في كتابه "الإنترنت وشعرية التناص في الرواية العربية" يقوم الباحث د. محمد هندي، في مراجعة نقدية لحال الكتابة الإبداعية بعد ظهور الإنترنت، ورؤية ما طرأ عليها من تحولات تنتمي للعصر التكنولوجي.
وسعى الكاتب من خلال دراسته للإجابة عن مجموعة من الأسئلة: لماذا لجأت الرواية المعاصرة في مرحلة الإنترنت إلى توظيف هذا المستوى النصي في نسيجها السردي؟ هل يمكن الاستغناء عن النصوص المستدعاة في التجارب المصورة، أم أنها تعد بنية أساسية في نسيج الحبكة السردية، لا يمكن الاستغناء عنها؟ ما علاقة التناص بالأنا الساردة؟ ما علاقة التناص بالبنية الإيقاعية واللغوية في النص الأصلي؟ هل اختلفت البنية التناصية في رواية الإنترنت، عما كانت عليه في رواية مرحلة ما قبل الإنترنت، من حيث الماهية، وآليات التقديم.
ويرى المؤلف أن الكتاب حاولوا الإفادة من الإنترنت في إنتاج نص سردي تجريبي غير مألوف، يتناسب مع معطيات العصر وتحولاته، وهذا ما ظهر في الرواية العربية المكتوبة عبر الوسيط الورقي، والتي حاولت تقديم مقاربتها السردية وقراءتها الخاصة لهذا العالم الافتراضي في اتصال الإنسان به في صورة نص جديد، مؤكدة على أن الرواية الورقية قادرة على التعبير عن معطيات العصر، وهي بذلك ترد على من قال بحتمية اختفاء النص الورقي مع ظهور التكنولوجيا الرقمية، أي أن عصرها لم ينته بعد ، لأن من شأنها العمل على حفظ الظاهرة الإنترنتية وتأريخها، خاصة أنه مع التطور السريع لتكنولوجيا الاتصالات قد يضيع جزء كبير من المحتوى الذي سيصبح مع مرور الزمن اتجاهًا تقليديًا، وهذا يعني أن المعركة بين الكتابة والوسائط الإلكترونية ينبغي أن تتوقف فيعيش الاثنان معًا، ونستعين على التأريخ للتجربة الإنسانية الموجودة تفاعليا على الإنترنت بالكتاب، فينهض باحتواء الذاكرة الجمعية لنتاج الأمة التي قصرت الوسائط التقنية في الاحتفاظ بهذا إلى الأبد.
ويعتبر الباحث أن الأمر نفسه في الرواية الرقمية التفاعلية "المصممة عبر الوسيط الرقمي بوصفها نمطا سرديًا يندرج ضمن مظلة الأدب الرقمي التفاعلي، فكما عبرت آداب عدة من قبل عن طبقات وفئات اجتماعية وترجمت مطامحها، يعبر الأدب التفاعلي كجنس أدبي جديد عن آلام الإنسان السيبورج (الإنسان المهجن بالآلة) ويجسد ما يقيمه هذا الكائن الجديد من علاقات أثيرية مع أفراد مجتمعه، فالنسق الشبكي الرابط بين الأفراد والمجتمعات في الفضاء الافتراضي يمثل معلمًا لفهم النظام المعرفي الثاوي خلف مصطلح النص المترابط".
وتهدف الدراسة أيضا إلى بيان ما أضافه الإنترنت إلى هذه «التناصية» في الرواية العربية، خاصة وأن البنية التناصية كانت موجودة في الرواية التجريبية في مرحلة ما قبل الإنترنت. بالإضافة إلى الكشف عن جماليات التناص الموضوعية والشكلية في التجارب المقدمة؛ خصوصًا وأنه أصبح محورًا أساسيًا في تشكيل الفعل القصصي بأبعاده الواقعية والدرامية، وأن توظيفه لم يكن لمجرد الاقتباس أو الزخرفة الشكلية، إنما يحمل دلالة موضوعية وفنية تختلف باختلاف الرؤى التأليفية.
