نقلا عن موقع بديل : أصدر موقع بديل يوم 29 نونبر 2020 على صفحته الرئيسية مقالا تحت عنوان “هل دقت ساعة ولادة ‘بام 2’؟”، وإذ ننوه باهتمام الموقع بنداء مغرب المستقبل، ونشكره على نشره أجزاء من النداء في متن المقال. إلا أنني أريد أن أدلي ببعض الملاحظات حول التأطير الذي جاء به المقال، والذي يستهدف تقويض المبادرة والتنقيص منها:
أولا: إن عنوان “هل دقت ساعة ولادة ‘بام2’؟” ليحمل استهدافا واضحا يتغيى قتل الجنين قبل الولادة، وذلك بوسمه بنعت لا علاقة له به لا من قريب أو بعيد: “بام 2 “، وهو تجني على المغاربة في حقهم ابداع أشكال انتظامهم وفعلهم السياسي والثقافي والاجتماعي.
ثانيا: صورة “ج8” المصاحبة للمقال تركيز للتأطير الذي يرمز إليه العنوان، ويضاف إلى الاستهداف، هذه الجملة المسمومة (وأستسمح على العبارة): “يروج أنه مدعوم من طرف جهة ما، دون أن يتسنى للموقع التأكد من صحة هذه المعلومة”، من هي هذه الجهة؟ وما هدفها؟ هل بإمكانها تحقيق أهداف “حركة قادمون وقادرون – مغرب المستقبل”؟ فلتتفضل دون حاجة إلى وسيط. إن هذه العبارة تعتبر قمة الاستهداف، إذ كيف يسمح موقع “بديل” لنفسه نشر كلام مثل هذا، عبارة عن إشاعة ربما، وحتى يعفي نفسه من المحاسبة، يضيف “لم يتسنى لنا التأكد”. أعتقد أن العمل الصحفي المحترف والموضوعي، يقيم التحقيقات والدلائل قبل النشر، ولا يعتمد على” العنعنة”، و”يحكى” و”قيل” و”زعموا” إلخ…
ثالثا: إن السياق الوطني، والصيرورة والأهداف التي حكمت نشأة “حركة كل الديمقراطيين” مخالفة جذريا عن “حركة قادمون وقادرون – مغرب المستقبل” التي ستفضي في المؤتمر المزمع عقده في دجنبر 2020 إلى “منتدى مغرب المستقبل”، فإذا كانت “حركة لكل الديمقراطيين” جاءت بزعامة مستشار الملك، واعتمدت على النخب الحزبية، واستهدفت تجميع أحزاب إدارية ومواجهة الأحزاب الديمقراطية، حيث كانت تعتبرها انتهت، وأعلنت الحرب على العدالة والتنمية. كانت بالمجمل هذه هي الخطوط العريضة لحزب الأصالة والمعاصرة. وإن كان قد حقق بعض الاختراقات الانتخابية فإنه فشل في تحقيق كل أهدافه.
أما “حركة قادمون وقادرون – مغرب المستقبل”، فقد انطلقت من الهامش، ما يسمى المغرب المنسي منذ 2016 بتأسيس دينامية في تاونات، تلتها فاس ثم مكناس، إلى أن تجاوزت 54 دينامية الآن في ربوع الوطن وخارج الوطن (فرنسا – بلجيكا – ايطاليا – اسبانيا – كندا)، وخاصة بعد التأسيس القانوني في مؤتمر إفران 16 و17 دجنبر 2017. وعلى امتداد ثلاث سنوات توسعت الحركة تنظيميا، وراكمت العديد من الندوات الموضوعاتية المواكبة للأوضاع العامة في البلاد، من ضمنها المذكرة حول “النموذج التنموي الجديد” التي سلمت إلى لجنة بنموسى ورئيس الحكومة. هذه الدينامية المعتمدة على طاقات الهامش التي نسميها “بالحاشية السفلية” أثمرت العديد من الأدرع للحركة، النساء، الشباب، الهجرة، التنمية، المناخ، مركز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية والثقافية. إن “منتدى مغرب المستقبل” تعبير عن المغرب العميق، مغرب الجبال والسهول والواحات وهوامش المدن الكبيرة، إنه المغرب الحقيقي، ولا علاقة له بمغرب النخب المتحكم في مقدرة البلاد وثرواتها.
رابعا: على سبيل الختم، لقد أصبحت أسطوانة علاقة “حركة قادمون وقادرون” بالأصالة والمعاصرة” مشروخة وقديمة، تناساها من كان يروج لها، خاصة بعد المؤتمر الأخير للأصالة والمعاصرة. ربما كان البعض يربط ذلك بالرفيق مصطفى المريزق بالحزب، رغم أنه بدأ يتخذ خطوات الابتعاد عن الحزب منذ 2016، وكأن الرفيق مصطفى المريزق بدأ مشواره السياسي مع الأصالة والمعاصرة، متناسين تاريخه العريق في اليسار، منذ تجربة القاعديين بجامعة فاس في الثمانينات والتي اختتمها بالسجن في عين قادوس بفاس. ومنذ مغادرته السجن في سنة 1992 التحق بنقاش تجميع اليسار الذي انطلق منذ صيف 1990. هذا النقاش الذي افضى الى فرز ثلاث مكونات يسارية: “الحركة من أجل الديمقراطية”، “الديمقراطيون المستقلون” و”النهج الديمقراطي”، فكان الرفيق مصطفى المريزق أحد أعضاء الحركة من أجل الديمقراطية. غادر المغرب في منفى اختياري منذ 1998، وانخرط في العمل النضالي “بجمعية العمال المغاربيين بفرنسا”، وحين عاد الى المغرب في منتصف العشرية الاولى من قرننا الحالي، استعاد التزامه اليساري في “حزب اليسار الاشتراكي الموحد” الذي تأسس في يوليوز 2002 بفعل الاندماج الذي تم بين أربع مكونات يسارية، وهي: الحركة من أجل الديمقراطية، الديمقراطيون المستقلون، منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، الفعاليات الديمقراطية. وحين انسحبت بعض العناصر من الحزب لتنخرط في تأسيس “حزب الأصالة والمعاصرة” التحق بهم لكنه بدأ يأخذ مسافة منه منذ 2016، فهل نلغي كل تاريخه النضالي اليساري، ونغض الطرف عن مواقفه الحالية والتزاماته في حركة قادمون وقادرون ونحتفظ فقط بمروره لبضع سنوات في الأصالة والمعاصرة. إنه ناطق باسم حركة تتكون من عناصر منحدرة من مكونات يسارية عدة، وعناصر لم يسبق لها الانتماء لأي حزب، وكل وثائق “منتدى مغرب المستقبل” ذات تعبيرات وأهداف يسارية. لذا أعتقد أن الاخوة الصحفيين والأخوات الصحفيات عليهم البحث والتدقيق وتتبع الجديد، والعمل على ما يشجع المواطنين والمواطنات على الاهتمام بالشأن العام والانخراط السياسي، وليس نشر التيئيس بالتشبيهات غير المتناسبة، التي تجعل الناس يقولون “هادشي شفناه، او ما باغيينش نعاودوه “.
*عضو منتدى مغرب المستقبل