يمكن النظر إلى الرواية الرقمية التفاعلية مفهوميا
بأنَّها: نمط سردي يحاول استثمار ما تتيحه التقنية الافتراضية في بنيته، في إقامة علاقة
حوارية - بشكليها الثنائي؛ القرائي
أوالإنتاجي- مع المتلقي ، وهذا المفهوم يعطى الرواية التي تأخذ من فضاء الحاسوب ساحة لها امتدادًا نصيًا وقرائيًا، فقد يكتفي المؤلف بنشر فصول روايته على مراحل، معتمدا على تفاعلية القارئ، دون توظيف تقنية الروابط أو الوصلات التشعبية بكثرة، ، كما هو الحال في مواقع التواصل الاجتماعي على سبيل المثال، تلك المواقع التي حاول المبدعون تسريدها عن طريق استخدام فضائها في عرض تجاربهم، ومثل هذه التجارب قد أسهمت في إقامة اللقاء التواصلي المباشر بين المبدع والقارئ الافتراضي، ذلك القارئ الذي قد يسهم في تعديل أو تغيير مسار السرد الموجّه إليه.
فالجديد الذي جاءت به الرواية الرقمية التفاعلية
يكمن في وسيطها الرقمي، الذي أحدث ثورة في القراءة والتأليف، ثم اللقاء الحواري المباشر
بين أطراف العملية الإبداعية: ( المبدع- النص- المتلقي)، وانتقال المتلقي من الصورة
السلبية التي كانت تتعامل مع ما يُلقى إليه من جانب نقدي تفسيري فقط، إلى صورة أكثر
إيجابية عن طريق تفاعل دينامي، بل قد يتحول المتلقي إلى مبدع، يحاكي النص المقدّم له،
وهذا يعني أنَّ التفاعلية التي تميّز الرواية الرقمية - في تصوري – متشعبة ولا يمكن
تحديد معيار محدد لها؛ لأنَّ النص المقدّم هو من يحدد تفاعليته سواء الداخلية أو الخارجية.
و
وقد جاءت الرواية الرقمية التفاعلية لتشكِّلَ بعدًا
جديدًا في علاقة المتلقي بالعمل الإبداعي من جانب، وبالمؤلف من جانب آخر، فلم يقتصر
دور المتلقي الافتراضي على القراءة والتفسير السطحي فحسب كما كان سائدا في رواية ما
قبل الإنترنت، فقد أصبح هو الآخر مؤلفًا، ونتيجة لذلك أسهم في افتراضية النص التفاعلي،
حيث يغيب المؤلف أو المنتج التفاعلي بعد أن يترك للمتلقي فرصة أن يقوم بتسجيل تجربته
الافتراضية مع النص، عن طريق التعليقات المفتوحة. كما أنَّ كل قارئ يحاول أن يُكمل
العمل التفاعلي بطريقته الخاصة
ومن هنا ما يحقق جمالية الرواية الرقمية التفاعلية
هو اتصالها بالمتلقي، فالنص يبقى مخزونًا في ذاكرة كلِّ من المبدع والحاسوب في حالة
غياب المتلقي، وهذا ما يجعل الواقعية الافتراضية في علاقتها بالرواية الرقمية التفاعلية
على مستوى التلقي تهتم برصد رؤية المتلقي واتجاهاته في اختياراته للنصوص، بمعنى الوقوف
على هذا السؤال: ما الذي يجعل المتلقي يختار نصًا دون آخر من خلال ما يُعرض في الشبكة؟،
وكيف يكون تعامله مع ما يُعرض عليه؟.
يبقي على المتلقي أن يتسلح بالمهارات التقنية واللغوية
التي تُمكِّنه من فهم أبعاد التجربة التفاعلية، ففهم طبيعة الوسيط جزء أساسي من فهم
التجربة المصوَّرة، وهذا ما ستقدمه الدراسة – إن شاء الله – في حديثها عن الرواية الرقمية
التفاعلية وعلاقتها بالمتلقي .