمصلحة الأمازيغ ولمصلحة المغرب وثامازغا بعيدا عن حسابات الأديان وتكتيكات
المذاهب واستراتيجيات العقائد، وليترك الأديان والمذاهب والعقائد للناس يختارون منها
ما يعجبهم ويروجون منها ما يعجبهم بأية لغة تعجبهم، وليس أن يستخدم الأمازيغية مطية
لتنفيذ أجندة الإسلام السياسي أو لمحاولة تعريب المغاربة.
أما الحرف الأنفع لتدريس وترسيم الأمازيغية فهو
الحرف اللاتيني بالدلائل التقنية المعلومة لكل الأكاديميين والمهتمين بالموضوع.
عن هسبريس