-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

"الملحد" رواية جديدة للكاتب السوري عبدالباقي يوسف،

عن دار اسكرايب للنشر والترجمة في القاهرة، صدرت رواية جديدة للكاتب السوري عبدالباقي يوسف، وقعت في 228 صفحة من الحجم الوسط.
تتناول الرواية ثنائية العلاقة بين تفشّي ظاهرة الإلحاد الجديد، وبين تفشّي ظاهرة الجماعات الإسلامية المُتشدّة، في واقعٍ عربيٍ جديدٍ مختلفٍ تماماً عَمّا كان عليه قبل عقدٍ من الزمن.
وتدور أحداث هذه الرواية الجديدة في شمال سوريا حيث الغالبية الكردية التي تُديرها وحدات الإدارة الذاتية الكردية. وهنا يتعرف القارئ من خلال أحداث الرواية وفي محورها الموازي على فكرة نشوء هذه الإدارة الذاتية وعلاقاتها المتفرّعة، سواء في الداخل، أو الخارج.
تبدأ الرواية عندما يقوم أحد الشبّان من إحدى الجماعات المتطرّفة بتفجير نفسه بواسطة حزام في صالة أفراح حيث يُقام حفل زفاف، فيسقط عشرات الضحايا إثر ذلك، ولكن بذات الوقت يحصل التعارف بين بطل الرواية (دلشا) والبطلة (سُهاد) عندما يُصابان بجروحٍ بليغةٍ ويقع أحدهما بجانب الآخر: "عندَما وَقَعَتْ نظرتُها الأولى على وجهِهِ مُصادَفةً في ذاكَ المَشهَدِ الدّمويّ المُروّعِ، وسطَ تَداخُلِ صَيحاتِ الأطفَالِ، بِزَعيقِ النّساءِ، بآهاتِ الرّجالِ، إلى جانِبِ أجسادٍ بشريَّةٍ تحوَّلَتْ إلى أشْلاءٍ، أو تفحّمَتْ، لا تَدرِي لِماذا راودَهَا إحساسٌ مُباغَتٌ بأنَّ حَمَامةً بيضَاءَ قدْ فرَّتْ من صَدرِهَا".
وهكذا فإن البطلة تفقد أمها وأخوتها، كما أن البطل يفقد أبوَيه وأخوته، وبعد خروجهما من المشفى يتذكّرا ذاك اللقاء ويبدأ أحدهما بالبحث عن الآخر.
وبعد عدة شهور يلتقيا بواسطة ابنة عمّه (سَروة) التي تعمل ناشطة في وحدات الادارة الذاتية، ويحصل بينهما الزواج. وبعد الزواج تبدأ العمليّات الإرهابيّة تتصاعَد مع سيطرة الوحدات الكردية على المنطقة: "وقدْ بيّنَتْ الوحداتُ الهدفَ من وجُودِها على العَلَنِ، وهو أنّ مهمّتهَا الأساسية هي تحقيقُ الأمنِ، ولذلكَ لا تُريدُ أن تصطَدِمَ مع النّظامِ، ولا أنْ تُقاتلَ الجيشَ النّظاميّ. ويبدُو أنّ النّظامَ اتّخذَ موقِفَ الحيادِ مع هذهِ الوحداتِ، ولمْ يصطدِم معها ما