لا تكاد توجد قصيدة أو لوحة تشكيلية أو حتى فيلم أو صورة فوتوغرافية من “الغيوم”، هذه العناصر التي دخلت إلى التصورات الثقافية وإلى المخيال الفني، لتصبح ركيزة مكررة، لها دلالاتها المتغيرة وفق استعمال كل مبدع على حدة. ومن هنا تأتي أهمية رصد هذه التغيرات في كتاب.
ويعدّ كتاب “الغيوم في الطبيعة والثقافة” مقدمة موسوعية شاملة في هذا المجال، إذ يتناول هذه الظاهرة المحيرة التي شغلت تفكير الإنسان منذ القرون الأولى حتى يومنا هذا، من جوانبها كافة، ابتداءً من كونها ظاهرة علمية بحتة، وأسباب تكونها واختلافاتها في الشكل وتاريخ تسمياتها اللاتينية التي ظهرت لتمييز بعض أنواع الغيوم عن غيرها.
ويتطرق الكتاب إلى خيال الإنسان الواسع في التعامل مع ظاهرة الغيوم وتصوراته لها في اللغة والأدب وغير ذلك من فنون التصوير والرسم والموسيقى.
ويأتي الكتاب ضمن سلسلة علمية تتناول الأهمية التاريخية والتاريخ الثقافي للظواهر الطبيعية، كتبها خبراء في مجالات العلم والفن والأدب والميثولوجيا والدين والثقافة يستكشفون فيها ويفسرون ظواهر هذا الكوكب الذي نعيش عليه بطريقة مثيرة للاهتمام.
ويحاول ريتشارد هامبلِن من خلال هذا الكتاب استكشاف تنوع الغيوم وانتشارها واختلاف مظاهرها، مشجعاً القارئ على الاهتمام بها.
كما يتطرق المؤلف في البداية إلى الغيوم في الخرافات والأساطير واصفاً إياها على أنها “أوهام من العدم” حسبما يقول الفلاسفة، ومتوسعاً في استكشاف تخيلات الإنسان للغيوم في الأساطير والخرافة، ثم يتناول التاريخ الطبيعي للغيوم، ويعرج على الغيوم في اللغة والأدب والفن والفوتوغرافيا والموسيقى، ثم يأتي فصل أخير عن غيوم المستقبل يتابع محاولات الإنسان لتكوين الغيوم في الأماكن التي تندر فيها أو في أي وقت يريد فيها ذلك.
ويتضمن الكتاب الكثير من الجوانب الأخرى لموضوع الغيوم ومن ذلك أصنافها وأنواعها، ويعطي جدولاً زمنياً للكتابات التي تناولت الغيوم والمنظمات المتخصصة في هذا الشأن وينتهي بمراجع مختارة.