وتناول الكتاب مجموعة من التجارب السردية العربية المعاصرة التي حاولت محاكاة الإنترنت في بنيتها الداخلية على المستوى الموضوعي والشكلي منها: رواية «بنات الرياض (2007)، للكاتبة السعودية رجاء الصانع، ورواية حرية دوت كوم (2008)، للكاتب المصري، أشرف نصر، ورواية في كل أسبوع يوم جمعة (2010)، للكاتب المصري إبراهيم عبدالمجيد، ورواية إيميلات تالي الليل (2011) للكاتب المصري إبراهيم جاد الله، والكاتبة العراقية كلشان البياني، ورواية غواية الماء (2011)، للكاتبة السورية ابتسام التريسي، ورواية عشيقة آدم (2011) للكاتب التونسي المنصف الوهايبي، ورواية على الجدار (2012) للكاتبة المغربية حليمة زين العابدين، ورواية: الأزرق والهدهد: عشق في الفايسبوك» (2012)، للكاتبة اللبنانية جاهدة وهبة، ورواية «الحتة الناقصة»: حكايات افتراضية» (2014) للكاتبة المصرية ناهد صلاح، ورواية «ابنة سوسلوف (2014) للكاتب اليمني حبيب عبدالرب سروري.
ومن الروايات الرقمية التي حرص على مقاربتها سرديا؛ رواية «شات (2005) للكاتب الأردني محمد سناجلة. يقول المؤلف: "تطمح الدراسة إلى قراءة هذه النماذج قراءة شعرية داخلية ترتكز على بيان جمالية النصوص المتحاورة وعلاقاتها التفاعلية المختلفة، فالشعرية في مفهومها الأكثر عمومية تعني دراسة الإجراءات الداخلية للأثر الأدبي، حيث يصعب اليوم تحليل نص ما دون التساؤل عن التقنيات التي يلتمسها والعناصر التي تشكله، فقد باتت هذه المقاربة الداخلية لازمة لكل دراسة خارجية، سواء باستلهام بيوغرافي أم تاريخي، لكونها تهدف إلى إعادة الأثر الأدبي إلى محيطه.”
وجاءت الدراسة في أربعة فصول وخاتمة. تناول الفصل الأول: التناص بين التقليد والتجديد، حيث قدمت الدراسة في هذا الفصل إطارًا نظريًا حول مفهوم التناص وماهيته وأشكاله، من خلال رصد الموقفين: الغربي والعربي، اللذين اتفقا في كثير من الجوانب الفنية خاصة على مستوى التفاعل والتلقي، ودرجة التوظيف، ثم علاقة التناص بالتحولات الاجتماعية والثقافية نتيجة ظهور الوسيط الرقمي المتمثل في الحاسوب وعالم الإنترنت.
أما الفصل الثاني، فحاول رصد صور التناص، وعلاقتها بالأنا الساردة حيث عرضت الدراسة في هذا الفصل الأنماط التناصية التي تم توظيفها في نسيج الروايات التي عمدت إلى محاكاة عالم الإنترنت في اتصال الإنسان به، والتي تنوعت بتنوع التجارب والرؤى التأليفية المختلفة، فهناك التناص الشعري، والتاريخي، والغنائي، والشعبي، والديني، والسينمائي.. إلخ، وأن هذه الأنماط لم تأت لمجرد الزينة أو الاستلهام الشكلي، بل أنها شكلت محورًا أساسيًا في الفعل القصصي على مستوى الموضوع والشكل الفني.
وقد تناول الفصل الثالث آليات تقديم التناص في رواية الإنترنت حيث تكفل هذا الفصل بتبين الآليات أو الأساليب التي اعتمد عليها المؤلفون في تقديم البنية التناصية، والتي تمثلت في: تناص العنوان الداخلي، والتقديم التقليدي (السرد الخطي) في قالب تجديدي، ثم التقديم الحواري التفاعلي من خلال غرف الشات/ المحادثات، وأخيرا التناص الرقمي الذي كان له حضور قوي على مستوى البنية السردية، والذي أدى إلى إيجاد التعالق والانسجام بين الوسيط الورقي والوسيط الرقمي.
وفي الفصل الرابع: عرضت الدراسة وظائف التناص في رواية الإنترنت، ورصد العلاقة التي نشأت بين النصوص المتحاورة (الرئيسة والفرعية)، وأن هذه العلاقة أو الدلالة الوظيفية، هي التي تعطي التناص شرعيته الفنية، وأن توظيفه لم يكن عفويًا أو أنه من باب الصنعة التجريبية، ومن هنا تعددت وظائف التناص في الروايات، كما في: الوظيفة الانفعالية النفسية، ووظيفة الحكي والإخبار السردي والوظيفية التوثيقية (المرجعية)، والوظيفة الإيقاعية والدرامية، والوظيفة التفاعلية على مستوى التأليف (علاقة المؤلف بالنص)، والإنتاج النصي (علاقة النصوص المتداخلة) والتلقي.
وفي نهاية المطاف كانت الخاتمة التي رصدت أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة من خلال محاورها موضوعيا وفنيا.
