خُلِقْتُ مَلُولاً لَوْ رُزِقْتُ سَعَادَةً | وَدَامَتْ لَسَاءَتْ لِي مَرَاحًا وَمُغْتَدَى |
وَلَوْ مُدَّ مِنْ حَبْلِ الحَيَاةِ قَصِيرُهُ | لأَشْفَقْتُ مِنْهُ أَوْ فَزِعْتُ إِلَى الرَّدَى |
وَلَوْ جَاءَ هَذَا المَوْتُ قَبْلَ أَوَانِهِ | لأَلْفَى إِلَى ُروحِي السَّبِيلَ مُعَبَّدَا |
سَئِمْتُ تَكَالِيفَ الحَيَاةِ جَمِيعَهَا | فَلا أَبْتَغِي جَدًّا وَلا أَشْتَهِي ودا |
وَجَرَّبْتُ أَخْلاقَ الوَرَى فِي شَبِيبَتِي | فَمَا سَاءَنِي بُخْلٌ وَلا سَرَّنِي نَدَى |
وَأَجْدَبَ قَلْبِي مِنْ غَرَامٍ مُخَامِرٍ | وَضَاقَ شُعُورِي وَهْوَ مُنْفَسِحُ المَدَى |
فَلا الشَّمْسُ فِي إِشْرَاقِهَا تَبْعَثُ الهَوَى | وَلا الطَّرْفُ إِذْ يَرْنُو وَلا الطَّيْرُ إِنْ شَدَا |
لَئِنْ كُنْتُ فَرْدًا إِنَّ فِيَّ لَعُصْبةً | عِدًى أَوْ هُمُو أَقْسَى عَلَيَّ مِنَ العِدَا |
نَقِيضَانِ مِنْ قلبٍ وَنَفْسٍ تَبَرَّمَتْ | بِهِ فَعَتَا عَنْ أَمْرِهَا وَتَمَرَّدَا |
وَلَوْ كَانَ لِي عَقْلٌ نَصِيحٌ مُسَالِمٌ | لأَصْمَاهُمَا حَتَّى يَبِينَ لَهُ الهُدَى |
• • •
|
يَرَى النَّاسُ مِنِّي بَيْنَهُمْ طَيْفَ عَابِرٍ | يَرُوحُ وَيَغْدُو مِثْلَ مَنْ رَاحَ أَوْ غَدَا |
تَحَيَّفَهُ دَهْرٌ شَدِيدٌ شِمَاسُهُ | وَأَبْدَى لَهُ وَجْهًا مِنَ المَقْتِ أَرْبَدَا |
وَلَوْلا بَقَايَا مِنْ صَلِيبِ إِرَادَةٍ | لأَعْوَزَنِي صَبْرِي وَعِفْتُ التَّجَلُّدَا |
لَقَدْ طَالَمَا أَقْدَمْتُ فِي غَيْرِ طَائِلٍ | أَيَجْمُلُ بَعْدَ الآنَ أَنْ أَتَرَدَّدَا |
ضَحِكْتُ مِنَ الأَيَّامِ ضِحْكَةَ مُرْهَقٍ | تَكَبَّدَ مِنْ آلامِهَا مَا تَكَبَّدَا |
وَمَا كَانَ ضِحْكِي عَنْ حُبُورٍ وَإِنَّمَا | لأَجْمَعَ مِنْ شَمْلِ المُنَى مَا تَبَدَّدَا |
سُرِرْتُ بِأَشْتَاتِ المُنَى إِذْ تَأَلَّفَتْ | وَلَكِنَّهَا مِنْ شِقْوَتِي ذَهَبَتْ سُدَى |
تَقَلَّبْتُ مِنْهَا وَسْطَ رَوْضٍ مُنَمْنَمٍ | فَأَضْحَى كَصَحْرَاءَ مِنَ الأَرْضِ أَجْرَدَا |
وَكَمْ مَنْزِلٍ يَمَّمْتُهُ مَا أَغَاثَنِي | بِمُرْتَشَفٍ أَشْفِي بِهِ غُلَّةََ الصَّدَى |
• • •
|
لَقَدْ خَلُقَتْ نَفْسِي وَرَثَّتْ شَمَائِلِي | وَذَا الدَّهْرُ مَا يَزْدَادُ إِلاَّ تَجَدُّدَا |
وَمَا الكِبَرُ العَاتِي عَرَانِي وَإِنَّمَا | تَغَيَّرَ طَبْعِي أَوْ تَحَوَّلَ جَلْمَدَا |
وَكُنْتُ كَطَيْرٍ عَاشَ فِي غَيْرِ سِرْبِهِ | فَأَمْضَى أُوَيْقَاتَ الزَّمَانِ مُغَرِّدَا |
يُخَفِّفُ عَنْهُ الشَّدْوُ أَثْقَالَ هَمِّهِ | وَيَطْرُدُ عَنْهُ بَثَّهُ وَالتَّوَجُّدَا |
وَعِنْدِي لأبْنَاءِ الزَّمَانِ حَقَائِقٌ | يَظَلُّ لَهَا وَجْهُ الغَزَالَةِ أَسْوَدَا |
سَأُضْمِرُهَا حِينًا وَلَوْ قَدْ أَذَعْتُهَا | لَمَا عَدِمَتْ بَيْنَ الأَنَامِ مُفَنِّدَا |
يُكَذِّبُهَا عَبْدٌ لِيَكْسِبَ زُلْفَةً | وَيُنْكِرُهَا حُرٌّ لِيُصْبِحَ سَيِّدَا |
• • •
|
وَقَوْمٌ يَوَدُّونِي وَلِكنْ إِذَا رَأَوْا | بُرُوْزِي عَلَيْهِمْ أَصْبَحُوا لِيَ حُسَّدَا |
وَمَا حَسَدٌ يُدْنِي مِنَ المَرْءِ نَائِيًا | وَلَوْ رَاشَ مِنْهُ سَهْمَ غِلٍّ مُسَدَّدَا |
يُضِيفُ بِهِ هَمًّا إِلَى هَمِّ نَفْسِهِ | وَيُضْرِمُ فِيهِ الجَاحِمَ المُتَوَقِّدَا |
وَمَا أَنَا مِمَّنْ يُضْمِرُ الغِلَّ لامْرِئٍ | وَلَوْ أَنَّهُ أَبْدَى العَدَاءَ المُجَرَّدَا |
سَيَنْدُبُنِي صَحْبِي وَكُلُّ مَنِ الْتَوَى | بِحَبْلِ وِدَادِي إِنْ وَهَى أَوْ تَأَيَّدَا |
كَمَا لَوْ قَضَوْا قَبْلِي جَمِيعًا نَدَبْتُهُمْ | وَأَذْرَفْتُ جَمَّ الدَّمْعِ أَسْوَانَ مُفْرَدَا |
وَإِنِّي لَمَفْطُورٌ عَلَى ذَاكَ لا أَنِي | وَأَمْسِي وَيَوْمِي فِيهِ قَدْ أَشْبَهَا الغَدَا |
وَمَا كَانَ مِنِّي غَيْرُهُ فَمَظَاهِرٌ | تَعَوَّدْتُهَا يَا صَاحِ فِيمَنْ تَعَوَّدَا |
خَلائِقُ نَفْسِي فِي اتِّضَاعٍٍ وَرِفْعَةٍ | فَلِلَّهِ مَا أَشْقَاكِ نَفْسًا وَأَسْعَدَا |