دامَتْ لا تصطدِمُ معهُ. وعندما قاتَلتْ هذه الإدارةُ المتطرّفينَ، وأخرجتْهُم بالقوّةِ من الأجزاءِ التي كانُوا قدْ سيطرُوا عليهَا من النّظامِ، أخذَتْ تبسطُ سيطرَتَها على هذهِ الأجزاء، ومنعَتْ النّظامَ من دخُولِها، وتركتْهُ فقط في الأجزاءِ القليلةِ التي كانَ قد بقي فيها من المُحافظةِ، دونَ أنْ يتدخَّلَ في أيّ شأنٍ من شؤونِ إدارةِ الوحداتِ". 
تقول سَروة: "الآنَ صارَ بإمكانِ النّاس أنْ يجلسُوا في الحدائِقِ، في المطاعِم، ساعاتُ انقطاعِ الماءِ والكهرباءِ قلَّتْ، الطلاّبُ يذهبونَ إلى المدارسِ دونَ خوفٍ، وهذا كانَ دافعي الأقوى كِي أنضمّ إلى هذهِ الوحداتِ لنتمكَّنَ من إدارةِ ذاتِنا بذاتِنا، لأنّ جيشَ الدّولةِ ما عادَ بإمكانِهِ أن يحمِينا، وبقينَا فريسةً للعصاباتِ وقطّاعِ الطّرق والمتطرّفين. تعرفُون أنّ وحداتِ الإدارةِ الذّاتيةِ هي ليستْ دولةً، وليسَ لديها إمكاناتُ الدَّولةِ، هذه تشكَّلَتْ منّا جميعاً، نحنُ الذين أردنَا البقاءَ في البلدِ، ولم نخرجْ منها، ودفعْنا نتيجةَ بقائِنَا ما دفعنَاهُ، ونستعدّ أنْ ندفَع أكثر، حتى نُحسّنَ الأوضاعَ، ونستطيع أنْ نستقبِلَ الذين اضطرّوا إلى الخروجِ إذا أرادُوا العودةَ، ونثبتَ لهم بأنّنا بقينَا ليسَ من أجلِنا فقطْ، بل من أجلِهم أيضاً. 
نعم نحنُ الآن نفعلُ شيئاً مهمّاً، ومُجدياً، وأنا سعيدةٌ عندما أرى أفواجَ النّاس التي تنزحُ من المُحافظاتِ إلى محافظتِنا، ويجدُون عندنَا الأمنَ، هؤلاء يتركونَ بيوتَهُم ومصالحَهُم وعلاقاتهم الاجتماعية، وينزحُون إلى أمننَا الذي حقّقناهُ لأنفسِنَا، ونحقّقهُ لهم أيضاً، وقد لمسُوا أنّنا لا نفرّقُ بين أبناءِ محافظةٍ ومحافظةٍ، لأنّنا جميعاً أبناءُ هذا البلدِ، وما هو لنَا، هو لهُم، وما هو علينا، هو عليهم. لذلكَ رأيتنِي أقبلُ للمساهَمَةِ في صناعَةِ هذا الواقِعِ الذي نتجَ عن هذه الحربِ الأهليّةِ التي ما تزالُ بلادُنا في ذروتِها، لكنْ ولأنّنا نشكّلُ قوّةً عسكريّةً جيدةً، ولدينا قاعدةٌ شعبيةٌ جيّدةٌ، استطعنا أن نُسيطرَ على الأماكِنِ التي كانتْ العصاباتُ قد استولتْ عليها من الجيشِ، ونستردّها بالقوّةِ العسكريةِ، ونتمكّنَ من إدارتِها، ونحقّق الأمنَ فيها للناسِ". "