يذكر أن كتاب "الإنترنت وشعرية التناص في الرواية العربية" للدكتور محمد هندي، صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ويقع في نحو 200 صفحة من القطع الكبير. (وكالة الصحافة العربية),
middle-east-online.
وسعى الكاتب من خلال دراسته للإجابة عن مجموعة من الأسئلة: لماذا لجأت الرواية المعاصرة في مرحلة الإنترنت إلى توظيف هذا المستوى النصي في نسيجها السردي؟ هل يمكن الاستغناء عن النصوص المستدعاة في التجارب المصورة، أم أنها تعد بنية أساسية في نسيج الحبكة السردية، لا يمكن الاستغناء عنها؟ ما علاقة التناص بالأنا الساردة؟ ما علاقة التناص بالبنية الإيقاعية واللغوية في النص الأصلي؟ هل اختلفت البنية التناصية في رواية الإنترنت، عما كانت عليه في رواية مرحلة ما قبل الإنترنت، من حيث الماهية، وآليات التقديم.
ويرى المؤلف أن الكتاب حاولوا الإفادة من الإنترنت في إنتاج نص سردي تجريبي غير مألوف، يتناسب مع معطيات العصر وتحولاته، وهذا ما ظهر في الرواية العربية المكتوبة عبر الوسيط الورقي، والتي حاولت تقديم مقاربتها السردية وقراءتها الخاصة لهذا العالم الافتراضي في اتصال الإنسان به في صورة نص جديد، مؤكدة على أن الرواية الورقية قادرة على التعبير عن معطيات العصر، وهي بذلك ترد على من قال بحتمية اختفاء النص الورقي مع ظهور التكنولوجيا الرقمية، أي أن عصرها لم ينته بعد ، لأن من شأنها العمل على حفظ الظاهرة الإنترنتية وتأريخها، خاصة أنه مع التطور السريع لتكنولوجيا الاتصالات قد يضيع جزء كبير من المحتوى الذي سيصبح مع مرور الزمن اتجاهًا تقليديًا، وهذا يعني أن المعركة بين الكتابة والوسائط الإلكترونية ينبغي أن تتوقف فيعيش الاثنان معًا، ونستعين على التأريخ للتجربة الإنسانية الموجودة تفاعليا على الإنترنت بالكتاب، فينهض باحتواء الذاكرة الجمعية لنتاج الأمة التي قصرت الوسائط التقنية في الاحتفاظ بهذا إلى الأبد.
ويعتبر الباحث أن الأمر نفسه في الرواية الرقمية التفاعلية "المصممة عبر الوسيط الرقمي بوصفها نمطا سرديًا يندرج ضمن مظلة الأدب الرقمي التفاعلي، فكما عبرت آداب عدة من قبل عن طبقات وفئات اجتماعية وترجمت مطامحها، يعبر الأدب التفاعلي كجنس أدبي جديد عن آلام الإنسان السيبورج (الإنسان المهجن بالآلة) ويجسد ما يقيمه هذا الكائن الجديد من علاقات أثيرية مع أفراد مجتمعه، فالنسق الشبكي الرابط بين الأفراد والمجتمعات في الفضاء الافتراضي يمثل معلمًا لفهم النظام المعرفي الثاوي خلف مصطلح النص المترابط".
وتهدف الدراسة أيضا إلى بيان ما أضافه الإنترنت إلى هذه «التناصية» في الرواية العربية، خاصة وأن البنية التناصية كانت موجودة في الرواية التجريبية في مرحلة ما قبل الإنترنت. بالإضافة إلى الكشف عن جماليات التناص الموضوعية والشكلية في التجارب المقدمة؛ خصوصًا وأنه أصبح محورًا أساسيًا في تشكيل الفعل القصصي بأبعاده الواقعية والدرامية، وأن توظيفه لم يكن لمجرد الاقتباس أو الزخرفة الشكلية، إنما يحمل دلالة موضوعية وفنية تختلف باختلاف الرؤى التأليفية.
وتناول الكتاب مجموعة من التجارب السردية العربية المعاصرة التي حاولت محاكاة الإنترنت في بنيتها الداخلية على المستوى الموضوعي والشكلي منها: رواية «بنات الرياض (2007)، للكاتبة السعودية رجاء الصانع، ورواية حرية دوت كوم (2008)، للكاتب المصري، أشرف نصر، ورواية في كل أسبوع يوم جمعة (2010)، للكاتب المصري إبراهيم عبدالمجيد، ورواية إيميلات تالي الليل (2011) للكاتب المصري إبراهيم جاد الله، والكاتبة العراقية كلشان البياني، ورواية غواية الماء (2011)، للكاتبة السورية ابتسام التريسي، ورواية عشيقة آدم (2011) للكاتب التونسي المنصف الوهايبي، ورواية على الجدار (2012) للكاتبة المغربية حليمة زين العابدين، ورواية: الأزرق والهدهد: عشق في الفايسبوك» (2012)، للكاتبة اللبنانية جاهدة وهبة، ورواية «الحتة الناقصة»: حكايات افتراضية» (2014) للكاتبة المصرية ناهد صلاح، ورواية «ابنة سوسلوف (2014) للكاتب اليمني حبيب عبدالرب سروري.
