يهدف الكتاب إلى دراسة مساحة الخفاء والتجلي بين عوالم الدين ومسارات التدين بالعالم العربي، من خلال تفكيك إشكالية تغيير المعتقد الديني باعتباره الناظم المركزي
الرابط بين الدين من جهة، والتدين من جهة أخرى، تفكيكاً يروم الجواب عن أسئلة الهوية الدينية، وفق تعدد خرائط التدين، وإشكالياته المرتبطة بالتحول الديني، الاجتماعي، الثقافي، السياسي في زمن بات معولماً بامتياز، وهي الأسئلة التي لا تنفصل عن القناعات والمرتكزات الدينية الجديدة لجيل من الشباب العربي المنفتح بالضرورة على سوق دينية متعددة المنتوجات، تترجم في العمق أزمة الإسلام السني، خاصة أمام الكم المهول من الأسئلة والمستجدات التي لا تنفصل عن التغيير والتحول؛ باعتبارهما قانونَيْ الوجود. فلماذا بات الشباب العربي يُقبل على تغيير معتقده الديني متجهاً وجهات تختلف باختلاف العروض الدينية (المسيحية، التشيع، الإلحاد...)، وما مراحل وطبيعة هذا التحوّل؟
ثم ألا يُشكّل هذا التوتر في الذاكرة الجمعية الدينية رد فعل طبيعي على حجم التحولات التي يعرفها العالم العربي ثقافياً واجتماعياً من جهة، وجمود الذاكرة الدينية المؤسسية، مثلما يمثّلها النظام السياسي على مستوى خطاطات الاستبداد، بعدما تحوّل الدين إلى مجرد قواعد وممارسات روتينية مؤسساتية من جهة أخرى، لا تساير حجم هذه التحولات؟
إذا كان التحليل سوسيو- أنثربولوجي للدين يتم وفق مستويين مترابطين، مستوى المقدس/المفارق ومستوى الدنيوي، أفلا يحق لنا التساؤل عن الخلفية الاجتماعية، الثقافية والسياسية للتدين في العالم العربي؟
كلها قضايا وأسئلة، تشكل في العمق الأساس النظري والمنهجي للانتقال المفاهيمي من الجهل المقدس إلى الجهل المركب.