يعتمد التشكيلي إبراهيم شاكر على مجموعة من المسالك الفنية لتقديم أسلوبه الفني، الذي يروم من خلاله تجسيد الواقع بصور جمالية مختلفة، تعكس احترافيته العالية، يصنع من خلالها مجموعة من العلاقات الفنية الجدلية، بتقنيات يعتمد فيها على مزج الألوان ووضعها بشكل رصين ومنظم، ليتخذ بعد ذلك من التعبير اللوني والفضاء الشخوصي والأشكال الواقعية مواد انطباعية، للتعبير عن أحاسيسه بإلهام فني، وبعلامات وأشكال تبدو في مجملها واقعية، لكنها تحمل مغازي وإشارات رمزية، تقود إلى معانٍ ترتبط بفلسفة المبدع.
فهو الذي ينتهل من مقومات التشكيل الحديث، ويفتق مجاله التعبيري من رصيده الثقافي والمعرفي التشكيلي، الذي يشكل رصيدا قويا وأرضية خصبة في تدبير إبداعاته الفنية. وعملا بالقاعدة النقدية؛ فإن كانت أعماله تتبدى فيها الانطباعية والتلقائية، من خلال توظيفاته الشخوصية، أو من خلال تجريدية بعض أعماله، نظرا لتعدديته في العمل التشكيلي، فإن هذه التعددية تؤثر في المسلك الفني وفي إرساء أسلوب محدد.
لكن على الرغم من ذلك، فإن الرؤية التشكيلية لديه تؤشر إلى أسلوبه التعبيري المتنوع المضامين، الذي يعكس بشكل جلي ثقافته التشكيلية المؤثرة في العملية الإبداعية، التي تدفع المبدع نحو الارتقاء والتطور، لا من حيث التقنيات أو الأسلوب، أو التصورات، أو فلسفة أعماله، حيث إن تدفق اللون المعاصر، وتكاثف الألوان، والتوليف بين المبنى والمعنى وصنع مجال إبداعي متعدد المشارب وفسح المجال للربط بين مختلف التصورات، والموروث الحضاري، وبين المادة الفنية أحيانا والمجال الطبيعي حينا آخر بنوع من التوازن والتكامل والانسجام، كل ذلك له تأثيره الإيجابي في العملية الإبداعية. ولذلك، فإن معظم أعماله تتبدى حمالة لأوجه من المعاني ومثقلة بالتعابير المتنوعة المضامين، وهي تعابير تتصل بالمادة التراثية، وبخصائص البيئة وبالسيميولوجية المحلية، وبذلك تتخطى أعماله حدود الواقع بالمقاييس التشكيلية، التي يعتمدها كأدوات فنية بنائية، وكمقومات جمالية خالصة، ما يجعل أعماله تتربع على صفوة الفنون التشكيلية المعاصرة، بطبائع جمالية. فهو يلامس المادة التشكيلية المتعددة المشارب بمؤهلات ومهارات يحرك بها الأنساق الجمالية، ليحول المادة من الواقع إلى تشكيلات تتراوح بين الواقعية والانطباعية والتجريد، باعتبار أن المبدع متعدد في مسالكه وأساليبه الفنية، ليحول هذا المجموع المتنوع إلى دلالات، بأساليب تحاورية، وتداخلات فنية، واستعمالات لونية منتقاة بدقة، تراعي قيم السطح، وهو يروم من ذلك صنع حيز إبداعي يقوم على تصوراته الفنية، وينبني على مواهبه المتعددة، ما يفسح المجال لنسج طقوس تعبيرية من التراث المغربي، بأبعاد جمالية وبصيغ تعبيرية متنوعة، تجعل هذا المنحى يتسم بمقومات حضارية معصرنة، يرصد من خلالها عوالم فنية جديدة، ويؤثث بها مسالكه الفنية بشكل تفاعلي، يُشرك القارئ في العملية الإبداعية من خلال السياق الفني، الذي يمتزج فيه التعبير الرؤيوي بالمنحى السيميائي الذي يروم الرؤية البصرية.
وهو بذلك ينسج مساحات إبداعية ذات مضامين ودلالات، باختيارات غاية في التنظيم والبناء المحكم. إنه تأطير يندرج في سياق تجربة فنية تلامس العصرنة الفنية بمقوماتها الأساسية.
٭ كاتب مغربي