تأسّس بيت الشعر في المغرب سنة 1996 بهدف تحقيق جُملة من الأهداف، التي تروم جميعُها تعزيز مكانة الشّعر في المجتمع و الحياة وترسيخُ مكانته بين الناس كحاملٍ لقيم الحلم والخيال.فمن تلك الأهداف توطين الشعر المغربي في المقررات الدراسية وتشجيع التلاميذ والطلبة على قراءته وتذوّق جمالياته، خاصّة في اللحظة التي ينتصرُ فيها لكل ما هو مدهش وإنساني.
و قد نجح بيتُ الشعر في المغرب خلال مسيرته الطويلة التي تمتدّ على مدى ربع قرن في إقناع المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم ( اليونيسكو) على إحداث يوم عالمي للشعر عن طريق المقترح الذي تقدّم به، والذي تبنته الحكومة المغربية في عهد الراحل عبد الرحمان اليوسفي، كما نجح في ضمان مكانة عالمية لجائزته الشعرية المعروفة " الأركانة" التي صار شعراء العالم يتطلعون للفوز بها، علاوة على انتظام منشوراته الشعرية و مجلته الرصينة " البيت"، و استدامة برامجه الشعرية بالتعاون مع العدد من الشركاء الذين آمنوا بجدية مشروع مؤسستنا وجودة مستواه فنيا و جماليا.
ضمن نفس الأفق، وسعيًا من بيت الشعر في المغرب إلى تقديم خِدمة جديدة لشعرنا المغربي، بربطه بالفضاء الإبداعي العام وخاصة الموسيقي والغنائي منه، واستعادةِ لحظات طيبة الذكر تعانق فيها شعرُنا المغربي ( عبد الرفيع جواهري/ إدريس الجاي/ الخمار الكنوني/ حسن المفتي / أحمد الطيب لعلج/ علي الحداني....) مع أوتار وألحان ( عبد السلام عامر، عبد النبي الجيراري، حسن القدميري،....)، تقدمنا بمشروع فني تحت عنوان " أحلام بيضاء"، وهو عبارة عن مقطوعات غنائية جعلت من الشعر المغربي متنا لها، بهدف استعادة ماض جميل، أثرى خلاله الشعراء المغاربة السّجل الشعري للأغنية المغربية، فقد منحُوها قصائد تحوّلت، من خلال أوتار مُلحنين مُقتدرين، إلى أغانٍ تتردّد على ألسنة وشفاهِ الناس في المناسبات والأفراح والأعراس، بل إنّ بعضها سيحظَى باهتمام مطربين مشارقة، أعادوا أداءها وتسجيلها من جديد بأصواتهم.
نجاحٌ ما كان له أنْ يتحقـّق لولا أنّ هؤلاء الشعراء كتبوا قصائدَهم من داخل تجربتهم الإنسانية وفي أفق الرؤية التي امتلكوها تجاه اللغة والمجتمع والكون وليس تحت الطلب أو إرغامات سوق الغناء.
وحسب عِلمنا، فلأول مرّة في تاريخ برنامج الوزارة لدعم الأغنية المغربية، تتقدّم هيأة متخصّصة كبيت الشعر في المغرب، بمشروعٍ ذي رؤية مندمجة، تربطُ الشعر المغربي بأفُقه الفنّي من أجل أن يحظى بمساحةٍ أوسع للانتشار عبر الأغنية. حيث يصيرُ بمقدور الجمهور المغربي أن يتعرّف على شعرائنا المغاربة، ليس من خلال دواوينهم الشعرية أو عبر أمسياتهم الثقافية، بل من خلال الأغنية كلحظة فنية تتجمّع وتنصهر فيها عدّة أبعاد: شعرية، ولحنية موسيقية، وطربية غنائية...
لقد سبق للفنانة صباح زيداني أن جعلت من الشعر المغربي أفقا لتفكيرها واشتغالها، وذلك عندما قدمت بعضا من نصوصه الجميلة للشعراء: بوجمعة العوفي و عبد الهادي السعيد، كما خاضت تجربة فنية مع الشاعر المغربي الكبير عبد الله زريقة بمعية ثلة من الشعراء والموسيقيين الأجانب. وهو ما يجعل وجودَها ضمن هذا المشروع تثمينا لهذه الإرادة التي تلتقي فيها برغبة بيت الشعر في المغرب، في أن يكون شعرنا المغربي حاضرا في مختلف الحوامل التي تتيح له الذيوع والانتشار: مسرح، تشكيل، أغنية...
إنّ تشبيك الفنُون فيما بينها و تجسير الصلات بين مكوناتها أحد أهم مخرجات هذا المشروع، الذي يجمع شعراء مرموقين، بملحنين مقتدرين وموزعين أكفاء و عازفين ماهرين، عِلاوة على الحضور الواعي والباذخ للفنانة صباح زيداني. جميع هؤلاء انخرطوا في هذا المشروع من أجل أنْ نعيد للكلمة الشعرية بريقها في لحظة تعالقِها مع اللحن و الموسيقى.
السيد الوزير المحترم: لماذا تحولت الأحلام البيضاء إلى كوابيس سوداء؟ ولماذا خيّبت اللجنة التي شكلتموها من أجل دعم الأغنية المغربية والارتقاء بمستواها ظنكم وظن الشعب المغربي الذي يموّل من ماله العام سياسة ثقافية فاشلة؟ وماذا ستفعلون لإنصاف بيت الشعر في المغرب وتحقيق المساواة و تكافؤ الفرص التي ينص عليها دستور الملكة؟ وكيف ستردون من خلال إجراءات عملية و تدابير إدارية عن الضجة / الفضيحة التي خلفتها نتائج هذه السنة في مجال دعم الأغنية؟
إننا، نطعن في نتائج هذه الدورة من برنامج دعم الموسيقى والأغنية، و إننا ننتظر ما ستقومون به؟