ومن الروايات الرقمية التي حرص على مقاربتها سرديا؛ رواية «شات (2005) للكاتب الأردني محمد سناجلة. يقول المؤلف: "تطمح الدراسة إلى قراءة هذه النماذج قراءة شعرية داخلية ترتكز على بيان جمالية النصوص المتحاورة وعلاقاتها التفاعلية المختلفة، فالشعرية في مفهومها الأكثر عمومية تعني دراسة الإجراءات الداخلية للأثر الأدبي، حيث يصعب اليوم تحليل نص ما دون التساؤل عن التقنيات التي يلتمسها والعناصر التي تشكله، فقد باتت هذه المقاربة الداخلية لازمة لكل دراسة خارجية، سواء باستلهام بيوغرافي أم تاريخي، لكونها تهدف إلى إعادة الأثر الأدبي إلى محيطه.”
وجاءت الدراسة في أربعة فصول وخاتمة. تناول الفصل الأول: التناص بين التقليد والتجديد، حيث قدمت الدراسة في هذا الفصل إطارًا نظريًا حول مفهوم التناص وماهيته وأشكاله، من خلال رصد الموقفين: الغربي والعربي، اللذين اتفقا في كثير من الجوانب الفنية خاصة على مستوى التفاعل والتلقي، ودرجة التوظيف، ثم علاقة التناص بالتحولات الاجتماعية والثقافية نتيجة ظهور الوسيط الرقمي المتمثل في الحاسوب وعالم الإنترنت.
أما الفصل الثاني، فحاول رصد صور التناص، وعلاقتها بالأنا الساردة حيث عرضت الدراسة في هذا الفصل الأنماط التناصية التي تم توظيفها في نسيج الروايات التي عمدت إلى محاكاة عالم الإنترنت في اتصال الإنسان به، والتي تنوعت بتنوع التجارب والرؤى التأليفية المختلفة، فهناك التناص الشعري، والتاريخي، والغنائي، والشعبي، والديني، والسينمائي.. إلخ، وأن هذه الأنماط لم تأت لمجرد الزينة أو الاستلهام الشكلي، بل أنها شكلت محورًا أساسيًا في الفعل القصصي على مستوى الموضوع والشكل الفني.
وقد تناول الفصل الثالث آليات تقديم التناص في رواية الإنترنت حيث تكفل هذا الفصل بتبين الآليات أو الأساليب التي اعتمد عليها المؤلفون في تقديم البنية التناصية، والتي تمثلت في: تناص العنوان الداخلي، والتقديم التقليدي (السرد الخطي) في قالب تجديدي، ثم التقديم الحواري التفاعلي من خلال غرف الشات/ المحادثات، وأخيرا التناص الرقمي الذي كان له حضور قوي على مستوى البنية السردية، والذي أدى إلى إيجاد التعالق والانسجام بين الوسيط الورقي والوسيط الرقمي.
وفي الفصل الرابع: عرضت الدراسة وظائف التناص في رواية الإنترنت، ورصد العلاقة التي نشأت بين النصوص المتحاورة (الرئيسة والفرعية)، وأن هذه العلاقة أو الدلالة الوظيفية، هي التي تعطي التناص شرعيته الفنية، وأن توظيفه لم يكن عفويًا أو أنه من باب الصنعة التجريبية، ومن هنا تعددت وظائف التناص في الروايات، كما في: الوظيفة الانفعالية النفسية، ووظيفة الحكي والإخبار السردي والوظيفية التوثيقية (المرجعية)، والوظيفة الإيقاعية والدرامية، والوظيفة التفاعلية على مستوى التأليف (علاقة المؤلف بالنص)، والإنتاج النصي (علاقة النصوص المتداخلة) والتلقي.
وفي نهاية المطاف كانت الخاتمة التي رصدت أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة من خلال محاورها موضوعيا وفنيا.
يذكر أن كتاب "الإنترنت وشعرية التناص في الرواية العربية" للدكتور محمد هندي، صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ويقع في نحو 200 صفحة من القطع الكبير. (وكالة الصحافة العربية),
middle-east-online.