طبعة جديدة من ديوان أمجد ناصر «حياةٌ كسردٍ متقطع»،
صدرت أخيراً في القاهرة عن الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة، علماً أن طبعته الأولى
صدرت في 2004.
تتصدر الديوان مقدمة كتبها أمجد ناصر يرجع فيها إلى سجال عربي دارَ في
أوائل ستينات القرن الماضي حول الفرق بين قصيدة النثر والشعر الحر، وكانت ساحته مجلة
«شعر» البيروتية، وطرفاه الأساسيان هما الشاعرة نازك الملائكة والناقدة خالدة سعيد،
وتمحور حول ديوان محمد الماغوط «حزن في ضوء القمر». ويقول ناصر: «وقعتُ مثل غيري في
هذا الالتباس الذي جعلنا نكتب قصيدة لها شكل قصيدة التفعيلة وتقطيعها إلى أبيات على
الصفحة، لكن من دون وزن، ونسميها قصيدة نثر، حتى صدر هذا الديوان طارحاً عليَّ، وربما
على الشعرية العربية، سؤالاً لم يبرح مذاك: أهذه قصيدة نثر، أم أقاصيص؟ شعر، أم حكايات
مبتسرة؟ لم يكن سهلاً تقبّل نصوص هذا الديوان باعتبارها قصائد، وقصائد نثر بالتحديد،
لأن الشكل السائد لقصيدة النثر العربية له هيئة قصيدة التفعيلة تماماً. نثريتها عند
من يكتبونها تأتي من غياب الوزن ليس إلا. غير أن هذا ليس فارقاً جوهرياً يميز بين القصيدتين.
ليس في هذا فقط يكمن النثر الذي تتطلبه قصيدة النثر، لأن الأخيرة ليست قادمة من التراث
الشعري التقليدي، أو لنقل المتعارف عليه، فهي ليست ابنة قصيدة التفعيلة ولم تتحدر منها
مثلما تحدرت قصيدة التفعيلة من القصيدة العمودية. كلا: إنها جنس أدبي مستقل، قائم بذاته.
وهذا في واقعها في الشعريات الغربية التي اقتبسنا منها مصطلح قصيدة النثر
ومن قصيدة «نجوم لندن» التي تفتتح الديوان: «نفساً
وراء نفَسٍ تدفعني الأيامُ لكن عيني ظلتا ورائي تبحثان عن علامة تراءت وأنا مستلق ذات
ليلة على سطح بيتنا في «المفرق» أعد النجوم وأخطئ ثم أعدها غير مبال بالثآليل التي
تطلع في يدي وتنطفئ. العلامة التي تطاردها عيناي مذ ذاك تدل على ساقية تؤدي إلى نبع
ونبع يقود إلى سفح حيث غصن وأفعى وتحت الغصن مفتاح، المفتاح للغرفة التي نهيتُ عن فتحها،
الغرفة مظلمة، في الغرفة المظلمة صندوقٌ به صدفة، في الصدفة ورقة مكتوب عليها: لا تلمسني
في المثل أو الشبه فكل من هو مثلي ليس أنا وكل من يشبهني هو غيري، لست بعيدة ولا قريبة،
علامتي أقرب إليك من حبل الوريد».
عن صحيفة الحياة