"لا أحد يضيع في بيروت"... عنوانٌ اختارته اللبنانية عناية جابر لإحدى مجموعاتها الشعرية، من دون أن تدرك أنّ بيروت ستُضيّع لاحقًا كلّ من أحبّها وأدمنها وعاصر مرحلتها الذهبية. في بيروت التي لم تعد تشبه نفسها، بعد ضياع معالمها الثقافية الكبرى من صحفٍ ومسارح ومبانٍ أثرية ومقاهي الأرصفة. في المدينة التي عشقتها، رحلت عناية جابر، وحيدةً في بيتها في شارع الحمرا. لكنّ غيابها الهادئ خلّف حزنًا صاخباً بين الأصدقاء والزملاء والأحبّة. هكذا، تحولت الصفحات على وسائل التواصل إلى ما يشبه حفلة تأبين للشاعرة والفنانة عناية جابر، المولودة في بلدة السلطانية العام 1958.
وكان آخر ما دونته على صفحتها الزرقاء قبل أيام: "إذا لمست قلبي/ ولو بريشة/ يصرخ/ من الألم". هذه القصيدة تكشف كثيراً من حزن عناية وعزلتها وألمها الداخليّ الحميم، في عالمٍ مثقل بالداء والوباء والعنف والفساد.
كتّاب وصحافيون وفنانون من لبنان ودول العالم العربي حمعهم الحزن على عناية، التي نشرت في يوم ما أثناء عملها في السفير الكثير من نصوصهم، وكتبت عن أعمالهم، وغنّت لهم بصوتها وشاركتهم فرح بيروت وجمالها.
ومن هؤلاء زميلها في "السفير"، الشاعر والكاتب عباس بيضون، الذي نعاها بما يلي:
أن نقول لعناية جابر ما تريثنا في ان نقوله بلا سبب "أنت هي الشاعرة"
لشاعرة والروائية ربيعة جلطي: "آه يا عناية... يا صديقتي الشاعرة والفنانة المتفردة في كل شيء! صحيح أن هذا العالم قاس وشرس ولا يطاق، لكن رحيلك المفاجئ هذا أقسى وأشرس ولا يطاق.
بوجع تجتاحني الآن ذكريات لقاءاتنا ونقاشاتنا بمهرجان الشعر العربي بالقاهرة، ولحظات تقاسُمنا خبز الشعر ومائه على هذا الفضاء الأزرق الذي لم يعُد رحْبا. لروحك الشفافة الرحمة والسلام والسكينة يا عناية، ولمحبيك وعشاق شعرك وصوتك وريشاتك جميل الصبر.. قلبي مع فلذة كبدك".
ونعتها الكاتبة المصرية منصورة عز الدين قائلة: "لا يليق بعناية جابر الرثاء، وهي الشاعرة بكل ذرة فيها. رغم صدمتي بخبر رحيلها المفاجئ، لا أستطيع البكاء. لا يمكنني الكلام عنها بصيغة الماضي. أسمعها وهي تغني "حبيبي يسعد أوقاته"، وأستعيد ذكرياتي معها بين القاهرة وبيروت، فأنتبه إلى أن لا صورة واحدة تجمعني بها، كما هو الحال مع معظم أصدقائي المقربين..
أعود للرسائل بيننا، أقرأ فيها وأقول إن هذا الرحيل مزحة من تلك المزحات التي تجيدها، وستظهر بعده كي تطمئننا بدعابة جديدة تكتبها على الفيسبوك"...
الروائية اللبنانية لنا عبد الرحمن: "تعجلت عناية جابر الرحيل، كانت نابضة بالحياة والشعر والموسيقى... لكنّ قلبها لم يحتمل طبقات الألم المتراكمة في لبنان، روحها كانت أكثر هشاشة من رؤية الخراب واحتماله، فمضت بعيدًا، تاركة قصائدها لتحكي عنها أكثر. السلام لروحها".
وعلّق الكاتب والمترجم عيسى مخلوف على خبر وفاتها قائلاً: "دائماً نتأخّر في أن نقول للأنقياء إنّنا نحبّهم. كأنّها "ذهبت لتهرب من مشهد انهيار الحلم. وداعاً عناية جابر". بينما كتب سيد محمود، الصحافي والناقد المصري: "أسوأ وداع ليوم طويل هو ان ترثي صديقة مثل الشاعرة والصحافية اللبنانية عناية جابر التي احتفت بالجميع وكانت في كل زيارة لمصر تغنى وتقول لا تملك وانت في مصر الا ان تغني، في بيروت كنت اقابلها وتحملني السلام والكتب لكل من احبت في مصر فقد كانت روحها معلقة هنا".
https://www.annaharar.com/arabic/culture/news/11052021022222041