-->
مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008 مجلة اتحاد كتاب الإنترنت المغاربة - 8 أكتوبر 2008


الآراء والأفكار الواردة في المقالات والأخبار تعبر عن رأي أصحابها وليس إدارة الموقع
recent

كولوار المجلة

recent
recent
جاري التحميل ...

ثريا جبران: الإنسانة و المبدعة....سلام لنور إنساني لاينقطع...محمد أمين بنيوب

 

                                   يحكى أن...كتبت هذه الحكاية بتاريخ 7يوليوز 2014 ونشرت في الصحافة الوطنية

هي لحظات كثيرة، جمعتني بالفنانة الكبيرة ثريا جبران امرأة بحجم الوطن، بأحزانه وأفراحه. وكل من عرفها أو جالسها أو شاهدها على الركح إلا و تركت بصمات منيرة وجميلة في ذاكرته وعواطفه.لا يمكن لأحد أن ينكر أو يتنكر لاسم ثريا الذي ظل يرفرف عاليا في الأفق الفني الوطني والعربي والغربي. اسم نحث حضوره القوي في المشهد الدرامي لمدة تزيد عن أربعين سنة. يبدو أن ثريا ولجت عالم المسرح بلا استئذان، انخرطت كرحالة مغامرة متسلحة بإرادة قوية وفريدة وبوعي كبير وتحد متفائل، باحثة عن حقيقة المسرح وجوهره، عن فضاء حر لتسمع صوتها الصادق، وترسل إحساسها الناطق ولتتقاسم معنا هموم الناس البسطاء، وتصدح غنوة تعبر عن آمالنا وتنبه لمآسينا ومآلنا. فالمسرح عند ثريا جبران مسكن آمنها من التيه والخوف ومنحها دفئا ومحبة الناس الطيبين والرائعين " جئت إلى المسرح. في سن مبكرة جدا. وبقيت هناك. بقيت اسمع الأصوات وأسمعها وأتمثل كلام الآخرين كما لو كان كلامي، بل حرصت دائما على أن أجعله كلامي لأقوله للآخرين" ثريا جبران.

لم تكن تعلم ثريا جبران وهي تنخرط في رحلة سيزفية، أن المسرح سيأخذها بعيدا ويحلق بها في الآفاق المتناثرة، باحثة عن ماهية المسرح وكينونته، عن عوالمه الواقعية والمتخيلة، عن فضاءاته وأمكنته المجازية والرمزية، عن شخوصه الحقيقية لا المزيفة. وأخيرا البحث عن مرافئ للإبداع الحر والجمال الباهر. تلك رحلات وأسفار عرفت المد والجزر، الضحك والحزن، الصدق والكذب، التحدي والكبوة، الصعود والانحدار ومقاومة المرض والعودة من جديد والتسلح بالأمل والابتسام.
إنها ثريا منارة متلئلئة منيرة على الدوم" ما قضيته من سنوات على الخشبات، وفي المسارح المغربية والعربية والأجنبية، أكثر مما قضيته في بيتي وبين أفراد أسرتي الصغيرة. اتخذت المسرح مسكنا وأهل المسرح أهلا، وتهت طويلا في النصوص والشخوص والأقنعة والأحلام والخيال" ثريا جبران.
خلال مسارها الدرامي المتنوع و الفني، سجلت حضورا قويا مع الفنان الشامل الطيب الصديقي في أعمال ديوان سيدي عبد الرحمان المجدوب وإيقاظ السريرة في تاريخ الصويرة وأبو نواس وكتاب الإمتاع و المؤانسة، دو أن ننسى العمل التاريخي" ألف حكاية وحكاية في سوق عكاض " ضمن فرقة الممثلين العرب وبروزها كممثلة فرضت وجودها على الصعيد العربي. بالإضافة إلى تأسيسها لفرق مسرحية ومشاركتها في أعمال مسرحية وطنية بالإضافة إلى منجزها تلفزيا وسينمائيا.

