-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

الأدب والتكنولوجيا ( حسين نشوان


العصر الراهن الذي يمتاز بالسرعة وتدفق سيل المعلومات والتحولات والخيارات المتطرفة والفوضى والانهيارات، والمغامرات المعرفية وتداخل العلوم وتسيد الصورة واتساع حضور الميديا وتحول العالم إلى قرية صغيرة، كان له حضور طاغ على مجمل ظواهر الحياة، ومن ذلك الحضور ما تجلى في حقول الأدب والثقافة والفنون،
وهو حضور واسع لا يقتصرعلى الكم والنوع، بل يتصل بالمحتوى والشكل والبناء والتلقي وطرق النقد ومناهجه وتغير أدوات الاتصال ووسائط المعرفة، وتغير خطوط الإرسال ووظائف التلقي وأدواره، وهو تغير لا يتوقف عند تناولات الأدب ومراميه ومستوياته وتقنياته ولغته وثيمه، بل يقع في صلب التحولات الاجتماعية وعلاقات القوى وخطاباتها، ذلك أن الأدب كظاهرة إنسانية، هو في الأصل ظاهرة اجتماعية تنطلق من تمثلات وعيها للوجود.
في التحولات التي طاولت وسائل المعرفة وتقنياتها وشكلها، طرأ تحول مهم على الزمن ومعادله الموضوعي الذي يتحقق بالفراغ، والكتلة كموضوعات فيزيائية تنعكس على رمزيات الواقع الذي يغدو معه الكائن ضئيلاً، يعاني من الغربة والعزلة الطوعية التي تتيح له رؤية العالم من خلال نافذة الميديا وسرديتها. وهي تحولات طاولت مجسات التلقي الحسية، كما تركت أثرها على مفاهيم الإدراك والعقل، ولامست الجمل العصبية التي تمثل إبراقات المشاعر والعواطف وتمثلات الوجدان وعناوينها الجمعية التي تتعلق بالقيم والعادات ومُنَظِمات السلوك وتيارات الوعي واتجاهات المعرفة التي أظهرت بروزاً للنزعة الفردية الوحشية التي خلفها الإحساس بالخوف والسأم بعد سلسلة من الحروب الكبرى، وجملة من الانهيارات في الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية.
عكس هذا السأم والعزلة ظلالهما على النص الأدبي ببروز النزعة الفلسفية التي تعول على التداعيات النفسية والهواجس والأحلام والشطحات بأكثر مما ترصف مداميك الحكاية، وهو أمر لا يخلو من المغامرة العقلية التي تهمل الموضوع لمصلحة التقنية والشكل واسلرهان على القراءة الذهنية التي تمنح المتلقي حضوراً بارزاً، وهو حضور بالمعنى الاجتماعي يعيد ترتيب الأدوار والوظائف الاجتماعية، ويعيد ترتيب القوى والسلطات بتخلي الكاتب عن سلطة النص وخطابه إلى سلطة التأويل وخبرات القارئ، برهان على القارئ الفطن لسبر غور الكاتب/ النص، والتقاط أفكاره، وهو أسلوب يقوم على الاختزال وتداخل الصور والعلوم والمعارف والتوثيق وتعدد اجناس التقنيات التي تحوّل النص إلى عالم ممزق ومتشظ، ومتن يخلو من نوازع الشخصيات الروائية ومظاهر نفسياتها، الرهان على القارئ/ المتلقي في تتبع الفكرة الذهنية وتجميع عوالم الرواية بخبراته وهواجسه ومشاعره، لبناء أو هدم عالمه الخاص.
وفي هذه الحالة فإن المتلقي لا يمكن أن ينفصل عن الوسيلة التي قدم بها النص بوسائط متعددة اللغات: المكتوب / البصري/ الرقمي/ التفاعلي، حيث تتحول القراءة بما يتوفر في الوسائط الحديثة إلى فعل نشط ينتقل من الحياد إلى المشاركة والبناء أو الهدم، وهو أمر سينعكس على تصنيف الحقول الأدبية، وشرعية النص وملكيته، وبالإجمال على وظيفة الأدب ومفهوم الثقافة، وبالتالي على المناهج النقدية، كما ستنعكس على وظيفة الكاتب وسلطته ودور المجتمع وقواه.
عن الرأي 

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا