كان أول لقاء مباشر مع الصديق العزيز الباحث المجتهد وعالم السرديات سعيد يقطين في مقر جريدة "انوال" بالرباط في بداية تسعينيات القرن العشرين. كنت قد تلقيت دعوة من إدارة الجريدة قصد المشاركة في مناقشة التصور الثقافي للجريدة المذكورة طيبة الذكر. هذا عن اللقاء المباشر الأول، اما أول لقاء ثقافي فكان قبل هذا اللقاء، كان اللقاء الثقافي الأول من خلال تحليلي لأطروحته الأولى، وكانت حقيقة اطروحة رائدة. نشرت انا هذا التحليل تحت عنوان "الخطاب والنص من خلال اطروحة سعيد يقطين"، ثم أعدت نشره في كتابي "سيميائيات المسرح". وسيرت ندوة عن اطروحته الثانية لاحقا، من الذين شاركوا فيها الصديقان العزيزان والباحثان المجتهدان محمد الداهي وعثماني الميلود، وهما متخصصان في السرديات. بعد انتهائي من القاء الموضوع الذي شرفت بالمشاركة به في الشارقة سنة 2018 ، وكان مع الصديق العزيز المبدع والباحث المجتهد حسن بحراوي، وكنا جميعا مشاركين في الندوة الفكرية، قال كلاما مركزا ومقتضبا يمكن اختزاله في هذه الكلمة :"الدقة". العزيز سعيد يقطين انت باحث مجتهد، ومنارة علمية، ما في ذلك أي شك. كتبك هي التي تتكلم عنك، وهي وحدها التي تقدم لنا الصورة الحقيقية عن شخصية ثقافية وعلمية ونضالية هي شخصية سعيد يقطين. انت، مع اخرين مثل محمد مفتاح، الذي أفردت له فصلا في كتابك "الفكر الأدبي العربي البنيات والأنساق"، جعلت الثقافة المغربية المعاصرة وخصوصا النقد الأدبي المغربي المعاصر يتعدى الحدود الجغرافية للوطن. كما انك تمثلت بعمق، بفضل جديتك وسعة اطلاعك، الثقافة الغربية والثقافة العربية. واسلوبك في الكتابة أسلوب عربي فصيح مبين لا عجمة، ولا ركاكة، ولا أخطاء لغوية فيه. لم تلهث وراء مساقط الضوء، ولا نحو المناصب الإدارية. كنت ومازالت مثقفا وعالما، وهذا هو الذي يبقى في نهاية المطاف. المناصب الإدارية محدودة في الزمان والمكان، ولكن الثقافة والفكر غير محدودين لا في الزمان ولا في المكان. انت تقاعدت اداريا ووظيفيا، لكنك اليوم في أوج العطاء. ثم انك انت وأمثالك من المجتهدين الحقيقيين جعلتمونا نحن المغاربة نستعيد اليوم رمزية ابن رشد على الصعيد الثقافي. أتمنى لك من صميم قلبي أيها الصديق العزيز الصحة والعافية والمزيد من الاجتهاد والتألق.