ومع مسرح اليوم، ستبصم ثريا جبران لمسار إبداعي مغاير، كرئيسة للفرقة بصحبة المبدع والمخرج عبد الواحد عزري. سيشكل مسرح اليوم رهانا جديدا للممارسة المسرحية الوطنية وازت مابين الفرجة الشاملة والمضمون الثقافي والفكري للمسرح.مابين 1987 و 2001 قدمت ثريا جبران سبعة عشر عملا مسرحيا خلد اسمها وسجل مكانتها كأبرز مبدعة مسرحية على الخشبات الوطنية.ومن منا لايتذكر..حكايات بلاحدود..بوغابة..النمرود في هوليود...نركبولهبال..أيام العز..سويرتي مولانا...اللجنة...امرأة غاضبة..أربع ساعات في شاتيلا...الجنرال...البتول... العيطة عليك...ياك غير أنا...إمتا نبداو..عباس تيمورلانك...
رحلات ثريا جبران، لم تقتصر على مجال فنون الدراما، بل انخرطت بشكل مبدئي في قضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة، وقضايا الديمقراطية والحرية والعدالة. وتوجت هذه الرحلة بتحملها حقيبة وزارة الثقافة ( أكتوبر 2007 ). وللتاريخ و للإنصاف. لقد عشت هذه المرحلة مع ثريا جبران بكل جوارحي وكانت رئيستي المباشرة، بحكم أنني كنت مديرا جهويا للثقافة بمراكش. كانت مرحلة مفعمة بالطموح الصادق والتعامل الإنساني والاحساس بالمسؤولية والدفاع عن قضايا الثقافة والفنون ووضعية الفنان ومكانته الاجتماعية والرمزية. لكن شاءت الأقدار أن تغادر الوزارية في وضعية حرجة(31 يوليوز 2009)، بعدما تركت فراغا إنسانيا كبيرا.

تلك هي ثريا جبران في عز مرضها.. جاءت عندي إلى مراكش. شهر ماي 2009.. شمس محرقة، ورياح ساخنة.. أتت ودشنت المعهد الموسيقي ومقهى دار الثقافة ومتحف الزيتون ودار الثقافة بسيدي رحال.. عبر كل فضاء كان الناس الطيبين يهتفون باسمها.. بعدها أكدت لي أنه يوم من أجمل الأيام التي قضيتها بوزارة الثقافة. تلك هي ثريا، الإنسانة والفنانة، نور على نور يسطع في سماء المسرح المغربي، ينير ظلماتها إلى ما لا نهاية " الشاعر الكاتب عبد اللطيف اللعبي. لقد أحسن المركز الدولي لدراسة الفرجة، برئاسة الباحث والناقد خالد أمين ،عندما أصدر مصنفا جماعيا تحت عنوان ثريا جبران :ثنائية المصادفة والاختيار وبإشراف الناقد و المسرحي محمد بهجاجي..مؤلف يرسم مسار فنانة في الفن والثقافة و الحياة ويمنح شهادات مضيئة لمن عاشوا و عايشوا تضاريس دروبها وممراتها المفرحة والحزينة..هكذا نعثرعلى أسماء من عالم الثقافة والفن...كمحمد برادة..نجمي حسن..عبد اللطيف اللعبي...فاطمة لوكيلي..محمد قاوتي..إدريس الخوري...مصطفى القباج..مصطفى النيسابوري..عبد الواحد عوزري ..محمد بنيس..حست المنيعي..أحمد لمسيح...وآخرون..هذا مقتطف من شهادة الراحل...الفنان الشامل الطيب الصديقي (تتوفر ثريا على ولع خاص ومتميز بالتمثيل،هذا الداء الذي ألم بها منذ الصغر،فأتت بكل بساطة إلى عالم المسرح..تلعب ثريا،حين تمثل على عدة نبرات،فهي ثارة تراجيدية وطورا كوميدية أوميلودرامية...ثريا يبنع حديثها من القلب،كما يسيل حديث آخرين من الأنف....)

قبل أن أختم كلماتي..فثريا جبران ظلت كما هي..في ضحكتها وفي تواضعها الانساني..حتى وهي في منصب وزاري ...لم يسبق لها أن أغلقت أبوابها بقفل من حديد.وكعادتها كل صباح تسلم بلطف على كل من تصادفه وهي متجهة لمكتبها...<لقد ظلت ثريا هي..هي..صافية شفافة رحبة الصدر،دون أن يغيرفيها شيئا تألفها الفني المغربي و العربي،أو توليها مسؤولية وزارة الثقافة.>هكذا دونت رفيقتها الفنانة والنحاثة إكرام القباج ذات يوم جميل.. كل المحبة والصحة وطول العمر..
( الصورة 1.مصنف جماعي حول الفنانة ثريا جبران من توقيع الكاتب والناقد المسرحي محمد بهجاجي و من إصدار مركز دراسة الفرجة بطنجة.الصورة الثانية من المهرجان الوطني للمسرح بمكناس في يونيو 2000 ويبدو في الصورة.ذ محمد بهجاجي.عبد الكبير الركاكنة.د حسن المنيعي. الفنانة ثريا جبران.محمدأمين بنيوب.د مصطفى الرمضاني.

عن الكاتب

ABDOUHAKKI




الفصـــل 25 من دستورالمملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي,والتقني مضمونة.

إتصل بنا