الموضوع: دعوة للمساهمة بمقالة ( ما بين 2000 و3000 كلمة) في العدد الأول
مجلة "المجتمع الجديد".
في محور: تحولات القيم في المجتمع المغربي
تصدر عن القلم المغربي، مرتين في السنة، بإشراف نخبة من المثقفين.
بالإضافة إلى صدور العدد وتداوله ورقيا، سيتم قريبا توفيره إليكترونيا على موقع المجلة قيد الإنشاء.
آخر أجل لتلقي المقالات هو 15 دسمبر 2019
البريد الاليكتروني: penmaroc@gmail.com
منظومة القيم في
المجتمع المغربي: الثابت والمتحول
لقد ظل نظام القيم، في أي مجتمع، يشكل دوما الخلفية المرجعية الضابطة لمختلف التمثلات الفردية والجماعية،
باعتباره الضمانة الأكيدة للحفاظ على روابط التلاحم بين أفراد هذا المجتمع، وخلق
نوعا من التماثل والانسجام في المواقف وفي التصرفات التي يصدرون عنها هؤلاء. ومن
ثم، عد نظام القيم داخل أي مجتمع، بحسبانه الميزان الذي من خلاله يتم قياس مدى
اندماج الفرد، ودرجة انسجامه وانصهاره مع غيره من الأفراد الآخرين.
وقد شهد المغرب في العقود الثلاثة الأخيرة، أو
أكثر، على غرار بقية المجتمعات الأخرى، تحولات بنيوية ونوعية هامة اخترقت-عموديا
وأفقيا-مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وانعكست
نتائجها بشكل جلي على منظومة القيم ببلادنا. إذ لا حديث اليوم إلا عن العطل الذي
أصاب هذه المنظومة القيمية، وعن التردي البين في العديد من الأدوار والوظائف الأساسية التي ظلت تضطلع بها تاريخيا مؤسسات التنشئة
الاجتماعية التقليدية، باعتبارها المسؤولة بالدرجة الأولى عن "صناعة"
القيم وإنتاجها، وبالتبعية عن توجيه سلوكات الأفراد والجماعات وضبطها.
إن أحد التعبيرات الهامة والمظاهر الجلية لهذه
الأزمة ما تشهده العديد من المؤسسات الاجتماعية من تراجع بين في القيام بالأدوار
المنوطة بها، بدءا بالأسرة والمدرسة والحزب والنقابة.. لدرجة توحي كما لو أن هناك
توجها عاما لتفكيك هذه المؤسسات وإفراغها من مهامها الفعلية désinstitutionnalisation.
وإذا كان هذا الواقع يشير في العديد من جوانبه،
إلى أن تردي منظومة القيم ببلادنا، ما هي إلا مظهر من أزمة عامة تعيشها البشرية
جمعاء في العقود الأخيرة، بفعل التحولات التي يشهدها العالم من حولنا، فإن التعاطي
مع مفعولات هذه الأزمة، والقدرة على التحكم في تأثيراتها، تختلف في حدتها ومنسوبها
من مجتمع لآخر، بحسب قدرة كل مجتمع على التكيف معها-إن إيجابا أو سلبا-انطلاقا من
شروطه وأوضاعه الخاصة.
ولعل من بين مظاهر هذه الأزمة القيمية الشاملة
التي يشهدها العالم، ذاك الانهيار الكبير الذي شهدته النماذج الفلسفية والأنساق
النظرية الكبرى، مما أدى إلى افتقاد الناس إلى مقاييس محددة وواضحة في الحكم
والتقييم، وإلى عجزهم عن إنتاج أطر نظرية بديلة تكون ضابطة للتفكير، ولها القدرة
والكفاية الإجرائية الضرورية على مواكبة هذه التحولات وتوجيهها. وهو ما ولد حالة
وجودية عامة لدى عامة الناس، هي مزيج من الصراع والعجز والإحباط والتيه والقلق
وعدم القدرة على الفهم وعلى تشكيل معنى محدد لما يصدر عنهم من مواقف وسلوكات.
ومما يزيد الوضع تأزما، فضلا عن عدم وضوح الرؤية لدى غالبية الناس، عجز النخب الثقافية والفكرية
عن إنتاج خطاب علمي يشخص بدقة معالم هذه الأزمة، ويقف عند طبيعة هذه التحولات
وآفاقها، وينبه لأبعادها وتداعياتها الحالية والمستقبلية. وفي المحصلة، سيادة
خطابات إيديولوجية، وأخرى اختزالية تكرس واقع الأزمة، من حيث هي تبغي تفسيرها
وتحليلها، وتعجز عن النظر إلى أبعاد هذه الأزمة في شموليتها.
والحق، أن الفكر المغربي لا يعدم وجود أبحاث
وتحليلات جادة حول منظومة القيم ببلادنا، غير أن هذه الدراسات تظل محدودة زمنيا،
خصوصا وأن الأمر يتعلق بإشكالية مركبة ومتعددة الجوانب والمستويات، حيث يتداخل
فيها الذاتي بالموضوعي، والمحلي بالكوني، مما يتطلب إعمال المزيد من آليات النقد
والتحليل السوسيولوجي والسيكولوجي والتاريخي، باعتباره مدخلا ضروريا من أجل مقاربة
هذه الإشكالية في عموميتها، واستجلاء مظاهرها المختلفة، والوقوف عند أبعادها
الظاهرة والخفية.
من هذا المنطلق، نسعى في هذا العدد من مجلة
"المجتمع الجديد" إلى أن نفتح نقاشا عموميا بين ثلة من الباحثين الآتين
من آفاق وحقول معرفية متعددة، بهدف تشريح واقع منظومة القيم ببلادنا، ومعاينة
مظاهر ثباتها وتحولها، وأن نسائل من خلال هذا النقاش الدور الذي يمكن أن يضطلع به
الفكر في طرح الأسئلة الحارقة التي يفرزها واقعنا، تلك التي تظل تستفزنا، وتطرح
نفسها علينا بإلحاح وباستمرار، ما دمنا لم نفلح بعد في تجاوزها.
لإرسال المقالات penmaroc@gmail.com