novel
عبدالباقي يوسف
هنا تتناول الرواية مسألة الإلحاد وتفشّيه كردٍ على تلك العمليّات، ويُعلن بطل الرواية إلحاده، رغم أن زوجته مُحافِظة: "كمْ بثّ فينا الرُّعبَ (الله أكبرهم) هذا وكمْ نحتاجُ إلى سنواتٍ حتَّى نُزيحَ هذا الرُّعبَ من قلوبِنا، صارتْ هذهِ العبارةُ من أكثرِ العباراتِ التي تبثُّ فينا الفزعَ. كمْ بثّ فينا الرُّعبَ (الله أكبرهم) هذا وكمْ نحتاجُ إلى سنواتٍ حتَّى نُزيحَ هذا الرُّعبَ من قلوبِنا، صارتْ هذهِ العبارةُ من أكثرِ العباراتِ التي تبثُّ فينا الفزعَ. إذا آمنتُ بهذا الإلهِ، فعليَّ أنْ أستحسِنَ كلَّ ما ارتكبُوه من كوارث، أشاركَ معهُم فيما يفعلُونهُ، لأنَّهم يقولُون بأنَّهم يُنفّذونَ أوامرَ (الله أكبرهم) هذا، وسوفَ يعاقِبهم إذا امتنعُوا عن تنفيذِ أوامِرهِ. هؤلاء ألحقُوا بنَا الويلَ بهذا الهُتافِ، ولا أجدُ سوى أنْ أنضمّ إليهِم وأهتفَ معهُم ما يقولونهُ، أو أرفضَ هذا الإلهَ الذي يأمُرُهم بهذه الانتهاكَاتِ المُروعَةِ".
هنا تأتي البطلة إلى أبيها فيتحدّث لها عن بعض الأسباب التي أدّت إلى تفشي الإلحاد بين بعض الشبان الأكراد: "قال: لو كانَ الأكرادُ يهوداً لكانَتْ لهم دولتُهم المستقلّة على أرضِهِم منذُ مئاتِ السّنينِ، ولمَا تجرّأ أحدٌ أنْ يرمِي حجراً على حائطِ دولتِهِم، وكانُوا دولةً، بل وإمبراطورية قبلَ الإسلامِ، لكنْ عندمَا جاءَ الإسلامُ، وآزَرُوه واعتنقُوهُ، تحوَّلُوا مع الزَّمن كما لو أنّهم أعداءٌ لبعضِ المُسلمين، وبدأَ المُسلمونَ يفتِكُون بهِم تحتَ شعاراتٍ إسلاميَّةٍ، حتَّى يُخرجُوهم من الإسلامِ، وهُم يُصرّونَ على بقائِهِم في الإسلامِ على نهجِ السُّنةِ والجماعةِ، ويقدّمُون خيرةَ رجالاتِهِم لخدمةِ الإسلامِ، دونَ أنْ ينفعَهُم ذلك بشيءٍ، بل صارَ البعضُ يُجرّدُ حتّى أولئكَ الرجال من قوميَّتِهم الكرديَّةِ، ويدّعونَ بأنَّهم ليسُوا أكراداً، لأنَّهم لا يتقبّلونَ حتَّى فكرةَ أنْ يقدّمَ الكرديُّ خدمَةً للإسلامِ.
لم يترِكُوا وسيلةَ قتلٍ إلَّا وقتلُوهُم بها، قتلُوهم بإطلاقِ الرَّصاصِ، قتلُوهم تحتَ التَّعذيبِ، قتلُوهم جُوعاً، قتلُوهم برداً، قتلُوهم شَنقاً، قتلُوهم خنقاً، قتلُوهم قنصَاً، قتلوهُم ذبحَاً، قتلوهُم دَهسَاً، قتلُوهم طَعناً، قتلوهُم ضرباً، قتلُوهُم صَعْقاً، قتلوهُم اغتيالاً، قتلُوهم أفراداً، قتلوهُم بحملاتِ إبادةٍ جماعيَّةٍ، قتلُوهم في السُّجون، قتلوهُم بدفنِهِم أحياءً، قتلُوهم بغازاتٍ سامَّةٍ، قتلوهُم بأسلحةٍ كيماويَّةٍ، قتلُوا أطفالَهُم أمامَ أعيُنِ آبائِهم، قتلُوا آباءَهُم أمامَ أعينِ أطفالِهم. أجل يا بنتِي، لو كانَ الأكرادُ يهوداً، لمَا ألحقَ بهِم اليَهُودُ كلَّ هذهِ الويلاتِ، لو كانُوا مسيحيّينَ، لما ألحَقَ بهِم المسيحيُّونَ حملاتِ الإبادةِ الجماعيَّةِ، لو كانُوا هندوسيّينَ، لو كانُوا بوذيّينَ، لو اعتنقُوا أيَّ معتقدٍ آخر غير الإسلامِ، لما لقُوا كلَّ هذه الكوارث التي لحقتْ بهِم، بلْ لما اعتبرَهُم بعضُ المُسلمين أعداءً لهُم، وتركُوهُم في معتقدِهِم.
كلُّ هذا يا بنتي حتَّى يُخرجُوهم من الإسلامِ، وقد نجحُوا في ذلكَ مع بعضِ شَبابِنَا الذين ارتدّوا عن الإسلامِ عندمَا تراكمَتْ هذه الحَملاتُ عليهِم وهي تحملُ شعاراتِ الإسلامِ، وخلالَ الحقبِ الزَّمنيَّةِ، كانَ المُسلمونَ يمنعُونهُم حتَّى من أنْ يتحدّثوا كلمةً واحدةً بلغتِهِم، أو يطلقّوا اسماً كردياً على أبنائِهِم، بل حتَّى أنْ يرتدُوا زيَّاً من أزيائِهم، ويحظّرونَ عليهِم أنْ يكتبُوا حرفاً بلغتِهِم. لقدْ استجَابَ بعضُ شبابِنَا لكلّ ذلكَ وارتدّوا عن الإسلامِ، ومنهُم مَن أشهَرَ إلحادَهُ، وتشكّلَتْ جماعاتٌ من المُلحدين السّياسيينَ كردّ فعلٍ على المؤمنينَ السّياسيينَ الذي يتّبعونَ سياساتٍ وهم يعتَدُون على الأكرادِ، ويعتقِدُون بأنَّ الأكرادَ لمجرّد أنَّهم قد أسلمُوا، فعليهِم أنْ يتجرّدُوا من قومِيتِهم ويصبِحُوا تَبعاً لهُم".

https://middle-east-online.com/

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا